الثورة السورية بين العنف واللاعنف5
قال ربنا في كتابه الكريم: {وَنُرِيدُ أَن نَّمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوَارِثِينَ} القصص5، والإسلاميون مع غيرهم من الفئات التي استضعفت في بلدان العالم العربي على مدى عشرات السنين وكان مكانها المعتقلات والسجون ونصيبها القتل والتعذيب، هم اليوم المرشحون قبل غيرهم ليكونوا أئمة الناس في بلدانهم، وكلمة أئمة في القرآن والحديث تعني رؤساء الناس وحكامهم أكثر مما تعني أئمتهم في صلاة الجماعة.
الإسلاميون العرب اليوم أمام تحدٍ كبير ربما لم تتح لهم ظروف القهر ومحاولة الاستئصال التي كانوا واقعين تحتها أن يستعدوا له، وهو كيف سيحكمون هذه الشعوب التي ثارت وقدمت الشهداء من أجل تحررها من الاستعمار الداخلي المتمثل بالطغاة والمستبدين الذين حكموها لصالح الاستعمار الخارجي الذي خرج منها ليترك بدلاً عنه وكلاءه وعملاءه يحققون له ما يريد. الإسلاميون الآن أمام استحقاقات تبدو متعارضة ومتناقضة ما لم نجد لها المخرج المناسب.
قواعدهم التي تربت على أن الإسلام دين ودولة وقدمت التضحيات وهي تناضل لتحقيق حلم الدولة الإسلامية ينتظرون من قياداتهم التي بدأت تتسلم شيئاً من مقاليد السلطة أن تحقق لهم هذا الحلم الذي طال انتظاره. وبالمقابل جماهير الشعوب العربية المختلفة بتكويناتها المتنوعة عرقياً ودينياً وثقافياً تنظر لهم بقلق وتوجس، فهي تخشى أن تتحرر من طغيان لا ديني لتقع تحت طغيان يقهر الناس باسم الإله.
ثلاثة نماذج عرفها العالم المعاصر للدولة الإسلامية أولها الجمهورية الإسلامية في إيران حيث ولاية الفقيه وهيمنته على كل عناصر السلطة والقرار مما يفقد الديمقراطية لديهم الكثير من فعاليتها وحقيقيتها، والنموذج الطالباني في أفغانستان الذي أعطى صورة بشعة للدولة الإسلامية بسبب تخلف الذين أقاموه في مجال فهمهم للإسلام وفي مجال العلوم المعاصرة، فكانوا مثالاً منفراً من الدولة الإسلامية رغم طيبتهم وإخلاصهم وحسن نواياهم.
ويبقى النموذج الثالث القائم للدولة الإسلامية وهو نموذج المملكة العربية السعودية، وهو نموذج لا ترغب فيه الشعوب العربية ولا تتطلع إلى تقليده، لأنه نموذج ينتمي إلى زمن قديم ويتطور ليستوعب قيم المعاصرة والتحديث في المجالات الاجتماعية والسياسية ببطء لا يغري الشعوب بتقليده. ثم ظهر مؤخراً نموذج دولة العدالة والتنمية في تركيا الذي أثبت نجاحه وأثبت للناس أن الإسلام هو الحل حتى لو كان من دون شريعة.
أردوغان وحزبه كانوا واقعيين وعقلاء وأدركوا أنه لا أمل على المدى القريب والمتوسط في إعادة تركيا إلى حكم الشريعة الإسلامية، وأنه لا بد من عمل شيء عاجل لتحسين معيشة الناس والنهوض ببلادهم اقتصاديا وعلمياً وسياسياً من خلال إعطاء الفرصة لترسُّخ قيم الديمقراطية والحرية في المجتمع التركي، وحرمان الجيش التركي -الحاكم الحقيقي لتركيا- من أية مبررات أمام الأتراك وأمام الدول الغربية التي يعمل لإرضائها، لإجهاض العملية الديمقراطية كما سبق له أن فعل كلما قوي نفوذ الإسلاميين هناك وصار يهدد العلمانية عندهم، العلمانية التي اشترى بها أتاتورك استقلال تركيا عندما تهدد بشدة أثناء الحرب العالمية الأولى، فضحى بالشريعة والإسلام ورضي العلمانية وتحجيم دور الدين في المجتمع، مقابل أن يضمن الحلفاء استقلال تركيا وتخرج القوات البريطانية واليونانية من الأجزاء الكبيرة من تركيا التي وقعت تحت احتلالهما.
