سؤال يلازمني ويتعبني، خلاصته، بماذا نختلف عن الشعوب الأخرى؟
وقد كتبَ الأخوة المفكرون والباحثون الكثير من الدراسات، وطرحوا النظريات، وكلها لم ترسم خارطة الخلاص أو التحرر من قيد المعضلة.
وقد كتبتُ العديد من المقالات على مدى العقود محاولا الاقتراب من الحالة بأسلوب علاجي وتصويبي، وانتهيت إلى أننا لا نقرأ ولا نسمع إلا ما فينا، ولا نتعلم من تجاربنا، وإنما نستلطف تكرارها، والتلذذ بإيلام بعضنا وغير ذلك وذلك.
وبعد محاولات ومحاولات، تبين أن الشعوب الأخرى، كانت أتعس منا وعاشت ظروفا أقسى وأمرّ، لكنها جميعا تشترك بقدرةِ وشجاعةِ مواجهة النفس، وتدرك أن الثورة الحقيقية تكون بثورة الإنسان ضد نفسه، لا ضد أخيه الإنسان وحسب.
فالشعوب الأخرى التي تقدمت وعاصرت، ثارت على أنفسها، وتظاهرت ضد ذاتها، فصححت أفكارها ومساراتها ونظرياتها وسلوكياتها، ونظرتها للحياة بماضيها وحاضرها ومستقبلها.
ولهذا تساءلتُ: لماذا لا نحتج على أنفسنا، بدلا من الإحتجاج على بعضنا؟
إن مشكلتنا الكبرى ومعضلتنا العظمى، هو في إنكار حقيقة المشكلة وخداع أنفسنا وتبرئة ذاتنا من المسؤولية، ورمي الأسباب على الآخر، ودائما يكون هو الحكومة أو النظام الحاكم، وما تمكنا من التوصل إلى عقد اجتماعي يجمعنا ويحقق مصالحنا.
فنحن ننأى بأنفسنا عن الأنظمة السياسية، ونحسبها قد جاءت من كوكب آخر، وليست مولودة من رحم الحالة المتحققة في المجتمع، ووفقا لهذا الفرز، يتواصل المجتمع في دائرة مفرغة من الصراعات الخاسرة المدمرة لجميع الأطراف والأنظمة والحالات.
وكأننا في ناعور من الويلات والتداعيات، ندوّره بسواعدنا وكل ما فينا من الطاقات.
ولكي نتعافى من مآسينا وآلامنا المتراكمة، لابد لنا من التظاهر ضد أنفسنا، والثورة على أحوالنا لكي نكون.
ترى هل لدينا القدرة النفسية والفكرية والروحية لمواجهة ذاتنا، ومراجعة ما فينا وطرد الضلال والبهتان وتحقيق الإشراق الحضاري المعاصر في واقعنا الإجتماعي؟!
إن الإنسان لايكون إذا لم يمتلك مهارات التصدي الواعي لنفسه، والشعوب لا تتحقق وتعبّر عن دورها الحضاري ورسالتها، إن لم تنتصرعلى نفسها، وتحتج على واقعها، وترتقي إلى ما يليق بها ويمثلها من القدرات والطاقات التي تدّخرها.
فليتظاهر كل منا ومن موقعه ضد نفسه، لكي يصححها وينوّرها بمعالم الطريق الصالح الصحيح، وإلا فأنّ كل ما نعبّر عنه عبارة عن سلوكيات إسقاطية، لتبرئة الذات وإختراع قميص يلائم ما في نفوسنا الخفية الفاعلة من حولنا والمتحققة في واقعنا الأليم.
فهل سنستحضر إرادة الاحتجاج الحقيقي؟!
واقرأ أيضاً:
الكرسي وصناعة الكراهية / السقوط الثوري / الفوز للكرسي أم للوطن؟ / الشك الثوري / الأزمة الثورية
التعليق: لا إله إلا الله!!
يفكر الباحثون المنصفون عقوداً، وتُنشأُ علوم وتكتب أبحاث....، لتكون النتيجة مطابقة لما كان يقوله علماء الشريعة منذ قرون، فلا يلقون إلا الاستهزاء...
يستهزأ بهم فيقال: (إلى متى نظل ندور في فلك "كما تكونوا يولى عليكم"؟؟!! علينا أن نثور ونغير ونغضب!!)
ونسوا أن أول دولة عادلة في الإسلام، قامت في المدينة المنورة بعد أن ثار الصحابة -عليهم رضوان الله تعالى- على أنفسهم أيما ثورة، فغيروها من الجذور بالتزامهم لفضائل الشريعة -وكلها فضائل-
ولكن يا ليت قومي يعلمون....، ولأوقاتهم يوفرون!!!
نعم...، تغيير الفساد مطلوب أياً كان مصدره...، لكن من العبث البدء بتغيير الفساد الخارجي، قبل تغيير الفساد الداخلي..