سألني أحد الأخوة الأجانب عن رأيّ بأحد المسؤولين في بلدٍ من البلدان.
فقال: ما هو رأيك بفلان الفلاني؟
قلت: أسْمِعني ما تريد قوله عنه.
قال: إنه ذكي.
قلت: وهل ينفع الذكاء مَن لا يملك إرادته؟!
قال: يبدو أن الأمر كذلك، لأن مسؤولا بهذا الذكاء لو ملك إرادته لحقق ما هو صالح لبلده.
قلت: إن المشكلة ليست في العقول الذكية، وإنما في التبعية وغياب الإخلاص الوطني، وترجيح مصالح الأسياد على مصالح الناس.
وفي واقع حال بعض الدول أن فيها ما لا يُحصى من الأذكياء، والنوابغ والعارفين والخبراء بشؤون الحياة ومجالاتها المتنوعة، لكنهم ممنوعون من المشاركة والعمل، وهم تحت رحمة المتسلطين عليهم والذين ينفذون أجندات الآخرين.
وهذه العلة السرطانية الطاعونية المستعصية التي تستوطن الأرض، وتصيب الأجيال المتعاقبة بآفاتها الفتاكة، تؤسس لخرابات ودمارات وتداعيات متوالية قابلة للاستثمار فيها من قبل المفترسين الشرسين. وما دامت العلة سارية ومعدية ومستوطنة، فإن الذكاء لا ينفع، وربما يكون عدوا وخطرا، لأنه سيبتكر أساليبا بشعة ومضرة بالناس والوطن، وسيتسبب بتفاعلات معقدة متواترة مدمرة لكل ذاتٍ وموضوع.
وفي بعض البلدان المنكوبة يتولى أمرها الأذكياء وذوي الاختصاصات وأصحاب الشهادات، لكنهم يحررون شهادات وفاة أوطانهم ويشردون مواطنيهم، ويحيلون مدنهم إلى خراب ودمار، ويستعينون بالقوى الإقليمية والعالمية للانقضاض على بلدانهم.
وأكثرهم لديه تعريفاته الخاصة لمعنى الوطن والوطنية والمواطنة، وهم يجتهدون في ذلك ويرسمون حالة من التداعيات الكفيلة بالحفاظ على وجودهم القاسي والظالم على رؤوس مواطنيهم، وهم الذين يسخرون ثروات بلدانهم لاستثمارها في تحقيق مصالح الآخرين، بل يتحولون إلى موجودات كارتونية متنعمة بالمناصب، وأسيادهم يديرون شؤون البلاد ويَسْبونَ العباد. وتلك حقيقة محنة بعض الأمم والبلدان التي عليها أن ترى بعيون مصالحها ووحدتها الوطنية والإقليمية، لكي تكون وتعاصر؟!!
واقرأ أيضاً:
إصْباحٌ ومصْباحٌ!! / الانكماش والانتعاش!! / الجهل المقدس والمصير المُتعّس!! / مَرّيخُ ومِرّيخ!!