"نارهم تاكل حطبهم"!! هذا مثل شائع ومعروف في مجتمعنا، وخلاصته أن الآخر الذي لا تحبه، تتمنى له أن يستهلك حياته وما عنده في صراعات متنامية مع بعضه البعض، كتقاتل الأخوة فيما بينهم والأقارب وأبناء العائلة الواحدة. أي أنهم بدل أن يكونوا متوحدين متعاضدين، يتحولون إلى أعداء يقاتل بعضهم البعض.
وفي مجتمعاتنا أمثلة على هذا السلوك. ويبدو أن نظرية "فرق تسد" قد تم استهلاكها في القرن العشرين، وأدت إلى اتخاذ نظرية قائمة في المجتمع وهي نظرية "نارهم تاكل حطبهم"!، ولتحقيق التعبير الفعلي والعملي عنها، لا بد من صناعة النار، وتبين أن الدين هو النار، ويمكن للدين أن يلتهب بتفاعلات معينة وبسيطة، وذلك بأن يتحول الدين إلى قوة سياسية، وأن يتم إنشاء أحزاب سياسية قادرة على التوصل إلى الحكم، عبر آليات وتفاعلات ذات تداعيات إحراقية، ومديات اشتعالية فائقة.
وكان لابد للديمقراطية أن تكون لكي تأخذ هذه الأحزاب دورها، فالتجربة الجزائرية، أوضحت ذلك، وأن جميع الأحزاب الدينية وغيرها، يمكنها أن تتحول إلى نيران تحرق الوطن والشعب، وتؤدي المهمة وتصنع رمادا ودخانا. فالمنطقة بودقة الأديان، وفيها منطلقاتها وتداعيات اختلافاتها وصيروراتها الدامية.
وهكذا حملت الديمقراطية رايات الأحزاب الدينية، التي لا تفهم فيها، وإنما تحسب ما وُهِبت من السلطة والقوة نعمة من ربها، وإرادة لابد لها أن تقاتل الآخرين من أجلها، وأن تسفك الدماء، وتكسب الشهادة، بمقاتلة الآخر من دينها، لأنه كافر وخارج عن طاعة ربّها، ووفقا لذلك فإنها انطلقت في مشاريع الرماد والدخان، وأسست لسلوكيات لم تعرفها الأجيال، وباركتها القوى ذات المصالح والأهداف، التي بعد أن صنعتها وآزرتها، ووضعت لها خارطة السلوك العسير، وحسبتها أمورا داخلية، لا تريد أن تتدخل بها.
وعليه فإن المنطقة ربما ستبقى مشتعلة، والأجيج سيزداد تصاعدا، والدماء سفكا، وسيتحول كل ما فيها إلى رماد ودخان. وليفرح الآخرون السعداء، الذين اكتفوا بغيرهم، وما أسعد هذا النجاح والفوز الكبير.
وتلذذوا أيها العرب برماد وجودكم، ودخان ويلاتكم وقهركم بدينكم!!
واقرأ أيضاً:
الجنس والكراسي!! / إنها مصر العربية؟!! / سيناريوهات دموية وإرادة مصرية!! / هل تغيرت العقلية لتعقل الحلول؟!! / تبديد الطاقات!! / تيار الدنيا وبُركة العرب!!