رجل مِرِّيخ: كثير الإدّهان
ومرَّخه: دهنه
المَرْخُ: المزاح.
وأمرَخَ العجينَ إمراخا: أكثر ماءَه حتى رق
المِرّيخ: نجم في السماء من الخًنَّس
راخَ: ذلّ، أو لانَ واسترخى.
الترييخ: ضعف الشيء وهونه.
تذكرت المِريخ والتمريخ وأنا أتابع الدنيا وهي تقتحم الفضاء وتتطلع لاستعمار النجوم، وهي اليوم تسيّر مركباتها وتحرك عجلات كاميراتها فوق الكواكب وتبحث عن أسباب الحياة فيها، بل والدنيا تتجه أبعد من المريخ وهي متأملة بأنها ستجد أقصر الطرق وأسرعها للوصول إلى أعماق الكون وولوج أطرافه والسياحة في عوالمه.
فالبشر وهو في الأرض يتحكم بآلاته وكاميراته التي يحركها فوق سطح المريخ ويراها أمام أعينه على الشاشة، ويلتقط ما يشاء من الصور ويرسم خرائط ويستجلب عيِّنات من بدن المَريخ. وبعض المجتمعات منشغلة بالتَمريخ، أي بدلك بعضها البعض بسموم الرؤى والتصورات وزقوم الأفكار والتقولات، وتبيد بعضها وتمعن بالاندساس في بواطن الأجداث والانحباس في ظلمات الدوارس الغابرات.
فهي تتجول بمخيلتها المريضة في أعماق القبور وتأتينا بما تتوهم وتتصور وتدّعي، وما عندها آلة أو جهاز تصوير يقدم لنا البراهين والحقائق التي تستدعي النظر، وإنما هي أوهام متراكمة وهلاوس متعاظمة وتشوهات رؤى متهاومة، والناس سكرى تتخبط ما بين السرابات الحميمية التي تتنافر نيرانها وتتناثر جمراتها اللئيمة النكراء.
بشر منهمك بالمَريخ، وبشر منغمس بالتمريخ والترييخ، وما بين الحالتين تتعدد الأوصاف والمصير مرهون بما تكنز الحالتان، فالذي يمرخ يترقرق ويتميع ويتحول إلى حالة هلامية وكينونة سائبة سائلة تبتلعها رمال الويلات والتداعيات، والذي يتطلع للوصول إلى المَريخ يعيش في عوالم مطلقة ويقدم إبداعات متميزة، ويأتي بخطوات وصيرورات أصيلة ذات تأثيرات حضارية كبرى، ومدوية في أصقاع الوجود المكاني والزماني.
وبعض المجتمعات كانت ذات رؤى كونية وتعقلات إيمانية، وتفكرات سامية، فسادت الأمم وقادت الدنيا في مسارات الصعود إلى آفاق الأنوار المعرفية والعلمية، فكانت تحدو خطو البشرية نحو علياء الوجود والتكوّن المتجدد البديع.
لكن هذه المجتمعات أغفلت ذاتها وموضوعها وأنكرت رسالتها، فتوسدت اليباب وذرت تراب الأجداث في عيونها ومضت تتخبط وتتعثر وتتساقط في حفر الضياع والعدم.
فلا مَريخا وعت ولا مِريخا حوت، وبالخوالي انضوت!!
واقرأ أيضاً:
الانكماش والانتعاش!! / الجهل المقدس والمصير المُتعّس!! / الذكاء والإخلاص الوطني!! / الابتلاعية!!