14 عاما على موقع مجانين بين الجنون والنور
تمر الآن الذكرى الرابعة عشر على موقع الشبكة العربية للصحة النفسية الاجتماعية أو باختصار موقع مجانين. يعترض الكثير ويهاجم الموقع بسبب كلمة مجانين رغم أن كلمة جنون بحد ذاتها ليست رديئة ويستعملها الناس مجازاً للتعبير عن فرحهم وغضبهم وإبداعهم وفشلهم وتقاربهم البعض من البعض الآخر. ربما لو تفحصت ما يكتبه الموقع وملفاته لوجدت الجنون في مقالاته واستشاراته وأحاديثه العلمية والثقافية والسياسية والأدبية. القول بأن كلمة مجانين وصمة يستعملها الموقع غير صحيحة لأن من يقرأ الموقع سيكتشف بأن هذا الجنون موقع يدخله الإنسان بين الحين والآخر بإرادته أو دون إرادته ويبدع أحيانا ويحتفل وأحيانا يكتئب ويفشل وينعزل عن الدنيا. لذلك ربما حان الوقت أن يصمت من يحاول النيل من الموقع بسبب عنوانه.
الملفات وارتباكها
يتميز الموقع باندفاعه صوب التغيير من أجل التطوير. في الذكرى الرابعة عشر لميلاده نلاحظ بأن ملفات مجانين بحد ذاتها تشمل جميع حقول الطب النفسي. هناك خمسة وعشرون ملفا كل منها يعني باختصاصٍ من فروع الطب النفسي وعلم النفس. هذه الملفات تطورت وبسرعة وأصبحت اليوم أقرب إلى مرجع للطب النفسي باللغة العربية.
وهناك ملف لثورة يناير عام ٢٠١١ وملف للثورة العربية. تلعب الظروف البيئية دورها في حياة الإنسان أينما كان في بقاع الأرض وشهد العالم العربي براكيناً عصفت به سياسيا واجتماعيا وحضارياً٫ والموقع ليس هو الوحيد الذي يعني بمثل هذه الأمور ولا يختلف أمره عن بقية المواقع الغربية والمجلات العلمية التي تعنى بالطب النفسي. لا تزال هذه الأحداث تلعب دورها في مجتمع يعاني من شلل فكري وسياسي واقتصادي. لا أحد يعلم ماذا ستكون الخريطة السياسية والاجتماعية والاقتصادية المقبلة للعالم العربي ولكن ما يقبل به الجميع ويؤمن به هو أن حالات الشلل تحتاج إلى علاج أو على الأقل برنامج تأهيلي يساعده على الحركة والإحساس بالألم والبهجة واستعادة توازنه في البيئة التي يعيش فيها. هذا هو هدف ملف الثورة العربية وملف الثورة المصرية٫ وربما على الموقع الآن الانتقال إلى مرحلة جديدة يتم التركيز فيها على نشر المقالات التي تستهدف عملية التأهيل ومعالجة الشلل الذي تعاني منه الشعوب العربية.
قد يقترح البعض تغيير اسم الملفين الى الملف المصري الاجتماعي النفسي السياسي والملف العربي الاجتماعي النفسي السياسي. عملية تغيير العنوان قد تبدو بسيطة ولكنها أحياناً تلعب دورها في تضميد الجروح.
الاستشارات وإثارتها
بعد حقل الملفات هناك حقل الاستشارات٫ وهو أكثر الحقول مشاهدة. يجيب على هذا الموقع العديد من المستشارين وفي مختلف الاختصاصات الطبنفسية والاجتماعية والنفسية. هناك من يراسل الموقع طالبا المشورة والنصيحة عن مشاكل طبية خارج اختصاص الموقع٫ والموقع يجيب عليها ويؤكد على أنها خارج اختصاصه. ما تعكسه هذه الظاهرة عدم توفر الخدمات الصحية في العالم العربي التي تلبي احتياجات المواطن العربي ورحلة الشفاء من المرض. كذلك الحال مع الطبيب الذي يشرف على علاج المريض الذي يراسل الموقع فقد يشعر بالغضب من المريض ومن المستشار الذي أجاب عليه. لكن ظاهرة مراجعة المواقع عبر عالم الإنترنت ظاهرة إن لم تكن شائعة فهي أصبحت حقيقة يجب أن يتعامل معها الطبيب في ممارسته. يتم تدريب طالب الطب هذه الايام على التعامل مع هذه الظاهرة منذ وقت مبكر٫ ولا يستهدف الموقع إحراج الطبيب أو أي معالج نفسي كان من كان.
