المجتمعات الحية المعاصرة تتعلم من تجاربها، وتستخلص الدروس والعبر التي تساعدها على تجاوز أخطائها وعدم تكرار قراراتها الضارة بالحياة. والنظم السياسية التي نجحت وتفوقت هي التي آمنت بتجربتها وتعلمت منها، وطورتها لتحقيق المصلحة العليا المشتركة للبلاد.
وأقرب مثال على ذلك الصين التي انطلقت بتجربتها وبتقييم كل قرار وسلوك ونتيجة وإخضاع السلوك السياسي للبحث العلمي والدراسة النزيهة، فوصلت إلى ما وصلت إليه من نظام حكم أفاد البلاد وحَكم العالم اقتصاديا حتى أصبحت البشرية تعتمد في حياتها على الصين، التي تمكنت من تلبية حاجات أسواق الدنيا قاطبة.
ومن الواضح أن المجتمعات الراكدة أو المتقهقرة هي التي لا تعرف مهارات التعلم من التجارب، ولا تمتلك المناهج والآليات القادرة على الدراسة والبحث والتحليل والاستنتاج، وإنما يكون قرارها ومعالجاتها نابعة من رؤى فردية ومواقف أكثر ما تكون انفعالية وردود أفعال انعكاسية، وربما تعبير عن الغضب والعدوان وغيرها من السلوكيات المحكومة بالآليات الدفاعية الأولية.
وما يثير الاستغراب والتساؤل أن بعض المجتمعات التي ترى بأنها تعيش مسيرة ديمقراطية لم تتعلم من تجربتها شيئا نافعا على مدى زمن محتدم بالتفاعلات التي يُراد تسميتها بالديمقراطية. وهذا يعني وجود خلل سلوكي وفكري ونفسي فاعل في التصور والتواصل، مما تسبب بانهيارات سياسية واجتماعية وصراعات أليمة وخاسرة على جميع المستويات، وتحت رايات الديمقراطية والحرية وما هي إلا غير ذلك تماما، فتأتي انحرافا مدمرا للحالة الاجتماعية والوطنية والحضارية والثقافية مما يفاقم التداعيات ويدفع بالبلاد إلى الويلات.
فلابد من تمثل التجارب والتمعن بتقديرها وما نجمت عنه، وما هي التوصيات العملية الكفيلة بالتحصن من تكرار النواكب والأخطار التفاعلية ما بين أبناء المجتمع الواحد.
فهل سنصحو ديمقراطيا وننظر بعيون وطنية إنسانية معاصرة لكي نعرف الحياة؟!!
واقرأ أيضاً:
إرادة الحرب وإرادة السلام!! / الانقطاعية!! / الانحرافية!! / انتحابات!! / دولة الكراسي؟! / نمطيات التفكير الخائبة!!