تبدو السياسة وكأنها آليات تعبيرية عن المطمورات النفسية الفاعلة في أعماق الشعوب والمتراكمة بتفاعلات متداخلة ذات حصيلة جمعية. فالغلبة للإرادة النفسية التي تطغى وتتسيد وتجد مَن يغذيها ويطورها ويؤججها لتحقق أهدافها، وتمضي بعنفوانية جماعية مدوية حتى تخمد أنفاسها، ولكن بعد أن تغرق الدنيا بعواصف وأعاصير الويلات. فمن الواضح أن النفوس البشرية ذات مشتركات وتراكمات انفعالية تؤهلها للوصول إلى مستويات سلوكية قد تبدو غريبة وغير متوقعة، لكنها الحصيلة الحتمية لمثل هذه التداخلات التفاعلية التي تدير وتتدبر أحوال البشر، وهي طاقات لا واعية كامنة في دياجير أعماقهم.
وقد حصلت في مجتمعات عديدة على مر العصور، ودلائلها واضحة في القرن العشرين، في ألمانيا وإيطاليا وروسيا والمنطقة العربية في بدايات النصف الثاني من القرن العشرين، وقد تسببت هذه التحركات المتداخلة بأزمات مصيرية متنوعة المستويات، لأنها أدت إلى انفلات القوة وتمركزها بيد واحدة تقود الناس إلى مصائر مجهولة لأنها قد صارت ترقص على إيقاعات حركاتها..
وما يدور في العالم اليوم يشير إلى أن البشرية قد قررت أن تدفع بما فيها من المكبوتات وتتعامل بها باندفاعية شرسة، وهذا يعني أن الدنيا مقبلة على مواجهات تدميرية فائقة تحقق إرادة الأرض ومنطلقاتها البقائية وسلطتها الدورانية وهيمنتها الانجذابية. وبما أن العالم بحاجة لشخص واحد يستطيع أن يفرض رؤيته ويؤجج آليات المكبوتات ويُخرجها من مكامنها ويطلقها حرة متوحشة في سوح الأيام ، فأن الفرصة ربما أصبحت متاحة للإنفلاتات السلوكية الماحقة القادرة على إعادة ترتيب أوضاع المجتمعات الأرضية ، وبهذا فأن التطورات ستكون سريعة والتداعيات خطيرة وقاسية.
ومن هنا فلا بد من انطلاق المسيرة البشرية نحو أهدافها القاضية بتحديد القدرات التكاثرية، وتعميق مشاعر العدوانية والكراهية واستحضار مفردات الوعيد والتهديد، والهجوم المباغت الذي يمحق مجتمعات بأكملها، خصوصا وقد امتلكت الدنيا ما يدمر الوجود الأرضي ويحيل ما فوقها إلى عصف مأكول.
وعليه فإن الأيام القادمة ستكون محتشدة بالمفاجآت والمباغتات والهجمات الفتاكة، بأنواعها الاقتصادية والعسكرية والنفسية الكفيلة بهيمنة قوة واحدة على جميع القوى، وكأن الحياة في الأرض لا تسمح إلا بقوة واحدة ذات إرادة مطلقة وفي وضع تنافسي مع قوة أخرى ناهضة، لتؤكد دورة الصيرورة الأرضية.
فلنترقب، وستأتينا الأيام بما لا يخطر على بال من الأوهام!!
و"ستبدي لك الأيام ما كنت جاهلا...."!!
واقرأ أيضاً:
لعمائم والكراسي!! / تنبؤات ديزي!! / حَضرَ التديّنُ وغابَ الدينُ!! / آيْ ثِنْك!! I THINK