إهـــــداء إلى:
- كل من ساهم في حركة الشعوب، في البلاد العربية، ضد الاستعباد، والاستبداد، والاستغلال.
- الشعوب، في البلاد العربية، التواقة إلى الحرية، والديمقراطية، والعدالة الاجتماعية.
- إلى الشعبين العظيمين: في تونس، وفي مصر، الحريصين على الذهاب بثورتهما إلى أن تتحقق كل طموحاتهما.
- من أجل أن تستمر الثورة في البلاد العربية، حتى يتم القضاء على معاقل الاستعباد، والاستبداد، والاستغلال.
- من أجل الرفع من وتيرة تعبئة الشعوب، حتى تحقيق الحرية، والديمقراطية، والعدالة الاجتماعية.
مفهوم الثورة:.....1
إننا عندما نتأمل مفهوم الثورة، فإننا نجد أن هذا المفهوم، يأخذ دلالته من السياق الذي يرد فيه. فالعمل على إرجاع الواقع القائم إلى الوراء، انطلاقا مما عرفه من عاشوا في العصور السابقة، يعتبر ثورة، حسب القائمين بذلك، وهو، في الواقع، ليس إلا ثورة مضادة. والعمل على تحويل الدولة، من دولة مدنية، إلى دولة دينية، يسميه العاملون عليه بالثورة، وهو، كذلك، ليس إلا ثورة مضادة. والعمل على إرجاع النظام الاشتراكي، إلى نظام رأسمالي، يسميه أصحابه بالثورة. وهو، في الواقع ليس إلا ثورة مضادة، وهكذا...
أما الثورة، في حقيقتها، فليست هي ما ذكرنا، إنها الانتقال بالواقع الاقتصادي، والاجتماعي، والثقافي، والسياسي، إلى ما هو أرقى، عبر مجموعة من التحولات العميقة، التي تعرفها الشعوب في بلاد معينة، سعيا إلى تحقيق الطفرة المنشودة، التي تقطع مع الماضي، في تجلياته المختلفة، والانتقال إلى عمق المستقبل، عبر التحرر من الاستعباد، الذي يجعل العرب راكعين، وساجدين إلى الحكام، على مدى الزمن الرديء، ومن خلال وضع حد للاستبداد، الذي حرم الشعوب من حقوقها الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والمدنية، والسياسية، في مقابل استمرار مطالبة الشعوب العربية بتحقيق الديمقراطية، بمضامينها الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والسياسية، ومن خلال القطع مع كافة أشكال الاستغلال، من خلال الحرص على التوزيع العادل للثروة، على مجموع أفراد الشعب، في كل بلد من البلاد العربية، حتى تطمئن الشعوب على مستقبلها، وتنخرط عمليا في بناء حضارتها، على مستوى:
1) بناء الدولة / الثورة، التي يكون من بين مهامها:
أ ـ حماية الثورة، من خلال الحرص على حماية مكتسباتها، والعمل على تطور تلك المكتسبات، وتطويرها في الواقع الاقتصادي، والاجتماعي، والثقافي، والسياسي.
ب ـ رصد وتتبع مخلفات النظام السابق، في مختلف القطاعات الاجتماعية، وفي الواقع الاقتصادي، والاجتماعي، والثقافي، والسياسي، والعمل على تطهير المجتمع منها، للقطع مع امكانية عودة ممارسة النظام السابق، من خلال تلك المخلفات، وعبر العناصر التي كانت تنتمي إليه، والتي سوف تحرص على عودته.
جـ ـ بناء المؤسسات التمثيلية، على أساس دستور ديمقراطي، وانطلاقا من قوانين انتخابية، تضمن سلامة الانتخابات، ونزاهتها، حتى تعكس تلك المؤسسات احترام إرادة الشعب.
د ـ إعادة النظر في القوانين، والتشريعات الموروثة عن النظام السابق، حتى تنسجم مع المستجدات الجديدة، الناجمة عن القضاء على النظام السابق، والعمل على إيجاد القوانين، والتشريعات، التي تقتضيها ضرورة التطور الاقتصادي، والاجتماعي، والثقافي، والسياسي، المترتب عن تحقيق أهداف الثورة.
