تعدد الشخصية: أرجوك افهمني

رد المستشار

fiogf49gjkf0d

الأخت العزيزة، أهلا وسهلا بك على موقعنا مجانين، لست أدري في الحقيقة لمَ لم تخبرينا بتلك القصة الطويلة علنا نستطيع مساعدتك في حل مشكلتك، ولمَ لم تخبرينا من كان ضيف برنامج أرجوك افهمني؟

فمن بين مستشاري مجانين لدينا أكثر من ضيف في حلقات مختلفة من ذلك البرنامج اللطيف الخفيف، ولا حتى قلت لنا ماذا كان عنوان الحلقة لكي نعرف من كان، فهل كان الضيف هو الدكتور أحمدعبدالله أم الدكتور محمدالمهدي أم مجيبك؟على أي حال نحن في انتظار تلك القصة الطويلة وسنعطيك موجزًا سريعا عن اضطراب تعدد الشخصيةMultiple Personality Disorder فهذا هو الاسم العلمي وليس ازدواج الشخصية.

يعتبر اضطراب تعدد الشخصية أحد الاضطرابات النفسية النادرة التي تندرج حسب التصنيفات الحالية تحت مسمى الاضطرابات التفارقية الانشقاقية (التحويلية) Dissociative Conversion Disorders، وهي مجموعة اضطراباتٍ صُنِّفت سويا على أساس اشتراكها في سمة معينة هي الفقدان الجزئي أو الكلي للتكامل السوي بين ذكريات الماضي وإدراك الهوية والأحاسيس المباشرة، بالإضافة إلى التحكم المباشر في الحركات الجسدية،

فبينما نجد التكامل بين كل هذه الوظائف حاضرا في الإنسان الطبيعي الواعي الذي يستطيع أن يتحكم في ذاكرته وأحاسيسه بدرجة معقولة ليجعلها تحت السيطرة والانتباه المباشر ويختار الحركات والأفعال التي يقوم بها بناءً على ذلك التكامل، فإننا نجد هذه القدرة تختل بدرجةٍ أو بأخرى في مرضى الاضطرابات التفارقية الانشقاقية، وكثيرا ما تتباين تلك الدرجة من التحكم الواعي والانتقائي في هذا الاختلال من يوم لآخر وربما من ساعة لأخرى في المريض/المريضة.

وأما اضطراب تعدد الشخصية الذي تسألين عنه ففضلا عن ندرته فإن الاختلافات بين الأطباء النفسانيين فيما يتعلق به تصل إلى درجة أن البعض ينكرُ وجوده أصلا، كما تختلف الآراء حول مدى كونه علاجي المنشأ Iatrogenic (أي بسبب بعض أنواع العلاج التحليلي والإيحائي) أو مرتبطا بثقافة معينة، وغير ذلك كثير من الاختلافات التي لا مجال هنا للخوض فيها، والسمة الأساسية في هذا الاضطراب هي وجود شخصيتين متميزتين أو أكثر على نحو واضح لدى الشخص، ولكن لا تبدو إلا شخصية وحدة فقط في أي وقت، وكل شخصية من هذه الشخصيات مكتملة، لها ذكرياتها الخاصة وسلوكها وأولوياتها، وربما تكون هذه الجوانب متباينة كثيرا مع الشخصية الأصلية التي كانت تسبق حدوث المرض.

والصورة الأكثر شيوعا هي وجود شخصيتين، وعادة ما تكون إحدى هاتين الشخصيتين هي الغالبة، ولكن لا تتواصل ذكريات إحدى الشخصيتين مع ذكريات الشخصية الأخرى، كما أن كل شخصية منهما لا تدري بوجود الشخصية الأخرى، وعادة ما يحدث التحول من إحدى الشخصيتين إلى الأخرى للمرة الأولى على نحو فجائي ويكون ذلك مرتبطا برضوح (صدمات نفسية) أليمة، أما التحولات اللاحقة فهي غالبا مقصورة على وقوع أحدث فاجعة أو مسببة للكروب، أو تقع أثناء جلسات علاجية تنطوي على الاسترخاء أو التنويم المغناطيسي أو التحليل النفسي.

وهناك كثيرٌ من الأعمال الأدبية والسينمائية والتليفزيونية التي تعرضت لهذا الاضطراب حتى جعلته مشتهرا بين الناس بدرجة تتناقض مع معدل انتشاره أصلا مقارنة باضطرابات نفسية أكثر شيوعا ولكنها لا تلقى أي اهتمام خاصة في الأعمال الفنية العربية، ولعل سبب ذلك هو الجاذبية التي يمكنُ أن تتمتع بها تلك القصص، ولعل هذه الشهرة لاضطراب تعدد الشخصية هي أحد أسباب الخلط الكبير الموجود لدي كثيرين من الناس بينه وبين اضطراب الفصام Schizophrenia الأكثر انتشارا بكثير، فعلى سبيل المثال إذا سألت مجموعة من صديقاتك عن مرض الفصام ستجيبك نسبةٌ كبيرة منهم بأنه يعني أن تكونَ لدى الشخص أكثر من شخصية.

والوصول إلى تشخيص مؤكد لمثل هذه الحالة أمرٌ غير سهل بالمرة، ويعتمد العلاج في معظم الأحوال على طرق العلاج النفسي العميقة Deep Psychotherapy التي تحتاج إلى وقت وجهد كبيرين سواء من الطبيب أو المريض، ولا نستطيع معرفة لا معدل انتشار هذا الاضطراب ولا معدل حدوثه نظرًا لأن التشخيص كما قلت لك أمرٌ صعب وقد يختلف عليه.
أتمنى أن أكون بإجابتي هذه قد أعطيتك فكرة عن ما تسألين عنه.
وأهلا وسهلا بك وفي انتظار قصتك الطويلة.

 مشاركة >>>>>>>>>>>>>>>>> تعدد الشخصية أرجوك افهمني مشاركة 

المستشار: أ.د وائل أبو هندي