صَرْضَرْ: شديد البرد والصوت، وتعني : صوت الريح العاتية الشديدة الباردة.
للطبيعة صولاتها وقدراتها الفتاكة عندما تغضب وتَغير على اليابسة بطاقاتها المائية والهوائية والثلجية والرعدية. وأول عهدي بقوة الطبيعة وسلطتها وهيبتها وهيمنتها عندما أمضيت زمنا بين الجبال وتحسست طعم البرودة الشديدة وأهوال العواصف الثلجية، والرياح العاصفة والرعود الهائلة والصواعق المرعبة، والحرائق الناجمة عن تفاعل الغيوم مع التراب، وكيف تتخاطب قمم الجبال مع بعضها حتى لتبدو وكأنها مكللة بغار نار وهاج.
وكم عايشت العواصف المطرية الصبّابة والثلجية الكثيفة التي تغطي الأرض بعشرات الإنجات من الثلج، وعملتُ في مناطق ذات بردٍ قارصٍ لا تجد للصيف والربيع طعما فيها، وجميعها كانت تمر بلا أثر كبير ولا تلهب مشاعر الخوف في النفس، بل تحسبها صديقة وجميلة رغم قسوتها. أما الرياح القاصفة الصرصر فإنها لمرعبة حقا ومخيفة جدا، وتجعل البشر واهنا أمام مصيره، فلهذه الرياح قوة هائلة لا يمكن لأية حالة أو بناية فوق التراب أن تصمد أمامها، إنها تعادل هجمات ملايين الطائرات لشهور في بضعة ساعات، فهجمتها شاسعة كلية، وأهدافها قد تشمل آلاف الهكتارات من المكان، ولربما زعزعت الجبال وحركتها عن مواضعها. فالرياح تكنز قوة تدميرية مطلقة تتفوق على أعتى قدرات التدمير التي ابتكرها البشر، وهي إن صالت على بقعة أرضية أحالتها إلى هباء منثور وعصف مأكول.
تلك هي الريح الصرصر التي إذا أغارت أهلكت واكتسحت وخربت ودمرت وأماتت، ومهما توهم البشر بأنه قد تقدم وتقوى وامتلك القدرات والآلات والبنايات والعمارات، فإنها أوهن من بيت العنكبوت أمام أهوال الرياح الصرصر.
هذه الرياح الصرصرية تحيلك أنت وسيارتك إلى ريشة متطايرة وتلقي بك في حفرة الختام، وإن ساء حظك وتورطت في طريق تتناهبه جولاتها فاقرأ الفاتحة على روحك وسلم أمرك للرياح التي لا تعرف الرحمة والهدوء، لأنها ستفترسك بوحشية لا مثيل لها ولا قِبل لأي موجود عليها.
إنها الرياح الصرصر وما أدراك ما هي، فاسأل عاد وثمود عنها !!
واقرأ أيضاً:
الكسوف والكشوف!! / إرادة ما فينا!! / التعرية والتورية!! / معنى الحج!!