معالم الأخلاق Parameters of Morality في حب السلام والحسن بن علي (عليهما السلام)
معالم الأخلاق والطب النفسي
أزهرت الدنيا بنور مبارك أطل عليها بالبشائر زاهيا
أزف بها للمرتضى خالص الولا وأحمل للزهراء فيها التهانيا
إمام الهدى من ذروة العرش نوره تنزل كالقرآن بالحق هاديا
(الفرطوسي)
لكي نفهم الدين الإسلامي ورسالته لابد من دراسته من خلال مفاهيم نعيشها اليوم. ليس هناك شخصية توضح إطار ومحتوى الرسالة الإسلامية الأصيلة مثل شخصية حفيد المصطفى صلوات الله عليه وآله وسلم.
لكن تاريخ وشخصية الحسن بن علي (عليهما السلام) لا يتطرق إليها العامة ولا الخاصة من الناس في العالم الإسلامي والعربي، وربما التركيز على هذه الشخصية ودراستها لا تتلاءم مع تطور الشخصية الإسلامية والعربية على مدى القرون وخاصة في العصر العربي والإسلامي الحديث.
كان الحسن بن علي أكثر تطوراً في فكره، وفلسفته، ودراسته لطبيعة المجتمع الإسلامي من رجال عصره. كانت نظرته لرسالة الدين الإسلامي نظرة تتلاءم مع فلسفة عالمية نعيشها اليوم محورها السلام. ضاقت الناس ذرعاً بالحروب والقتل والجهاد وهذا العام يحتفل العالم بمرور قرن من الزمان على بداية الحرب العالمية الأولى. هناك الاحتفال بعد الآخر والحديث كله ينصب على رسالة سلام ومن هنا يأتي الحديث عن الإمام الطاهر الحسن بن علي (عليهما السلام).
تولى أمور الدولة الإسلامية لستة أشهر فقط، ومع ذلك قلما ترى المؤرخ العربي الإسلامي يصنفه ضمن الخلفاء الراشدين. كان محاطاً بمجتمع تركيبته البشرية غير متوازنة تغيرت مع تتابع الانتصارات العسكرية للجيوش الإسلامية وتوسع بقعة الإمبراطورية الحديثة إلى ما يقارب النصف من مساحة العالم الغربي القديم. أصبحت القاعدة الفكرية متصلبة في الفكر الإسلامي ولا تزال كذلك حتى يومنا هذا وهي أن صواب العقيدة ينعكس في انتصاراتها العسكرية والتي بدورها تمثل أبعاد المجد والثروة والشهرة.
أدرك الحسن (عليه السلام) يومها حقيقة الناس وكان أعلم بشخصية العربي المسلم والقواعد المعرفية الجديدة الي يستعملها واستنتج بأن الناس فقدت قابليتها على إدراك إطار ومحتوى الرسالة المحمدية والتي تتمثل في علاقة الفرد بربه. كانت الرسالة التي ينادي بها رسالة روحية لا رسالة إعلامية حربية ترفع المصاحف على أسنة الرماح كما حدث في يوم صفين. هذه الخديعة الإعلامية ابتدعها معاوية وحلفائه ولا يزال الإعلام العربي يستعملها اليوم ناهيك عن الحركات الإسلامية والسلفية. تفحص عالم الفضاء وترى المنافق بعد الآخر يحمل المصحف الشريف الذي لا يفقهه إلى الأعلى ويصرخ بصوت بشع يحذر الناس ويتوعدهم وكأنه وكيل الخالق عز وجل.
تحمل الحسن (عليه السلام) مشقة الإعلان عن وفاة والده أمير المؤمنين (كرم الله وجهه) على أهل الكوفة في الأيام العشرة الأخيرة من رمضان. ولد الحسن (عليه السلام) مع عيب بسيط في النطق استطاع أن يتجاوزه مع مرور السنين حتى أصبح متحدثا بطيئا ولكن بليغاً بكل معنى الكلمة. تناول في نعي والده سيرته وأعماله التي لا منافس لها.
تحدث وكشف للناس ميزانية والده مثبتاً لهم بأن لا ديون له للدولة التي تولى أمورها، ونتاج توفيره هو 700 درهم كان يأمل في أن يستعملها في تأجير من يخدمه وآل بيته. كان الكشف عن ميزانية والده وشفافية الاطلاع على الأمور المادية لمن في السلطة سابقاً حتى لعصرنا هذا، فقلما تسمع من يتسلط على أمور الناس في العالم الشرق أوسطي العربي أن يكشف عن حساباته المادية خوفاً من أن ترتبط الحقائق مع الأوهام وينتج عنها عدم الثقة برجال الدولة وتشبيههم باللصوص في عين الوقت. لا عجب أن لا يثق العربي بحكامه وينعتهم باللصوصية في كل بلد عربي وإسلامي وآخرهم الخليفة السلطان أردوغان.
