التحدي الأعظم الذي سيواجه أو يواجه العرب هو عدم قدرتهم على إطعام أنفسهم، والذي لا يُطعم نفسه يفقد سيادته وحريته وكرامته ولا يمكنه أن يعيش عزيزا، ولهذا فإن عليهم أن يدركوا جسامة التحدي وينهضوا بوعي وعزم نحو إقامة المشاريع الكفيلة بتوفير الطعام. أطعموا أنفسكم يا عرب، نداء يجب أن يتردد في جميع المنابر، وتدركه العمائم واللحى وتنادي به بدلا من أحاديث وخطابات الضلال والبهتان المتفاقمة، التي تعطل العقول وتكسّر السواعد، أو تحفزها على سفك الدماء وتنمية الجياع وتدمير الزرع والضرع والشجر.
والإطعام العربي يكون باحترام الزرع والعناية بالشجر، وتأتي النخلة في مقدمة الأشجار المباركة التي تمنع الجوع وتوفر الطعام الضروري للبشر وللماشية التي تطعم البشر. وهذا يتطلب القيام بحملات متواصلة لزراعة النخيل، وأن يُرفع شعار في كل بيت نخلة، وفي كل الشوارع يجب أن ينتشر النخيل، فالنخلة شجرة نظيفة معطاء يمكن الاستثمار في كل ما تعطيه من ثمر وجريد وسعف.
والإطعام العربي يتطلب الاهتمام بكل بقعة تراب وزراعتها بما يمكن أكله، كما يحصل في اليابان والصين التي لا يعنيها زراعة الثيل بقدر ما تزرع الرز والشاي الأخضر والخضراوات، فلا تجد فيها مساحة مهما كانت صغيرة إلا وتم زراعتها بما يؤكل، حتى السنادين داخل الشقق والبيوت يزرعون فيها ما يأكلونه ومن النادر أن تجد غير ذلك كنباتات الزينة.
والإطعام العربي يستوجب وعيا زراعيا واهتماما باللون الأخضر، الذي يعني العمل الجاد للقيام بحملات تشجير وعناية فائقة بالشجر، فاللون الأخضر يحفز العزائم ويمنح الحياة طعما ومعنى، وينتقل بالروح الإنسانية إلى آفاق الإبداع والعطاء الأصيل. كما أن الصناعات الغذائية لها دورها في الإطعام، ولابد للعرب أن يبدعوا بتصنيع منتوجات النخيل، وينتقلوا من مراحل تعليب التمر إلى التصنيع الغذائي من التمر، مثلما يحصل في اليابان والصين حيث تطورت الصناعات الغذائية من الرز، حتى لتجد في الأسواق أطعمة متنوعة لا تحصى من الرز، ابتداء من الكيك إلى الخبز وغير ذلك من المنتوجات الغذائية المصنعة، وحتى المشروبات يتم تصنيعها من الرز، بينما العرب لا يعرفون سوى تعليب التمور واستخراج الدبس منها وبطرق بدائية.
ويبقى الإطعام العربي معضلة كبيرة تحتاج لهبة شعبية مجتمعية يدرك فيها المواطن مسؤولية إطعام نفسه وعائلته، وعليه أن يمتلك ثقافة إنتاج الطعام، لا أن يمضي في دروب الاعتماد على الغير لتوفير الطعام له ولعائلته، وعلى العرب أن يتكاملوا غذائيا، أي أن يطعم بعضهم بعضا لا أن يستوردوا من الآخرين طعامهم، فلا يُعقل أن يستورد العرب الرز والحنطة وباقي الأطعمة من الصين!!
فهل سيدرك العرب جسامة التحدي وأخطار الجوع التي قد تداهمهم ذات يوم؟!!
واقرأ أيضاً:
آيْ ثِنْك!! I THINK / احترامي للحمير!! / القِوى العقلية للكراسي العربية!! / وطن تشيّده السواعد..!! / مصر والاستثمار في العلاجات الطبية العربية!! / رهائن قال!! / الأنهار الموازية!!