ما يزال استقلال تركيا منقوصاً لأنه مشروط بعلمانية مفروضة عليها من خارجها وتحرسها قوى عسكرية ارتبطت مصالح أشخاصها باستمرار العلمانية رغم أنها مرفوضة من أغلبية الشعب التركي، لكن تبقى القوة هي التي تفرض ما تشاء إلى أن يُعِدَّ الحق ما استطاع من قوة ليزيل الظلم والطغيان. أردوغان الإسلامي الملتزم كان ذكياً جداً وأراد أن يتقي الله ما استطاع في مجال السياسة فأعلن قبوله للعلمانية، وتقدم مع حزبه ليحكم تركيا بلا خيانة أو سرقة لخيرات البلاد، فازدهرت تركيا ازدهاراً رائعاً في بضع سنين، وتعاظمت شعبية حزب العدالة والتنمية في تركيا مما حماه حتى الآن من أن ينقض الجيش التركي عليه كما انقض على أحزاب إسلامية من قبله.
شعار الاسلام هو الحل يعبر عن حقيقة يؤمن بها أكثرنا، لكننا لا ننتبه إلى أن الحل الإسلامي لمشكلاتنا لا يكمن في تطبيق الشريعة فقط، بل في تربية الناس على الأمانة والخوف من الله، بحيث يعملون لصالح البلاد والعباد لا لصالحهم الشخصي عندما يكونون في موقع المسؤولية، وبحيث يتورعون عن أكل المال العام والرشوة تماماً كما يتورعون عن أكل مال الناس بالباطل، عندها يبارك الله للأمة في خيراتها التي تتراكم بعد توقف الهدر والنهب لتنهض البلاد وتتطور على كافة الأصعدة، وهذا ما حصل في تركيا رغم الغياب الكامل للشريعة الإسلامية عندهم، ورغم أن قوانينهم علمانية لا دينية كالقوانين الأوربية تماماً.
قد يتمنى بعض الإسلاميين عندنا أن لو يستطيعون أن يفعلوا مثل ما فعل أردوغان وحزبه، لكن لا أحد من القواعد الإسلامية عندنا سيقبل منهم ذلك، وبخاصة ونحن نؤسس لحكم شعبي ديمقراطي يشارك فيه الجميع ويكون لجميع مكونات الأمة. إن العلمانية التي رضي بها أردوغان وتكيف معها في تركيا هي عودة إلى الوراء بالنسبة لشعوبنا التي يغلب عليها التدين والحب للإسلام، وستصبح هدفاً لأعداد لا تحصى من الشباب المجاهد الذي سيستحل قتل القائمين عليها والمنادين بها، ولن تنجح في بلادنا أكثر مما نجحت الديكتاتوريات التي عانينا منها عشرات السنين وما زلنا نعاني منها في بعض بلداننا. فعندما زار أردوغان مصر والتقى باسلامييها ونصحهم بقبول الديمقراطية مع العلمانية كرزمة واحدة كان واضحاً رفض القواعد الإسلامية لنصيحته.
إذن ما العمل؟
الشعوب العربية المنتفضة لا تريد أياً من النماذج الإسلامية المطروحة أمامها لا الإيراني ولا الطالباني ولا السعودي ولا حتى التركي، والإسلاميون اليوم أمام فرصة لقيادة شعوبهم نحو حياة أفضل سيكون من الغباء أن يضيعوها وإن كانوا مدركين أن الوقت لم يزل غير مناسب لا على مستوى الشعوب العربية ولا على مستوى المؤثرات الدولية التي ما زالت لها كلمتها في تحديد مصير بلادنا لتطبيق الشريعة الإسلامية. لا بد لنا من مخرج لا نضحي فيه بديننا كما لا نضحي من أجله بشعبيتنا وتطلع الجماهير العربية إلى الخلاص من واقعها الأليم على أيدينا.
مقالي هذا هو لوصف هذا المخرج وإن كنت سأؤجل التفصيل في تأصيل ما سأقترحه إلى القسم الثاني من هذا الكتاب الذي أخصصه للتأصيل المفصل لمن يرغب في معرفة الأسس التي تقوم عليها الأفكار والتصورات التي سأقدمها في هذا المقال.
أولاً سأقدم تصوري للدولة الإسلامية التي يجب أن نسعى إليها لو كنا نعيش في مجتمع جميع أهله مسلمون ومتدينون ومن مذهب واحد.