كانت رقة قلبه ومشاعره أقوى من قدرته على تكملة خطبته يوم نعي والده وهو رجل لم يتجاوز الـ 37 من العمر. في تلك اللحظات المؤلمة لا يقوى اللسان على النطق، وتوقف الحسن (عليه السلام) عن الكلام تاركا الدموع ترسم نعي والده. خرج من المسجد باكياً ولا أظن أن عيون أي إنسان يومها لم تشاركه البكاء. خرج الحسن وبعدها نادى عبيد الله بن عباس بالبيعة له.
كانت رسالة الحسن في يومها وبعدها رسالة سلام لا مكان فيها لمشاعر الحقد والحسد والكراهية. كان يخطب في الناس ويختتم موعظته بالدعوة للسلام لا للحرب. كان الجهاد الذي يتحدث عنه جهاد سلام والذي هو الجهاد الأكبر، وأما الجهاد الأصغر أو جهاد الحرب فلا مكان له في فلسفته التي ورثها عن جده محمد (صلى الله عليه وسلم). اتفق المؤرخون بأن صورته ما هي إلا نسخة من جده (صلى الله عليه وسلم)، ويبدو أنه ورث عنه الشكل والفلسفة، والأخلاق التي لم يتقبلها من كان حوله أيامها ومن حولنا أجمعين في يومنا هذا.
وصل الحسن بشجاعته الذروة عندما سلم مقاليد السلطة إلى معاوية، متحملا سب وشتم رعاع أهل الكوفة، ولولا حماية قبائل ربيعة له لانتهى أمره كما انتهى أمر أخيه الحسين (عليه السلام) بعد سنين في مجزرة كربلاء والتي تمثل العار الأكبر في جبين المسلمين الذين قتلوا حفيد رسولهم بعد أقل من خمسين سنة من وفاته وتم سبي نساء بيته عبر أسواق دمشق إلى قصر يزيد بن معاوية.
كانت ازدواجية أتباعه من عوام أهل الكوفة غير خافية عليه، وأدرك بذكاء بأن تركيبة أي جيش لحماية الدولة أيامها هي نفس التركيبة التي رفضت القتال في اليوم الرابع من معركة صفين، ورفضت القتال بعد يوم النهروان حين أدرك والده بأن مرض التطرف الإسلامي أخطر بكثير من الداء الأموي. كان المصابون بهذا الداء يعرفون بالخوارج، واليوم يعرفهم العالم بالإسلاميين.
شد الرحال مع أخيه الحسين (عليه السلام) في أيام تموز عام 661 ميلادية مودعاً الأرض التي ترك فيها جثمان والده ولم يحسب يومها بأن هذه الأرض ستستقبل جثمان أخيه ليشارك والدهم في وحشته في بقاع ولاية الكوفة.
تناول المؤرخون صلح الحسن مع معاوية، وأطلقوا عليه لقب عام الجماعة. تناول الجميع شروط عقده مع معاوية مع التركيز فقط على عطائه السنوي رغم أن هذا العطاء كان لجميع أهل بيته. كان الغرض من ذلك النيل من الحسن (عليه السلام)، ولا يزال ذلك عملهم إلى اليوم وقلما يتطرقون إلى الشروط الأخرى منها الدعوة لتشكيل مجلس انتخابي لاختيار من يتولى السلطة وبالتالي محاسبتهم. كان هذا الشرط مشابها في محتواه ومضمونه للفكر الكلاسيكي الإغريقي الذي تعمل فيه مؤسسات دول الغرب الديمقراطية وفشل الربيع العربي بجدارة في تحقيقه.
ترتبط سيرة الحسن (عليه السلام) بمظاهر أخرى من عصرنا الحديث، فهو أول شخصية إسلامية مثالية تعرضت لإعلام سلبي وربط سيرته بفضائح نسائية وجنسية، وهو ما يدعى اليوم باغتيال الشخصية. كان الإعلام السلبي الذي تناول الحسن بداية لدخول أساطير ألف ليلة وليلة في الأدب الإسلامي، متحدثاً عن زواجه من 100 امرأة وحفلات عرس مشابهة في إطارها لأعراس إعلام المجتمع العربي المعاصر التي تملأ صورها المجلات ذات الصفحات اللامعة، رغم أن حياته في المدينة لم تتجاوز بعد رحيله من الكوفة ثمانية سنين، وزيجاته السبعة مؤرخة بدقة وباتفاق الآراء على اختلاف أهوائهم، وإلى يومنا هذا يدعي الانتساب له من يلقب نفسه بالشريف عبر ولديه حسن وزيد.
