الحرب التجارية الضارية ابتدأت ما بين الأقوياء، وربما ستكون بشراسة غير مسبوقة، وقد بدأتها أقوى دولة ضد عدد من الدول التي تتفاعل معها تجاريا وفقا لمفاهيم وضوابط العولمة، التي تحولت إلى كابوس اقتصادي وتواصل سياسي احترابي الطباع.
الحرب التجارية انطلقت بفرض الضرائب على المواد المستوردة وفي مقدمتها الحديد والألمنيوم، وهما مادتان تدخلان في صناعات متنوعة، وبدأت التهديدات المتبادلة والضرائب ستفرض على كل مستورد من هذه الدولة أو تلك، والذي يخسر هو المواطن، ومَن سيدفع الثمن هي المجتمعات الضعيفة التي لا حول لها إلا أن تستهلك، وتعتمد على الأقوياء في ما تحتاجه من المصنوعات والحاجات اللازمة للحياة المعاصرة، التي باتت محاصَرة ومدمرة في مجتمعات الضعفاء المنشغلين بالأضاليل والمخمورين بالبهتان المقيم.
والحرب التجارية ما هي إلى تعبيرات سلوكية عن حرب حقيقية تريد أن تنفلت لتعم الدنيا، ويحاول القادة أن يعبرون عنها بأساليب مراوغة، لكنها في النهاية ستؤدي إلى حرب نارية ضروس تحيل كل العمران إلى خراب وهشيم وحطام حزين.
وكأن الويلات العاصفة في المجتمعات العربية مقدمات وتأهيلات لاندلاع الحرب على نطاق عولمي متعدد الميادين، فما جرى في العراق وسوريا وليبيا واليمن ربما سيمتد إلى بعض المجتمعات الأرضية، ولكن بقدرات أكثر فتكا ودمارا وقسوة مما جرى في العالم العربي، الذي يئن من الضربات القوية لقدرات خفية تحقق تجريبها فيه، وعلى رؤوس الأبرياء من أبناء الشعب المساكين، الذين يعيشون تحت ظلال الحكومات الضعيفة الخانعة التابعة المنفذة للأجندات الفتاكة.
ويبدو أن الخطوات بدأت على سكة المعارك التجارية، فقد أخذت التهديدات تنطلق، والاستعراضات العسكرية، التي تعني التحدي والترهيب والإنذار بالخطر، تتواصل في الدول التي تظهر وكأنها ذات قدرات فتاكة وهائلة التدمير، وبعضها يصرح بأن الأرض بأكملها رهن يديه وأن لا بقعة تستعصي عليه، ولا قوة قادرة على ردع ما يملكه من صواريخ هجومية ذات وعيد.
ومن المعروف أن الحروب العظيمة تبدأ بالحروب التجارية أو الاقتصادية، التي تتفاقم وتأخذ الدول إلى حيث المواجهة الدامية الملتهبة، وفي زمن تعاظم فيه إنتاج السلاح وقدرات المحق المتبادل، فإن الحرب تعني الجحيم الأكيد، وأن سقر ليست خيالا وإنما هي من صنع البشر. فهل أن الضعفاء سيتحولون إلى حطب في ميادين الصراعات الآتية، وهل أن الأرض العربية ستكون هي الساحة المثلى للمنازلات المدوية القاضية على كل موجود فوق التراب وفيه؟!
إن الواقع القائم يشير إلى أن سيناريو الحروب الوعيدية السقرية سيكون على سوح تحول البشر فيها إلى أرقام والديار إلى خراب، وصار أهلها هم القاتل والمقتول معا، وهذا ما يخيف ويشير إلى صولات ثبور ذات حضور.
فهل إنها القارعة وما أدراك ما القارعة؟!!
واقرأ أيضاً:
عباس محمود العقاد في مكتبة سامراء العامة!! / غياب العدل خراب العقل!! / الحروب ضروب!! / ريح صرصر!! / أزمة أخلاق !!