رجلٌ أكْرَشً: عظيم البطن.
الكَرِش : معدة كل حيوان ذي ظِلف أو خُفٍّ أو مجتر.
والأكرشة يُقصد بها بناء البطون العظيمة أو التكريش، فيكون الواحد صاحب كُرشٍ، وهذا سلوك خطير معوق للحركة ويتنافى مع الصحة ودوام العافية وكفاءة الحياة. وهي ظاهرة استوقفتني كثيرا بما يردني من صور للأصدقاء والمعارف والعديد من الأخوة في المجتمعات العربية، فمعظم الصور يبدو فيها الكرش بارزا، والسمنة واضحة، والبعض منهم لديه أمراض وراثية خطيرة عليه أن لا يوفر الظروف المؤاتية لتفعيلها، لكنه يمعن بالتكريش. ويبدو أن للظروف النفسية وتراكم الشدائد والحياة في بيئة تناحرية وتعويقية تتسبب بانحرافات سلوكية لها علاقة بالطعام والأكل، كالتعبير عن التخلص من الانزعاج والتوتر والإحباط بالاندفاع نحو الأكل المتواصل، فيتحول الأكل إلى وسيلة دفاعية وآلية لتحقيق الشعور بالراحة والاطمئنان والتحرر من المشاعر السلبية.
فالكرش يعني تجمع الشحوم الضارة في جدار البطن وحول الأحشاء الداخلية، وبسبب هذا التكدس الكبير للشحوم يكون الشخص عرضة لأمراض القلب والأوعية الدموية، والإصابة بالسكر الشديد المقاوم للإنسولين، وسرطان المخرج والقولون، وصعوبة النوم أو الاختناق أثنائه، والموت المبكر لأسباب متنوعة، وارتفاع ضغط الدم، ودوالي الساقين، وغيرها من المضاعفات، فالبطون العظيمة ذات أضرار وخيمة. ومن المعروف أن الوزن يحدده ما نأكله وما نكنزه من سعرات حرارية نعجز عن تصريفها أو حرقها بالحركة والرياضة، فنتمادى بالجلوس أمام التلفاز وننسى الحركة، وبعضنا ربما يخطو بضع خطوات في اليوم وحسب، وكأنه قد نسي أن لديه ساقين عليه أن يسير بهما، ويدين يجب أن يعمل بهما أيضا.
فعندما نأكل كثيرا ونتحرك قليلا نزداد وزنا ونبني كرشا!!
ومع تقدم عمر البشر تضمحل عضلاته فيكون استهلاكه للطاقة قليلا، وعندما يتواصل بالأكل الزائد فإنه يكدس شحوما في بدنه. ومن الواضح أن للوراثة دورا في هذا الشأن فبعض الناس يأكل كثيرا لكن قدرته على حرق السعرات الحرارية كبيرة فلا يضيف وزنا بسهولة، والبعض الآخر على العكس استهلاكه للسعرات الحرارية يكون بطيئا مما يتسبب بالسمنة المرضية. وما يواجهه البشر اليوم من مخاطر طعامية أو غذائية أن الكثير من السعرات الحرارية موجودة في المشروبات بأنواعها وفي الأطعمة السريعة والمعجنات والحلويات، وبسبب وفرة الصناعات الغذائية وأساليب التسويق المبرمجة فأن الناس تندفع وبشراهة نحو الأكل، ولا تتحسب لمخاطر ما تفعله وتقدم عليه، فالجميع يأكل ثلاث وجبات أو أكثر في اليوم، وكل وجبة فيها من السعرات الحرارية ما يكفيه ليومين، وبتراكم السعرات الحرارية لتكرار الوجبات تتحقق السمنة المفرطة وتبدأ المعاناة من مضاعفاتها.
واليوم في العيادات والمراكز الصحية في الدنيا يتم التركيز على محيط البطن أو الخصر وقياسه للتأكد من توافقه مع المقاييس الصحية المطلوبة، فبالنسبة للرجال إذا تجاوز المحيط (102-94) سنتيمتر، فإنه يشير إلى احتمالات ضارة بالصحة، وبالنسبة للمرأة إذا تجاوز خصرها (88-80 ) سنتيمتر. ولهذا فالمطلوب أكل الطعام الصحي النباتي المكونات، والتقليل من المشروبات والأطعمة الكثيرة السكر، بل التقليل من السكر في الشاي والقهوة، ومحاولة التقليل من كمية أو حجم الوجبة الغذائية، والأهم هو زيادة النشاط الحركي والمشي لساعتين ونصف في الأسبوع على الأقل.
ولابد من إشاعة الثقافة الغذائية في المجتمع، فمعظم مجتمعاتنا تعاني من أمية غذائية صارخة، بينما مجتمعات الدنيا المتطورة عندها ثقافة غذائية واضحة، لكن هذا لا يعني عدم انتشار الكروش فيها، لكنها تلقى الرعاية اللازمة وتستنزف الطاقات العلاجية والتمريضية في بلدانها، لما تتسبب به السمنة من مخاطر صحية ومضاعفات صعبة ومزمنة.
فهل سنتأمل كروشنا ونردع بطوننا لكي نتنعم بعافية وقوام سليم، ولبدنك حق عليك ؟!!
واقرأ أيضاً:
مقالات عن البدانة / مشكلة البدانة في العالم العربي مشاركة / كأنّ الرؤوسَ حاوياتُ نفايات!!