أما الظاهرة الأخرى المرتبطة بالحسن (عليه السلام) فهي تصفية الخصوم السياسية. تم اغتيال الحسن (عليه السلام) بمؤامرة سياسية خطط لها البيت الأموي وجند معاوية زوجة الحسن جعدة بن الأشعث لتنفيذها. بخلت عليه عائشة (رضي الله عنها) وكبير البيت الأموي مروان بن الحكم بأن يرقد جثمانه جنب جثمان جده (صلى الله عليه وسلم). ودخلت الملوكية الإسلام واستوطنت فيه إلى اليوم.
ترك الحسن بعده فلسفة وسيرة لم يستوعبها من عاصره ولا يستوعبها اليوم من مشايخ الدين والدولة.
سيرته توضح معالم الأخلاق وشفرتها الإسلامية الأصيلة.
المصادر:
1. شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد.
2. مروج الذهب المسعودي.
3. تاريخ الطبري.
4. الفتنة الكبرى لطه حسين.
ملحوظة : نذكر أننا ننشر على مجانين آراء ومقالات المتخصصين بغض النظر عن توجهاتهم.... وأن ذلك لا يعبر بالضرورة عن رأي الموقع، كما نذكر بأننا نفتح باب الحوار لكل صاحب رأي ورغبة في المشاركة بشرط التزام آداب الحوار.
د. وائل أبو هندي
معالم الأخلاق والطب النفسي
أزهرت الدنيا بنور مبارك أطل عليها بالبشائر زاهيا
أزف بها للمرتضى خالص الولا وأحمل للزهراء فيها التهانيا
إمام الهدى من ذروة العرش نوره تنزل كالقرآن بالحق هاديا
(الفرطوسي)
لكي نفهم الدين الإسلامي ورسالته لابد من دراسته من خلال مفاهيم نعيشها اليوم. ليس هناك شخصية توضح إطار ومحتوى الرسالة الإسلامية الأصيلة مثل شخصية حفيد المصطفى صلوات الله عليه وآله وسلم.
لكن تاريخ وشخصية الحسن بن علي (عليهما السلام) لا يتطرق إليها العامة ولا الخاصة من الناس في العالم الإسلامي والعربي، وربما التركيز على هذه الشخصية ودراستها لا تتلاءم مع تطور الشخصية الإسلامية والعربية على مدى القرون وخاصة في العصر العربي والإسلامي الحديث.
كان الحسن بن علي أكثر تطوراً في فكره، وفلسفته، ودراسته لطبيعة المجتمع الإسلامي من رجال عصره. كانت نظرته لرسالة الدين الإسلامي نظرة تتلاءم مع فلسفة عالمية نعيشها اليوم محورها السلام. ضاقت الناس ذرعاً بالحروب والقتل والجهاد وهذا العام يحتفل العالم بمرور قرن من الزمان على بداية الحرب العالمية الأولى. هناك الاحتفال بعد الآخر والحديث كله ينصب على رسالة سلام ومن هنا يأتي الحديث عن الإمام الطاهر الحسن بن علي (عليهما السلام).
تولى أمور الدولة الإسلامية لستة أشهر فقط، ومع ذلك قلما ترى المؤرخ العربي الإسلامي يصنفه ضمن الخلفاء الراشدين. كان محاطاً بمجتمع تركيبته البشرية غير متوازنة تغيرت مع تتابع الانتصارات العسكرية للجيوش الإسلامية وتوسع بقعة الإمبراطورية الحديثة إلى ما يقارب النصف من مساحة العالم الغربي القديم. أصبحت القاعدة الفكرية متصلبة في الفكر الإسلامي ولا تزال كذلك حتى يومنا هذا وهي أن صواب العقيدة ينعكس في انتصاراتها العسكرية والتي بدورها تمثل أبعاد المجد والثروة والشهرة.
أدرك الحسن (عليه السلام) يومها حقيقة الناس وكان أعلم بشخصية العربي المسلم والقواعد المعرفية الجديدة الي يستعملها واستنتج بأن الناس فقدت قابليتها على إدراك إطار ومحتوى الرسالة المحمدية والتي تتمثل في علاقة الفرد بربه. كانت الرسالة التي ينادي بها رسالة روحية لا رسالة إعلامية حربية ترفع المصاحف على أسنة الرماح كما حدث في يوم صفين. هذه الخديعة الإعلامية ابتدعها معاوية وحلفائه ولا يزال الإعلام العربي يستعملها اليوم ناهيك عن الحركات الإسلامية والسلفية. تفحص عالم الفضاء وترى المنافق بعد الآخر يحمل المصحف الشريف الذي لا يفقهه إلى الأعلى ويصرخ بصوت بشع يحذر الناس ويتوعدهم وكأنه وكيل الخالق عز وجل.