مفتاح الحل يكمن في إعادة الاهتمام بكلمة وردت مرات عديدة في القرآن الكريم نتلوها ونمر عليها دون تدقيق في معناها وكأنها واضحة لنا وضوح الشمس ولسنا في حاجة إلى التمعن فيها. إنها (الحكمة) التي يقول تعالى إن الرسول صلى الله عليه وسلم والرسل الذين جاؤوا قبله إنما جاؤوا ليعلموها للناس مع الكتاب، ولنتأمل هذه الآيات الكريمة:
{رَبَّنَا وَابْعَثْ فِيهِمْ رَسُولاً مِّنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِكَ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَيُزَكِّيهِمْ إِنَّكَ أَنتَ العَزِيزُ الحَكِيمُ} البقرة129
{كَمَا أَرْسَلْنَا فِيكُمْ رَسُولاً مِّنكُمْ يَتْلُو عَلَيْكُمْ آيَاتِنَا وَيُزَكِّيكُمْ وَيُعَلِّمُكُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَيُعَلِّمُكُم مَّا لَمْ تَكُونُواْ تَعْلَمُونَ} البقرة151
{.... وَاذْكُرُواْ نِعْمَتَ اللّهِ عَلَيْكُمْ وَمَا أَنزَلَ عَلَيْكُمْ مِّنَ الْكِتَابِ وَالْحِكْمَةِ يَعِظُكُم بِهِ وَاتَّقُواْ اللّهَ وَاعْلَمُواْ أَنَّ اللّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ} البقرة231
{وَيُعَلِّمُهُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَالتَّوْرَاةَ وَالإِنجِيلَ} آل عمران48
{لَقَدْ مَنَّ اللّهُ عَلَى الْمُؤمِنِينَ إِذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولاً مِّنْ أَنفُسِهِمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِن كَانُواْ مِن قَبْلُ لَفِي ضَلالٍ مُّبِينٍ} آل عمران164
{أَمْ يَحْسُدُونَ النَّاسَ عَلَى مَا آتَاهُمُ اللّهُ مِن فَضْلِهِ فَقَدْ آتَيْنَا آلَ إِبْرَاهِيمَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَآتَيْنَاهُم مُّلْكاً عَظِيماً} النساء54
{وَلَوْلاَ فَضْلُ اللّهِ عَلَيْكَ وَرَحْمَتُهُ لَهَمَّت طَّآئِفَةٌ مُّنْهُمْ أَن يُضِلُّوكَ وَمَا يُضِلُّونَ إِلاُّ أَنفُسَهُمْ وَمَا يَضُرُّونَكَ مِن شَيْءٍ وَأَنزَلَ اللّهُ عَلَيْكَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَعَلَّمَكَ مَا لَمْ تَكُنْ تَعْلَمُ وَكَانَ فَضْلُ اللّهِ عَلَيْكَ عَظِيماً} النساء113
{إِذْ قَالَ اللّهُ يَا عِيسى ابْنَ مَرْيَمَ اذْكُرْ نِعْمَتِي عَلَيْكَ وَعَلَى وَالِدَتِكَ إِذْ أَيَّدتُّكَ بِرُوحِ الْقُدُسِ تُكَلِّمُ النَّاسَ فِي الْمَهْدِ وَكَهْلاً وَإِذْ عَلَّمْتُكَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَالتَّوْرَاةَ وَالإِنجِيلَ...} المائدة110
{وَاذْكُرْنَ مَا يُتْلَى فِي بُيُوتِكُنَّ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ وَالْحِكْمَةِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ لَطِيفاً خَبِيراً} الأحزاب34
{هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الْأُمِّيِّينَ رَسُولاً مِّنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِن كَانُوا مِن قَبْلُ لَفِي ضَلَالٍ مُّبِينٍ} الجمعة2
إذن الرسل جاؤوا ليعلموا الناس شيئين اثنين (الكتاب) و(الحكمة)، الأول: الكتاب وهو ما يكتب عليهم من فرائض ومحرمات وعقائد، والحكمة هي ما يمكنهم الوصول إليه بأنفسهم من خلال العلم والتفكير السليم والخبرة الحياتية الطويلة لكن الرسل يقدمون للبشرية دفعة وجرعة من هذه الحكمة تسرع تقدمها وتطورها نحو حياة أفضل لجميع أبنائها. وهكذا نجد أن ما جاء به الرسل بما فيهم محمد صلى الله عليه وسلم نوعان من الأمور: نوع ما كان للبشر أن يكتشفوه بأنفسهم مهما طال بهم الزمن والتجارب وهو معرفة الغيبيات ومعرفة ربنا وصفاته وأسمائه ومعرفة الأوامر التي يريدنا الله أن نعبده بطاعتنا لها ومعرفة أخبار من قبلنا الذين اندثرت آثارهم وصار يستحيل علينا بعلومنا المحدودة أن نعرفها معرفة يقينية وغير ذلك مما جاء في القرآن والسنة.
أما النوع الثاني فهو الكثير من الارشادات والنصائح والتعليمات المفيدة لنا في حياتنا من أجل دنيانا ومن أجل آخرتنا، لكن كان من الممكن لنا أن نكتشفها بأنفسنا.
