هذه حقيقة سلوكية معمول بها ومتكررة في الصراعات البشرية منذ الأزل، وقد تكررت مرارا في القرن العشرين في بلدان متعددة ومنها بلدان المنطقة العربية. أي أن القوة المفترسة لأية دولة تأتي بمن يواليها ويبرر ما قامت به ولا يعارض إرادتها، فينفذ أوامرها ويحقق مصالحها ومشاريعها لكي يبقى في الحكم.
ولا جديد في الأمر سوى أننا نعيش في عالم مكشوف تتعرى فيه الأشياء، وتنتشر كالنيران في الهشيم عبر وسائل التناحر الاجتماعي المفضوحة التي لا تعرف المستور. وبسبب هذه المفضوحية انطلقت الوقاحة التي تؤكد سلوك ما دمتَ لا تستحي من أي شيء فافعل كل شيء، ما برح الفاعل مؤيّدا بقوة المفترسين فهو لا يعنيه أمر الناس، الذين يتسيّد عليهم بعد أن كان من السائبين المُعالين من قبل الآخرين.
وبإمتزاج الوقاحة مع الحياة، تم بناء ثقافة سلوكية ترويجية وتسويفية وتبريرية، لِما يقوم به المجلوبون من غياهب التيه الرجيم. ووفقا لذلك تم تقرير وإشاعة هذه الثقافة، ولعبت العمائم المتسولة دورها بالتشجيع على السلوك المتوحش، وفقا لفتاوى وخطابات همجية تأجيجية لإحداث زعزعة انفعالية وعاطفية عند الناس وإفقادهم لتوازنهم وترويعهم، وتحويلهم إلى موجودات هائجة ذات توجهات تدميرية لذاتهم وموضوعهم.
فالمتوحشون المفترسون لهم الحق بالقيام بما يرونه مؤازرا للافتراس والاغتنام، لكن المجتمعات المنكوبة عليها أن تدرك حقها وتشمر عن سواعد مسؤوليتها، وتعبّر عن إرادتها وما يصلح لوجودها عبر الأجيال، لا أن تكون كالأغنام المثاغية التابعة لكراسي المفترسين لها، فهم ذئاب شرسة مفلوتة ومحروسة بذئاب مذؤوبة!!
فهل من يقظة ووعي للحقوق المسلوبة والإرادة المعطوبة؟!!
واقرأ أيضاً:
الديمقراطية والديماغوجية!! / تسييس العواطف والانفعالات!! / طواحين الذات المنكوبة!! / الاعتقاد والاستدلال!! / التحاورية!!