تحمل الحسن (عليه السلام) مشقة الإعلان عن وفاة والده أمير المؤمنين (كرم الله وجهه) على أهل الكوفة في الأيام العشرة الأخيرة من رمضان. ولد الحسن (عليه السلام) مع عيب بسيط في النطق استطاع أن يتجاوزه مع مرور السنين حتى أصبح متحدثا بطيئا ولكن بليغاً بكل معنى الكلمة. تناول في نعي والده سيرته وأعماله التي لا منافس لها.
تحدث وكشف للناس ميزانية والده مثبتاً لهم بأن لا ديون له للدولة التي تولى أمورها، ونتاج توفيره هو 700 درهم كان يأمل في أن يستعملها في تأجير من يخدمه وآل بيته. كان الكشف عن ميزانية والده وشفافية الاطلاع على الأمور المادية لمن في السلطة سابقاً حتى لعصرنا هذا، فقلما تسمع من يتسلط على أمور الناس في العالم الشرق أوسطي العربي أن يكشف عن حساباته المادية خوفاً من أن ترتبط الحقائق مع الأوهام وينتج عنها عدم الثقة برجال الدولة وتشبيههم باللصوص في عين الوقت. لا عجب أن لا يثق العربي بحكامه وينعتهم باللصوصية في كل بلد عربي وإسلامي وآخرهم الخليفة السلطان أردوغان.
كانت رقة قلبه ومشاعره أقوى من قدرته على تكملة خطبته يوم نعي والده وهو رجل لم يتجاوز الـ 37 من العمر. في تلك اللحظات المؤلمة لا يقوى اللسان على النطق، وتوقف الحسن (عليه السلام) عن الكلام تاركا الدموع ترسم نعي والده. خرج من المسجد باكياً ولا أظن أن عيون أي إنسان يومها لم تشاركه البكاء. خرج الحسن وبعدها نادى عبيد الله بن عباس بالبيعة له.
كانت رسالة الحسن في يومها وبعدها رسالة سلام لا مكان فيها لمشاعر الحقد والحسد والكراهية. كان يخطب في الناس ويختتم موعظته بالدعوة للسلام لا للحرب. كان الجهاد الذي يتحدث عنه جهاد سلام والذي هو الجهاد الأكبر، وأما الجهاد الأصغر أو جهاد الحرب فلا مكان له في فلسفته التي ورثها عن جده محمد (صلى الله عليه وسلم). اتفق المؤرخون بأن صورته ما هي إلا نسخة من جده (صلى الله عليه وسلم)، ويبدو أنه ورث عنه الشكل والفلسفة، والأخلاق التي لم يتقبلها من كان حوله أيامها ومن حولنا أجمعين في يومنا هذا.
وصل الحسن بشجاعته الذروة عندما سلم مقاليد السلطة إلى معاوية، متحملا سب وشتم رعاع أهل الكوفة، ولولا حماية قبائل ربيعة له لانتهى أمره كما انتهى أمر أخيه الحسين (عليه السلام) بعد سنين في مجزرة كربلاء والتي تمثل العار الأكبر في جبين المسلمين الذين قتلوا حفيد رسولهم بعد أقل من خمسين سنة من وفاته وتم سبي نساء بيته عبر أسواق دمشق إلى قصر يزيد بن معاوية.
كانت ازدواجية أتباعه من عوام أهل الكوفة غير خافية عليه، وأدرك بذكاء بأن تركيبة أي جيش لحماية الدولة أيامها هي نفس التركيبة التي رفضت القتال في اليوم الرابع من معركة صفين، ورفضت القتال بعد يوم النهروان حين أدرك والده بأن مرض التطرف الإسلامي أخطر بكثير من الداء الأموي. كان المصابون بهذا الداء يعرفون بالخوارج، واليوم يعرفهم العالم بالإسلاميين.
شد الرحال مع أخيه الحسين (عليه السلام) في أيام تموز عام 661 ميلادية مودعاً الأرض التي ترك فيها جثمان والده ولم يحسب يومها بأن هذه الأرض ستستقبل جثمان أخيه ليشارك والدهم في وحشته في بقاع ولاية الكوفة.
