في اليوم التالي لفوز الدكتور محمد مرسي في الانتخابات الرئاسية، انتشرت في قطاع غزة نكتة تقول: اتصل الرئيس المصري المنتخب برئيس الوزراء الفلسطيني المنتخب، وسأله: كيف تدبرون أمركم في قطاع غزة مع انقطاع التيار الكهربائي؟..... قال السيد إسماعيل هنية: نطبق برنامج قطع الكهرباء عن أحياء بكاملها لعشرة ساعات أو أكثر، لنزود مناطق أخرى انقطعت عنها الكهرباء لنصف يوم أو أكثر. وأضاف إسماعيل هنية فرحاً: هل أفهم من سؤالكم يا سيادة الرئيس، أن لديكم النية في مساعدة قطاع غزة، وتوفير ما يحتاجه السكان من طاقة كهربائية؟ ...... فقال الرئيس المصري: على العكس من ذلك، أريد منك أن ترسل لنا في مصر تجربتكم في هذا المجال، فإننا بصدد تطبيق برنامج قطع الكهرباء المعمول فيه في قطاع غزة على سكان جمهورية مصر العربية!
النكتة السابقة سمجة، وغير مضحكة، ولكنها تفضح العقلية التي تآمرت على قطاع عزة بعد فوز حركة حماس في الانتخابات البرلمانية، هي العقلية نفسها التي تتآمر على مصر العربية بعد فوز الدكتور محمد مرسي برئاسة الجمهورية، ويكفي التدقيق في انقطاع التيار الكهربائي عن القاهرة الكبرى، وما يرافق ذلك من تشويش للحياة العامة، ومن تعطيل للمصانع، وتوقف لمحطات المترو، لندرك أن الذي يجري في مصر هو عمل تخريبي متعمد، لا يقف من خلفه أفراد، ولا هو ناجم عن أعطال فنية، ولا هو نتاج نقص في الطاقة الكهربائية، إن الذي يجري في مصر هو نتاج تنسيق أمني بين أعداء الثورة المصرية من متكسبين ومنحرفين محليين وعرب ودوليين، ينظمون عمليات التخريب التي لا تهدف إلى الإساءة للرئيس المنتخب بمقدار ما تهدف إلى تكسير عظم الدولة المصرية، وسلخ لحم تماسكها، وتحطيم روح التمرد التي سكنت مفاصل المصريين!.
في مطلع هذا العام 2012، أقمت في مصر لمدة ثلاثين يوماً، لم ينقطع خلالها التيار الكهربائي عن شبرا مصر لدقيقة واحدة. فما الذي تغيير منذ شهر يناير حتى شهر يوليو؟ هل تضاعف عدد المصريين؟ أم هل تضاعف عدد المصانع؟ أم هل تكاثر المتآمرون؟!
التجربة الفلسطينية تقول: إذا كان قطاع غزة الذي لا يتجاوز عدد سكانه سكان حارة صغيرة في مصر، قد انتصر على الانفلات الأمني المتعمد، وكسر رأس المنفلتين، وإذا كان قطاع غزة الذي لا تتجاوز مساحته مساحة ميدان رمسيس في القاهرة، قد انتصر على محاصريه، وصمد مع انقطاع التيار الكهربائي، ورفع رأس الواثقين، وإذا كان قطاع غزة الذي تلفه إسرائيل بحقدها، وتطبق عليه بجيشها، قد انتصر بإرادته على جبروت جلاديه، فمن باب أولى أن تنتصر مصر العربية، وأنت تزهو بكرامتها على كل المتآمرين.
إن مصر بلاد الله الواسعة، إن مصر كرامة العرب الساطعة، إن مصر أمة قد رفعت رأسها، ولن تركع لغير خالقها، بعد أن تذوقت لذة التمرد، وكسرت قمقم القمع، وانطلق عملاق الكرامة في سمائها، إن مصر التي تنفست الحرية بانتخاب الرئيس محمد مرسي، لن تعود إلى العبودية، حتى لو جاعت، ولو عطشت، ولو باتت على العتمة، ولو توقف مؤقتاً حالها، فمصر أعظم من أعدائها، ومصر هي التي تضيء الشرق كله بالمحبة رغم ثقل أحمالها.
واقرأ أيضاً:
ما أجمل أن نكون هناك/ إسرائيل وحرب «السايبر»/ الجنود العرب في جيش إسرائيل/ لعبة وخيوط تتحرك في مصر/ مسار الثورة: رقعة الشطرنج