الذلة كلمة يرددها العرب ويرفعونها بشعارات تشير إلى رفضها وعدم الركون إليها والثورة عليها ومقاومتها, لكنهم يمعنون بالتمرغ بأوحال الإذلال والامتهان. فترى عبارات رفض الذلة مرفوعة فوق الأكواخ والبيوت العشوائية وحول الفقر, وعلى ربوع المسكنة والعوز والقهر والظلم والإجهاز على العزة والكبرياء, والحناجر تهتف بعدم الذلة وهي تمارس أذل من الذلة!!
أ ليس الإفقار والاحتقار والإهانة والاستعباد والإمعان بالخنوع ذلة؟!!
أ ليس الرضوخ للفساد والنهب والسلب والإذعان للدجل والأكاذيب ذلة؟!!
أ ليس القبول بالحكم بالحاجات والصعوبات والممنوعات ذلة؟؟
أ ليس القبول بفقدان البنى التحتية من رعاية صحية ووسائط نقل وشوارع حديثة ومدن جميلة ذلة؟!!
أ ليس الحكم بالحرمان من الكهرباء ذلة؟!!
أ ليس القبول بالنهابين والسراق والفاسدين وانتخابهم مرارا ذلة؟!!
أ ليس قتل المواطن للمواطن وتشريد الجار للجار ذلة؟!!
أ ليست الأحزاب والفئات المؤدينة تترجم سلوك الذلة؟!!
أ ليس الذين يرفعون شعارات رفض الذلة, هم في أذل حال وأحوال التأكيد على القبول بالذلة؟!!
أ ليس استلطاف الفقر والعوز والهوان في بلاد يتناهب ثرواتها المتسلطون على رقاب الناس ذلة؟!!
أ ليس التبعية للآخرين وتنفيذ مشاريعهم وتحقيق مصالحهم ذلة؟!!
إنها الذلة, الذلة يا عرب, ومن يقبل أن يعيش ذليلا حسيرا تابعا قابعا منوما ومتوهما, وراضيا بحياة القطيع والركون لرأي هذا وذاك مما يسمى بما يُسمى, وغيرها من التوصيفات الإذلالية الاستعبادية المشينة, ليعبر عن الذلة ويتمتع بها ويرتضيها بل ويدين بها.
إذا كان مَن يدّعي دينا فالدين يريد العزة والكرامة ويأبى الذلة, وإذا كان يدّعي الديمقراطية فإنها ضد الذلة, وإذا إدّعى أي منطلق سياسي أو عقائدي آخر, فالذلة مفردة لا وجود لها في حياة الإنسان الحر الذي يعبد ربا عزيزا قديرا.
إن الذلة عاهة سلوكية عسيرة تضرب أرجاء الوجود العربي, والكل يرفع شعارات مناهضة للذلة ويعيشها
ويعبر عنها أصدق تعبير!!
فتبا للذلة والأذلاء, ولن تقوم قائمة للعرب إن لم يتحرروا من قيود الذلة وأصفاد الإذلال والهوان المكبلة لحياتهم والقاهرة لتطلعاتهم.
وإن القبول بالذلة لجرم عظيم!!
فهل من عزة وكرامة يا عرب؟!!
واقرأ أيضاً:
القبضوية!! / مدن النفايات!! / مختصر التأريخ العربي المعاصر!! / العطب يا عرب!! / العرب والعرب!! / العمامة والعقال في قتال!! / هل أبقيتم قضية يا أصحاب القضية؟!! / الدول النفطية ومصير الإفلاس!!