تناول المؤرخون صلح الحسن مع معاوية، وأطلقوا عليه لقب عام الجماعة. تناول الجميع شروط عقده مع معاوية مع التركيز فقط على عطائه السنوي رغم أن هذا العطاء كان لجميع أهل بيته. كان الغرض من ذلك النيل من الحسن (عليه السلام)، ولا يزال ذلك عملهم إلى اليوم وقلما يتطرقون إلى الشروط الأخرى منها الدعوة لتشكيل مجلس انتخابي لاختيار من يتولى السلطة وبالتالي محاسبتهم. كان هذا الشرط مشابها في محتواه ومضمونه للفكر الكلاسيكي الإغريقي الذي تعمل فيه مؤسسات دول الغرب الديمقراطية وفشل الربيع العربي بجدارة في تحقيقه.
ترتبط سيرة الحسن (عليه السلام) بمظاهر أخرى من عصرنا الحديث، فهو أول شخصية إسلامية مثالية تعرضت لإعلام سلبي وربط سيرته بفضائح نسائية وجنسية، وهو ما يدعى اليوم باغتيال الشخصية. كان الإعلام السلبي الذي تناول الحسن بداية لدخول أساطير ألف ليلة وليلة في الأدب الإسلامي، متحدثاً عن زواجه من 100 امرأة وحفلات عرس مشابهة في إطارها لأعراس إعلام المجتمع العربي المعاصر التي تملأ صورها المجلات ذات الصفحات اللامعة، رغم أن حياته في المدينة لم تتجاوز بعد رحيله من الكوفة ثمانية سنين، وزيجاته السبعة مؤرخة بدقة وباتفاق الآراء على اختلاف أهوائهم، وإلى يومنا هذا يدعي الانتساب له من يلقب نفسه بالشريف عبر ولديه حسن وزيد.
أما الظاهرة الأخرى المرتبطة بالحسن (عليه السلام) فهي تصفية الخصوم السياسية. تم اغتيال الحسن (عليه السلام) بمؤامرة سياسية خطط لها البيت الأموي وجند معاوية زوجة الحسن جعدة بن الأشعث لتنفيذها. بخلت عليه عائشة (رضي الله عنها) وكبير البيت الأموي مروان بن الحكم بأن يرقد جثمانه جنب جثمان جده (صلى الله عليه وسلم). ودخلت الملوكية الإسلام واستوطنت فيه إلى اليوم.
ترك الحسن بعده فلسفة وسيرة لم يستوعبها من عاصره ولا يستوعبها اليوم من مشايخ الدين والدولة.
سيرته توضح معالم الأخلاق وشفرتها الإسلامية الأصيلة.
المصادر:
1. شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد.
2. مروج الذهب المسعودي.
3. تاريخ الطبري.
4. الفتنة الكبرى لطه حسين.
ملحوظة : نذكر أننا ننشر على مجانين آراء ومقالات المتخصصين بغض النظر عن توجهاتهم.... وأن ذلك لا يعبر بالضرورة عن رأي الموقع، كما نذكر بأننا نفتح باب الحوار لكل صاحب رأي ورغبة في المشاركة بشرط التزام آداب الحوار.
د. وائل أبو هندي
واقرأ أيضاً:
التعليق: هؤلاء المتطرفون الذين يسمون أنفسهم "مجاهدين" أصحاب الفكر الخوارجي، خربوا بيتنا...
لا يعرفون من الجهاد إلا اسمه، وإلا بعض شكليات عملوا بها شوهوها عن أصلها... فاتبعهم البعض بفعل العاطفة، وآخرون كرهوا الجهاد بسببهم ونفوه في الإسلام... وكله بسبب هؤلاء الأوباش الذين تروج لهم وسائل الإعلام الموجهة.
النبي صلى الله عليه وسلم مات عن 65 غزوة وسرية خلال 10 سنوات أمضاها في المدينة المنورة. ومع هذا فالسلام هو الأصل والحرب استثناء.
الحرب موجودة في الإسلام لكنها دفاعية ضد من يحاول الإعتداء على المجتمع الإسلامي بما فيه من غير المسلمين الذين يعيشون تحت رعايته.
ولها شروطها الدقيقة جداً التي لا نراها في جهاد المتطرفين اليوم.
لقد أمر الخليفة الراشد عمر بن عبد العزيز جيشه بالانسحاب من الأرض التي فتحوها يوم القادسية لأنهم خالفوا شروط الجهاد فيها، ولما رأى الناس عدلهم ترجوهم أن يبقوا فيها!!
فأين هؤلاء ممن خربوا بلادنا على رؤوسنا بدعوى الجهاد؟!