من علمائنا القدامى من فسر الحكمة الواردة في الآيات السابقة بالسنة النبوية على اعتبار أن الكتاب هو القرآن الكريم، لكن هذا تأويل وصرف للفظ الحكمة عن ظاهره ومعناه المباشر دون داعٍ وبخاصة أن القرآن الكريم جاء بلغة العرب التى هي أقدر اللغات على التعبير الدقيق الذي لا يلتبس على الأفهام {إِنَّا أَنزَلْنَاهُ قُرْآناً عَرَبِيّاً لَّعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ} يوسف2. الحكمة هي الحكمة والأمانة هي الأمانة.. إن استقام لنا فهم كلام ربنا دون صرفه عن ظاهره فإنه لا يصح أن نتأوله ونفسره بغير المعنى القريب المباشر لألفاظه.
وهذا يعني أنه ليس كل ما أمر به الرسول صلى الله عليه وسلم هو دين مفروض علينا نأثم بمخالفته ويتوجب علينا تنفيذه والتقيد التام به، فالرسول صلى الله عليه وسلم عندما يأمر أصحابه أن يطفئوا السراج إذا ناموا ويحذرهم أن الفأرة قد تصدمه وتقلبه فيشتعل حريق خطير وهم نائمون ما كان يشرع لهم دينا بالمعنى الحرفي للدين، إنما كان يقدم لهم شيئاً من الحكمة المفيدة لهم ويعلمهم كيف يفكرون التفكير السليم بأمور معاشهم، لذا أخطأ صلى الله عليه وسلم عندما أبدى رأيه في تأبير النخل (أي تلقيحه) حتى يثمر فعمل الصحابة برأيه وتركوا تأبير النخل فلم يثمر، فأخبرهم بعدها أن ما يحدثهم به عن الله حق هو معصوم فيه من الخطأ، حيث قال فيما رواه مسلم في صحيحه: "إن كان ينفعهم ذلك فليصنعوه، فإني إنما ظننت ظناً، فلا تؤاخذوني بالظن، ولكن إذا حدثتكم عن الله شيئاً فخذوا به، فإني لن أكذب على الله عز وجل". وفي رواية أخرى أنه قال: "إنما أنا بشر، إذا أمرتكم بشيء من دينكم فخذوا به، وإذا أمرتكم بشيء من رأي فإنما أنا بشر". أما أمور دنياهم فهم أعلم بها منه كما قال في رواية ثالثة.
مع ذلك جاء الإسلام بفرائض وتحريمات تحقق للناس منافع ومصالح كان يمكن لهم عندما تتقدم علومهم ومعارفهم أن يكتشفوها بأنفسهم، ومثال ذلك تحريم الربا وفرض الزكاة.. إنني أدعوكم للتأمل في الأزمة الاقتصادية العالمية الحالية وكيف تحاول البشرية حلها والتغلب عليها من خلال تشريعات وإجراءات ليست إلا صورة من صور الزكاة وتحريم الربا. الفوائد المصرفية في أوربا ما تزال بحدود نصف بالمئة، أي تقترب من الإلغاء، والحكومات تضخ الأموال لتنعش قدرة الناس الشرائية لتحمي الكثير من الشركات والمصانع من الإفلاس الحتمي لو زاد الركود عن حد معين وقل تصريف البضائع، وهو الشيء ذاته الذي تفعله الزكاة في الإسلام حيث ترفع قدرة الناس الشرائية ليعود المال الذي ينفقه الأغنياء بالنفع عليهم وعلى مشاريعهم التجارية والصناعية.
14/06/2012
ويتبع >>>>>: دولتنا المنشودة جمهورية سورية ديمقراطية تعددية2
واقرأ أيضاً:
ما يحدث في سورية إلى أين؟3 / ما لنا غيرك يا الله(3) / الطائفية والثورة في سورية3 / الثورة السورية بين العنف واللاعنف5
التعليق: 1-العلماء يفسرون معنى الحكمة في القرآن الكريم بحسب سياقها في كل آية، وبحسب ما يوافق موضوعها، ولكن المعاني كلها تنضوي تحت أمرين: إما العلم، وإما فعل الصواب.
وقد فصل في ذلك الإمام فخر الدين الرازي في تفسيره مفاتيح الغيب عند تفسير قوله تعالى:
((وَمَنْ يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْرًا كَثِيرًا وَمَا يَذَّكَّرُ إِلَّا أُولُو الْأَلْبَابِ)) [البقرة:269]، وأتى بشواهد من الآيات على كل معنًى من المعاني التي تفسر بها الحكمة...، ثم خلص إلى نتيجة أن هذه المعاني كلها تعود للأمرين المذكورين: العلم أو فعل الصواب. مستدلًا أيضًا بآيات من القرآن الكريم...