الديمقراطية بهتان والعواطف البشرية سلطان, والانتخابات سلوك عاطفي انفعالي متأثر بآليات التسويق الانتخابي المبنية على إثارة الحماس والخوف, وهي أساليب اصطيادية إيقاعية تستحوذ على الوعي البشري, وتسخّره لتدمير ذاته وموضوعه وهو في غياهب الغفلة يعمه ويتمرغ كأنه منوّم. فالحملات الانتخابية لا تخاطب عقول الناس ولا تقدم برامج لتحقيق حاجاتهم ومتطلبات عيشهم ورفاههم, وإنما هي مبنية على إثارة العواطف الحماسية تجاه المرشح والخوف من المرشح المضاد, فيصبح الناخب مرهونا ما بين الترغيب والترهيب.
فهذا يثير الحماس في النفوس الانتخابية بما يطرحه من الأضاليل والأكاذيب وآليات التسويق الدعائي المعروفة, من كلمة وصورة وصوت وغيرها من مفردات الإيقاع بالناس ودفعهم لانتخابه, وفي ذات الوقت يشيع مشاعر الخوف والرعب من الخصم ويحاول أن ينفّر الناس منه ويخرجهم من صفوفه. وهي لعبة عاطفية معروفة تمارس في العديد من المجتمعات التي تسمى ديمقراطية, حتى تجدها تنتهي بانتخاب مَن يمثلها وهي لا تمت بصلة إليه, بعد أن هدأت سوراتها الانفعالية ومخاوفها المزعومة أو المصطنعة.
وفي مجتمعاتنا الموجوعة يتم استخدام الخوف من الآخر كوسيلة بشعة وجشعة لنيل الأصوات وإعماء الناس, وإصابتهم بالرعب الهستيري الذي يملي عليهم الانعطاف نحو هذا المرشح دون غيره. ويبدو أن مناهج الخوف والتخويف والترعيب من الآخر بما يرافقها من إقرانات تدميرية مخطط لها, أو مبرمجة ومحسوبة لرهن الناخبين والاستحواذ على أصواتهم, هي الوسيلة الشائعة والتي تأتي بنتائج طيبة للمستحوذين على البلاد والعباد, ولهذا فالناس ينتخبون مَن لا ينفعهم بسبب الخوف والرعب الذي يجعلهم يفكرون بآليات سلبية, فيستلطفون القهر والحرمان والحكم بالحاجات, وقد أوهموهم بأنه أفضل لهم من الموت والوعيد الذي يخوفونهم به ومنه ويدحرونهم فيه, وهكذا فإن الديمقراطية بهتان عظيم ما دامت العواطف البشرية هي السلطان والعنوان.
فهل سيتحقق الوعي, ويسود التفاعل العقلاني الراجح اللازم لبناء الوطن والإنسان؟!!
فما أروع الديمقراطية عندما يعقلها البشر وتتنعم بها الأوطان!!
واقرأ أيضاً:
أعوذ من شرّ الانتخابات على العرب!! / حطموا فتحطّموا!! / الصين قدوتكم يا عرب!! / أصوات أطفالنا تنير عزائمنا!! / الانتخابات مهلكة العرب!!