في الماضي ولا تزال الحروب تتسبب بالاستحواذ على البشر واستخدامه لصالح المنتصر, فكان الأسرى غنائم فالرجال للعمل والنساء يصبحن ملكا وجواريا وغيرها.
وهذا السلوك لا يزال قائما بصيغ متنوعة, لكن جوهره أن القوي يمتلك الضعيف أو الأسير, سواء على مستوى التفاعل ما بين الدول أو داخل المجتمعات المتنوعة, فلكل مجتمع آليات استعبادية وتسخيرية واضطهادية تخدم القوي المهيمن على مقدراته.
قد يتوهم البشر بأنه قد تخلص من القيود والمُضطهِدات القهرية لكنه في واقع الحال, مستعبد بإرادة السلطة وبالقوانين التي تحمي القوي وتستعبد الضعيف وتحوله إلى آلة مطواعة, وحالة متحركة ضمن خطوط وحواجز ومسارات يُعاقب بشدة إذا انحرف عنها. وفي عالم التفاعلات الدولية تجد دولا قوية متسيدة وأخرى مستعبدة مهانة, مصادرة الإرادة والسيادة ومفقودة المصير ولا يمكنها أن تعبر عن حريتها في اتخاذ القرار, لأنها كالرهينة لدى الدول القوية, التي تأمرها بالقيام بما يخدم مصالحها وينمي قوتها وقدراتها المتنوعة.
وجميع المجتمعات المعاصرة لا تزال تعاني من الصراعات والتفاعلات السلبية ما بين القوي والضعيف, ولا يمكن لأي مجتمع أن يصل إلى ميادين العدل والإنصاف مهما حاول أو تصور, ذلك أن العدل ينتفي حتى في المحاكم, إذ تتحول القضايا إلى محاججات ومن سيفوز بحجته ومنطقه وآلياته المراوغة التي تقدم أطروحة مُحكمة.
وعليه فإن البشرية ستبقى تتأرجح ما بين الحالتين, لكن المتسيد يبقى متسيدا والضعيف سيبقى مستعبدا, وهذه علة خلقية صراعية لا يمكن للبشرية أن تشفى منها, وكأنها إرادة فاعلة في المخلوقات وتحتم عليها أن تعيش في محتدم, وتمضي على سكة الاحتراب والاغتصاب المطلق لما تناله القوة وتتمكن منه.
ومع ما تقدم فإن البشرية تعيش أرقى مراحل تأريخها, وأملنا أن تتواصل بالرقي لا أن تنتكس وتدخل في أنفاق الخسران والقتال النووي وما بعده.
وتبقى البشرية تطارد سراب أحلام!!!
واقرأ أيضاً:
القوي لا يأكل القوي!! / الشر والخير مصلحة؟!! / إنها العنتريات يا عبلة!! / الافترائية!!