رد على إنسان موسوس عصبي

رد المستشار

fiogf49gjkf0d

البريد الإلكتروني الذي أرسلته لنا يا عزيزي يحتوي على وصف كلاسيكي لحالة التوتر والقلق والهلع وتحسب الخطر والخوف منه رغم عدم حدوثه وقبل كل شيء: (الخوف ـ ضيق التنفس ـ جفاف الريق ـ إحساس بالموت ـ اضطرابات القلب ـ الوسواس عند النوم).

هذه حالة هلع وذعر مرتبطة بالخوف القهري من الموت فكرة متسلطة مرتبطة بحالة وجدانية انفعالية مرضية لابد من كسر طوقها وإزالة دوافعها وكوامنها، علاجها يكون بما يسمى العلاج التحليلي المعرفي.(Cognitive Analytical Therapy) وهو يجمع ما بين (التحليل النفسي) لمعرفة كوامن المرء ودوافعه، و(المعرفي) أي المفاهيم النفسية الخاطئة التي تؤدي إلى خاطئ يؤدي إلى حالة نفسية سيئة.

ويضيف الدكتور وائل أبو هندي، أهلا وسهلا بك على موقعنا مجانين، وشكرا على ثقتك، الحقيقة أنني تجبرني إجابات المستشار الكبير الدكتور خليل فاضل، على قراءتها فهو يبدأ علاجه التحليلي النفسي وهو في منتهى الوعي بوظيفته كطبيب ومعالج نفسي تحليلي،

ولذلك يذكرُ نفسه بأن لكل كلمةٍ موعدها وأننا لابد أن ندرك أن التعامل مع نص إليكتروني يعزى إلى كائن بشري يقول أنه يعاني من كذا وكذا، يختلفُ تماما عن التعامل مع الكائن نفسه وجها لوجه خلال المقابلة التشخيصية أو العلاجية بينهما، وهو لهذا السبب غالبا ما يوجزُ إيجاز من احترفوا الكتابة الأدبية والثقافية النفسية،

فيكثفُ الأفكار مبعدا نفسه عن متاهات التصنيف التي يختلف فيها الأطباء النفسيون من أصحاب الفكر النفسي والفلسفي، ولا يتفق عليها إلا المتأثرون بالتصنيف الأمريكي الرابع DSM-IV، وبعضٌ من المتبعين للتصنيف العالمي"الغربي" العاشر الأخير ICD-10 الذي يمنح بعض الحرية في التشخيص ويفسح أيضًا بعض المكان لنظريات غير المختزلين كل شيء إلى مادة (Non-Reductionist Theories)،

وأنا أظنه كتصنيف أفضل وأكثر اتساعا من التصنيف الأمريكي في عملنا اليومي ولذلك تأثرت به في عملي وتفكيري، ولعلنا نستطيع يوما وضع تصنيف عربي للأمراض ولنا في ذلك تجارب تاريخية ومعاصرة مع وقف التنفيذ كتصنيف الجمعية المصرية للأطباء النفسيين الحرب DMP-1،

والذي جاهد أستاذنا الدكتور يحي الرخاوي وما يزال يجاهد وإن على استحياء علمي موضوعي، لكن قرار عدم التنفيذ طبق ولم يصل التصنيف المصري الحديث الوحيد إلى طموحه بأن يكونَ نواة للتصنيف العربي للأمراض النفسية (الأول الذي لم يوضع في عصرنا)، كما نتمنى أن يوضع التصنيف العربي الإسلامي للأمراض النفسية، ومالك أنت بأمانينا عزيزي صاحب الاستشارة.

ما رأيك في أن أعطيك جلسةً نفسية معرفية "إليكترونية" على الإنترنت، ودافعي هو الرد على ما فهمته عنك، وأنت تقول فحص قلبك لتتأكد من أنك سليم من الناحية القلبية، وعرفت عندها أنك فقط إنسان موسوس، وكأن ما عرفته لا يجب أن يتخذ ضده إجراء ما لحمايتك من تأثيرات الوسوسة السلبية لحياتك، وكأنك ستستسلمُ لوسوستك؟ 

فهل هكذا يعلمنا ديننا الذي يأمرنا بطلب العلاج، على أي حال ولأنك ضيفي سأقول لك ما لم يقله الدكتور خليل لأنه لا يراك وجها لوجه، أقوله أنا كانطباع مبدئي عن حالتك قد يصدق أو يخيب على حد سواء، وما سأقوله يقع في مرتبة الإنارة لا الاستشارة، فمن أشار عليك هو الدكتور خليل فاضل وليس أنا، ولكنني فقط أقول لك في نقاط: 

أولاً:- حالتك تقع ضمن نطاق الوسواس القهري :: مفهوم الوسواس القهري، وإن لم تكن المعلومات المتوفرة بهذا الشأن كافية حسب معلوماتي الحالية، وتقع في التصنيف العاشر في اضطرابات القلق الرهابي،

وتسمى رهاب الساحة، وتحدثُ فيها أعراض الخوف/القلق/الرعب/الذعر/الهلع، وتسمى عند شدةٍ معينة يحددها الطبيب النفسي بــ نوبات الهلع!؟! ورغم أن المسار أحيانا يكونُ من نوبات الهلع إلى رهاب الساحة إلا أن عندنا ما يشبه الفكرة التسلطية وإن كنت لا ترفضها بل تستسلم لها وتستجيب، لكنها ملحة، كما أن نوبات الهلع هي نوبات تحدثُ في حالتك استجابة لمواقف أو أفكار معينة ولا تحدث تلقائيا، وهو ما يجعل تشخيص حالتك صعبا بعض الشيء من خلال الإنترنت. فغالبا ما سترجع إلى خوفك من نوبات الهلع السابقة وأظن العلاج النفسي سيفيدك كما ستفيدك الروابط التي أحلناك إليها.

واعلم يا أخي أن منظومة اضطرابات القلق الرهابي Phobic Anxiety Disorder، بما فيها رهاب الساحة وغيره، وإن كانت في هذا الشكل أشد إيصالا في حالة التعايش معها دون علاج إلى حالة البقاء بين أربعة جدران في البيت خوفا من حدوث النوبة -والتي لا نعرف بالتحديد ماذا من أفكارك يرتبط بها غير ما قدمته لنا كوسواس،

باختصار إذن نحن نشير عليك باللجوء إلى أقرب طبيب نفسي متخصص ليشخص حالتك ويتفق معك على العلاج المناسب، وأهلا وسهلا بك دائما فتابعنا بأخبارك.

المستشار: د. خليل فاضل