الرد على الاستشارة قد لا يرضي المستشير وله الحق في أن يبدي رزيه ويعارض وهذا أفضل بكثير من مراجعات طبية لا يسمح الطبيب للمريض فيها بإبداء رأيه عن العلاج ولكن ما يثير الجدل أحياناً هو الاستشارات الجنسية التي هي الأخرى تتميز بكثرة المشاهدات ويعترض البعض على نشرها ويتهم الموقع بالتركيز عليها لجذب المشاهدين. الموقع يعارض حجب مثل هذه الاستشارات والإجابات عليها ترفع من مستوى الثقافة الجنسية في العالم العربي وهي ربما في القاع الأسفل من الثقافات في عالم العرب اليوم. ما يوفره الموقع الآن ثقافة جنسية علمية تستند على مصادر وبحوث علمية أفضل بكثير من مواقع إباحية هدفها تضليل المشاهد واستغلاله مادياً.
الاتهامات وديانتها
زواج الطب النفسي من الدين لم يكن زواجا موفقاً وانتهي بالطلاق أكثر من مرة. ولكن بين الحين والأخرى يبحث الزوج عن طليقته ويتم تصفية الأمور والحديث عن الخطوبة والزواج ثانية. ّرغم ذلك لا يوجد فرع طبي واحد ينكر الاحتياجات الروحية لكل إنسان ويقدم الراهب ورجل الدين في الغرب خدمات علاج كلامية حاله حال رجل الدين في العالم العربي الإسلامي.
الاتهامات التي يوجهها البعض للموقع بأنه موقع إسلامي يختفي خلف قناع الطب النفسي تثير السخرية. هناك استشارات دينية يتم الإجابة عليها في إطار ديني بحت ولا عيب في ذلك فمن يجيب على هذه الاستشارات يجيب عليها كتابةً وللمستشير الحق في قبولها أو نبذها أو استشارة رجل دين بشأنها. هناك آراء دينية متنوعة وتزدحم بها المواقع الاجتماعية والحقيقة هي أن المواطن العربي يشعر بأن الاحتياج الروحي أحيانا هو الاحتياج الوحيد الذي يمكن تلبيته في مجتمعٍ لا يعني بالاحتياجات الناقصة الأخرى. إن من الغباء ان يهمل الموقع الذي يعنى بالصحة النفسية الاجتماعية العربية هذا الجانب من حياة الإنسان العربي.
المقالات وتنوعها
ثم هناك حقل المقالات الذي يحتوي على أربعة أجزاء ثقافية عامة تعطي الفرصة للكاتب الحديث عن مختلف المواضيع منها السياسي والحضاري والتاريخي. هناك حقل مقالات متنوعة وحق للمدونات وحقل عن فلسطين. لكن هناك تربية مجانين تتفحصه وتشعر بضياعه في هذا الحقل وربما على الموقع أن يفكر بإعادة تصنيف بعض هذه المقالات أو ربما نقل هذا الجزء إلى موقع آخر.
المستقبل
لم يتوقف الموقع عن تطوير نفسه والانتقال من مرحلة إلى أخرى جديدة تتناسب مع الثقافة البشرية الراهنة التي تتميز بسرعة تحركها وارتباكها. هناك أفكار جديدة وتحديات متنوعة واتصال بشري عبر عالم الإنترنت لا حدود له. يعيش العالم في إمبراطورية جديدة وإمبريالية ثقافية لم تستقر بعد ولا أحد يتوقع استقراراها في المستقبل القريب. هذه الإمبريالية الجديدة تجاوزت الحدود الجغرافية المعترف بها، ولا أحد يقوى على رسم حدود إلكترونية تمنع تواصل البشرية. موقع مجانين على علم بهذه الجغرافيا الجديدة ويشارك يتوعيه الجماهير التي تنطق بالعربية وتقديم الخدمات الثقافية في مجال اختصاصه وفي نفس الوقت تبقى رسالته عربية خالصة إطارها الوحيد هو الإنسانية.
واقرأ أيضاً:
تسمية الموقع مجانين : هل هذا مستوى بروفشنال؟ / عيد ميلاد مجانين 12 فاق العشر بسنتين!