الوطنية تحولت إلى قطرة سراب في رمضاء الوجود العربي، وما عاد لها قيمة ومعنى ودور في حياة المجتمع، قد يقول قائل ما هذا الافتراء والاعتداء على الوجود العربي، لكن الواقع السلوكي يؤكد ذلك ويدعمه بالأدلة والبراهين والتفاعلات المتكررة والمتراكمة. فأين الوطنية فيما يجري في العديد من الدول العربية، انظروا العراق وسوريا وليبيا واليمن ودول أخرى بقربها وحولها وابحثوا عن الوطنية في السلوك والتفاعل، فهل ستجدونها، أم أن السائد هو التبعية. فالمجتمع العربي في العديد من دوله قد تحول إلى فئات وأحزاب ومجاميع تدين بإرادة الآخر وتترجم تطلعاته وتحقق مصالحه ولا تعنيها مصالح الوطن.
فالأحزاب العربية في معظمها تابعة، أما الأحزاب الدينية فجميعها منطوية تحت ألوية قوى خارجية. وفي الواقع المريض تتأكد إرادة الطامعين بالثروات والقدرات العربية وتتطور إلى درجة غريبة، تتصف باستخدام أبناء المجتمع لتدميره واختراقه والتمكن من الحياة فيه ومصادرته بالكامل. وهذا السلوك أسهم بقوة بتمييع وتغييب وضياع الوطنية، وتعزيز وتقوية وتسويغ التبعية واعتبارها سلوكا مقبولا وشائعا، مما ترتب عليه إهمال واضح للكتابات الوطنية، وفقدان شديد لرغبة الكلام بمفردات وطنية وعبارات ذات قيمة تحفيزية وحماسية، وتخندقَ أبناء المجتمع في كينونات صندوقية مغلقة مؤهلة للتصادم والاحتكاك والالتهاب. وهذا الحال المرير وفر الفرص الثمينة للمفترسين والساعين للاستعباد والامتلاك والمصادرة.
وهكذا فالسلوك الفاعل يحدوه نداء، اتَّبِع واقبع، وتلك مصيبة أمة في ذات أمة، تتمزق هويتها، وينهال عليها أبناؤها بأسلحة تبعيتهم، فيمزقونها إربا إربا!!
فهل انتصرت التبعية على الوطنية؟!!
واقرأ أيضاً:
الفراشات الحديدية!! / العربقراطية!! / ما بعد الديمقراطية!! / وهم الديمقراطية!! / الوطنية المهزومة والتبعية المشؤومة!!