قادة الأمم والشعوب تحث مواطنيها نحو تحقيق غاية واحدة وهدف وطني مشترك صالح للجميع، فهي تعلي قيمة الوطن والمواطنة ولا يعنيها بعد ذلك شيئا آخر، لأن إنتفاء الوطن والمواطنة سينفي كل شيء آخر.
والقادة اليوم تجدهم يتحدثون في خطبهم ورسائلهم وتصريحاتهم على ضرورة الصوت الوطني الواحد والقلب الوطني الواحد، بمعنى أن الشعب يجب أن يعتصم بحبل الوطن وحسب، ولا يمكنه أن يضع حالة أخرى مهما تصور وتوهم فوق الوطن. والمجتمعات التي تفوز بقادة من هذا الطراز هي القوية العَلية، والتي تحظى بدونهما هي الضعيفة الشقية المتهاوية إلى حضيض الخسران والبهتان.
والعلاقة جلية ما بين رؤية القادة والشعوب، وقوتها وضعفها، فالرؤية القيادية هي التي تحدد وترسم مسارات الشعوب وتوجهاتها، وكيفيات التفاعل بينها ومع غيرها من شعوب الدنيا، ووفقا لهذه الصورة المتحفزة في الوعي الشعبي يكون السلوك، ويمكن قياس وتقدير درجات التقدم والتأخر، والقوة والضعف.
فالمجتمعات المقتدرة في الواقع الأرضي، هي التي توصلت إلى صياغة رؤيتها الوطنية الجامعة المانعة، القادرة على ضم التنوعات والاختلافات في وعاء الوطن القوي المتطور المتجدد العطاءات والابتكارات، وهي تعزز هذه القيمة وتوّحد الصوت وتسعى لضبط إيقاعات القلوب وتوجهاتها نحو مستقبل أفضل وكينونة أمثل، وبهذا هي قوية ومقتدرة ومتطلعة نحو مستقبل أزهر.
أما المجتمعات الخاوية المستضعفة المغلوبة على أمرها، فإنها كذلك بسبب قادتها وآليات الحكم فيها، التي تفتقد الرؤية الصالحة الصائبة وتنكر الإرادة الوطنية الجامعة، وتتمثل فيها شرائع الغاب ونزعات النفوس الأمارة بالشرور والمنكر، فيكون ما فيها متحققا حولها، وبهذا تساهم في تدمير أوطانها ومواطنيها، وتهدر الثروات وتأخذ البلاد والعباد إلى جحيمات سقرية مستعرة لا تعرف الخمود.
إنها معادلة بسيطة سهلة فاعلة في الوجود البشري على مر العصور والأزمان، وبرغم التأكيد عليها في العديد من العقائد والأديان والرسائل الإصلاحية، فإن البشر لا يرعوي، لأن الكرسي له تأثيراته المداعبة لمطمورات النفس البشرية، فيرغّبها بشهوات وهفوات حتى يقضي على أصحابها، وهكذا دواليك!!
فهل من وحدة صوت وقلب يا عرب؟!!
واقرأ أيضاً:
الوطنية المغيّبة والفُرقة المُطيّبة!! / القوة والسذاجة!! / الدول الحاكمة والمحكومة!!