هـ ـ الحرص على تمتيع جميع أفراد الشعب بالحقوق الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والمدنية، والسياسية، انطلاقا من المواثيق الدولية المتعلقة بحقوق الإنسان، ومن القوانين الوطنية المتلائمة معها، من أجل تحقيق إنسانية الإنسان، وإنسانية الشعب.
2) إيجاد تعليم وطني ديمقراطي شعبي متحرر، من خلال:
أ ـ جعل المدرسة العمومية، في متناول كل من بلغ سن التمدرس، على المستوى الوطني، وفي كل القرى، كما في كل المدن.
ب ـ إيجاد البنيات التحتية، من أقسام، وطرق، وكهرباء، وماء، وسكن، حيثما تواجدت المدرسة لضمان استقرار المدرسة، والعمل على جعل مردوديتها مرتفعة، لتمكين أبناء الشعب من تجاوز التخلف، الذي كان يكرسه النظام، الذي أسقطته الثورة.
جـ ـ إعادة النظر في البرامج الدراسية، لتحقيق هدفين أساسيين:
الهدف الأول: جعل هذه البرامج متلائمة مع المستجدات الناجمة عن الثورة، ومن أجل أن يصير التعليم وسيلة ناجعة، لحماية مكتسبات الثورة.
والهدف الثاني: صيرورة البرامج الدراسية، متلائمة مع المواثيق الدولية المتعلقة بحقوق الإنسان، حتى لا تتحول البرامج الدراسية، إلى وسيلة لنشر الانتهاكات الجسيمة بين المتعلمين، الذين قد يقدمون على القيام بها، على أنها فعل مشروع، ومن أجل أن تصير البرامج الدراسية، وسيلة لامتلاك الوعي بالحقوق الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والمدنية، والسياسية، والعمل على حمايتها.
د ـ الحرص على أن تصير البرامج المعمول بها في جميع الميادين، وفي ميدان التعليم بالخصوص، خالية من كل ما يتناقض مع العقل، من خلال اعتماد المنهج العلمي، في إعداد البرامج المذكورة، التي يجب أن تكون منسجمة مع الواقع، في تفاعلاته، وفي تحولاته المختلفة، وفي تطوره الى الأحسن.
هـ ـ الحرص على إعداد الأطر الجيدة، لجميع المستويات التعليمية، وفي جميع التخصصات المطلوبة، على أن تكون مشبعة بالروح الوطنية، وبروح المسؤولية، وبالإخلاص المعني، وأن تعتبر التعليم رسالة، يجب أن تبلغها إلى الأجيال الصاعدة، التي تعتبر مشروع الأمل في المستقبل المتطور، وباستمرار.
و ـ توفير الوسائل التعليمية الضرورية، ولجميع المستويات التعليمية، حتى تصير في خدمة إنجاح وجود العملية التربوية / التعليمية / التعلمية، التي تنعكس إيجابا على مستوى ارتفاع المردودية، وجودتها.
وهكذا، يتبين أن التعليم الوطني الديمقراطي، الشعبي، المتحرر، لا بد له من مدرسة عمومية في متناول الجميع، وإيجاد البنيات التحتية الضرورية، وإعادة النظر في البرامج الدراسية، وصيرورة البرامج خالية من كل ما يتناقض مع العقل، وإعداد الأطر الجيدة، والمسؤولة... وتوفير الوسائل التعليمية الضرورية، حتى يصير في مستوى ما يجب أن يكون عليه في عصر يتطور فيه كل شيء، إلى ما لا نهاية. والتعليم لا يكون وطنيا، ولا يكون ديمقراطيا، ولا يكونن شعبيا، ولا يكون متحررا، إذا بقي محكوما بالقوالب الجاهزة، وإذا لم يستجب لطموحات الشعب، ولروح العصر.
3) إيجاد إعلام وطني / ديمقراطية / شعبي / متحرر، من خلال:
أ ـ الوضوح في الرؤيا، وقول الحقيقة، مهما كانت مرة، حتى يوضع جميع أفراد الشعب في الصورة الإعلامية، ومن أجل أن تصير الحقيقة الإعلامية، والوضوح الإعلامي، في خدمة العلاقات الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والسياسية القائمة بين أفراد الشعب، المعني بذلك الإعلام.
ب ـ أن يكون الإعلام ديمقراطيا، مفتوحا على جميع الرؤى، والتصورات القائمة في المجتمع، حتى يصير جميع أفراده على بينة مما يجري فيه، وعلى جميع المستويات، وفي مختلف المجالات: الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والسياسية، دون أن نجد رأيا معينا، لا يجد طريقه إلى الإعلام، حتى لا يصير محروما من الوصول الى المعنيين به، ودون أن يحرم فرد من أفراد المجتمع، من العلم برأي معين.
جـ ـ ان يصير الإعلام مجالا للصراع بين الآراء، صراعا ديمقراطيا، بهدف جعل مستهلكيه مساهمين في ذلك الصراع الديمقراطي، والذي قد يكون منتصرا لهذا الرأي، أو ذاك، ومفندا لهذا الرأي، أو ذاك، وعن طريق الإعلام الذي صار في متناوله. وهو ما يجعل الإعلام وسيلة للرفع من المستوى الفكري، والمجالي، والنظري، لمجموع أفراد الشعب، المتتبعين لوسائل الإعلام، التي تعنيهم، ووسيلة من وسائل تكوينهم.
د ـ أن يصير الإعلام وطنيا، بتسييده للقيم الوطنية، وترسيخها في مسلكية أفراد الشعب، وبمعالجته لمختلف القضايا الوطنية: الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والسياسية، من تحقيق الشعور بالانتماء الوطني، لمجموع أفراد الشعب، الذين تتحرك في وجدانهم الوطنية الصادقة، فيدافعون عن الوطن، وعن المواطنين في أماكن تواجدهم على المستوى الوطني، وفي جميع أنحاء العالم.
هـ ـ أن يصير الإعلام شعبيا، بصيرورته في متناول جميع أفراد الشعب، مهما كان مستواهم الفكري، وباللغة التي يفهمونها، وانطلاقا من التعدد اللغوي السائد بين أفراد الشعب الواحد، ورغبة في صيرورة المعلومة متاحة للجميع، مهما كانت اللغة، أو اللهجة، التي يستعملها، ومهما كان عمره، ومهما كان مستواه التعليمي... الخ.
و ـ أن يصير الإعلام متحررا من التبعية للدولة، أو لأي جهة من الجهات، حتى يصير إعلاما مستقلا، يستطيع أن يتعامل مع الجميع، وان يتوجه للجميع، انطلاقا من استقلاليته، حتى يقوم بدوره كاملا، لصالح الشعب المعني بذلك الإعلام، وأن يكون في متناول الجميع، حتى لا تحجب المعلومة عن الشعب، وسعيا إلى أن يصير ترويج المعلومة، ووصولها إلى المعنيين بها، حقا من الحقوق، التي يجب ان تكون مقدسة.
فالإعلام الوطني / الديمقراطي / الشعبي / المتحرر، هو إعلام واضح، ومعبر عن حقيقة ما يجري في الواقع، وديمقراطي في تعامله مع مختلف الآراء، وفي استجابته لمختلف الفئات الاجتماعية، ولمختلف الطبقات المتصارعة إيديولوجيا، وسياسيا، وبجميع اللغات، واللهجات المستعملة بين أفراد الشعب، ومجال للصراع بين الآراء، ووطني في توجهه، وفي اهتمامه بالقضايا الوطنية، وشعبي، بصيرورته في متناول جميع أفراد الشعب، ومتحرر من التبعية للدولة، أو لأي جهة، كيفما كانت، من اجل أن يصير إعلاما مساهما في التطور، والتقدم، أو في العمل على تحقيق الحرية، والديمقراطية، والعدالة الاجتماعية.