القائد هو الذي يعبر عن إرادة مَن يقود، فهو صاحب مؤهلات وقدرات استشرافية وآليات إدراكية، ومهارات تنفيذية تساهم في تحقيق مصالح شعبه أو مجتمعه أو دائرته ومؤسسته، أو أيا كان موقعه القيادي.
ولابد من امتلاكه لقدرات إلهامية وقابليات تحفيزية تثير في مَن يقود الحماس والإرادة للوصول إلى الهدف المطلوب وفقا للرؤية القيادية، وعليه أن يكون صاحب أفكار ويتمكن من التواصل بوضوح مع الآخرين.
وأن يكون نزيها وأمينا صادقا، ويقدّم حلولا ويحلل المواقف والمواجهات، ويبحث عن النتائج، ناجحا في علاقاته، مهنيا، يمتلك ستراتيجية ويساهم بتطوير الآخرين وابتكاري القدرات.
ولا يمكنه أن يصل إلى نتائج ذات قيمة إنجازية ومؤثرة في التقدم والرقاء إن لم يكون متفاعلا، وقادرا على قراءة ما يجيش في أعماق الذين من حوله وتحت إمرته، ولهذا فهو بحاجة إلى نقدٍ وتقييم وتقدير لما يقوم به ويقرره، بمعنى أن عليه أن يُخضع قرارته وتصوراته للنقد ولفحوصات معارضيه لكي يبصر سواء السبيل، وإلا فإنه سيكون كالميت الذي يتفاعل مع الحياة.
وهذا المفهوم للقائد يغيب في المجتمعات التي تقاسي ويعم فيها الفساد، وتهيمن على وجودها التداعيات والانكسارات المتنوعة، ويخيم على وجودها الإحباط واليأس والقنوط وعدم الثقة بنفسها وحاضرها ومستقبلها.
فأول عاهة اعتبار المعارضة أعداء، وأي رأي معارض عدوان، والنقد اعتداءً سافرا على مقام السلطان، فالواقع الذي يؤدي إلى تداعيات مريرة، يؤكد إنتفاء مفهوم القائد وسيادة مفهوم الفردية والنزقية والتبعية وتعطيل العقل ومصادرة الرأي، والقضاء على كل ما هو صالح لخدمة الوطن والمواطن.
فالعلة الكبرى أن الذي يتسنم المسؤولية في هذه المجتمعات يعيش في عالم منقطع عن الواقع الحقيقي للحياة، ويكون متأثرا بالمراسيم البروتوكولية والتفاعلات التبجيلية التي تخرجه من كونه من بني آدم وتوهمه بأنه قد اعتلى عرش فرعون وأكثر، حتى ليُصاب بتشويشات إدراكية وتفاعلات هذيانية ووهمية تدفع به إلى اتخاذ قرارات فجائعية بحق نفسه وحزبه وشعبه وغير ذلك، وقد حصلت مثل هذه الحالات في مجتمعات عديدة أودت بالقادة إلى نهايات مروعة، بسبب الانقطاعية وفقدان الحاسة القيادية الحقيقية وعدم الشعور بأن الزمن يتحرك والدنيا تتبدل، وأن لا يتوطن القائد بركة من الأفكار والأوهام التي تتعفن وتفسد وتقضي على مَن فيها.
وعليه فإن القائد الحقيقي هو الذي يكون متقبلا للنقد ومراجعا لما يقوم به، ومصغيا للمعارضين وتقييم وجهات نظرهم وآرائهم، والعمل على الأخذ بها أو ببعضها وعدم إهمالها والنظر إليها بعين الكراهية والعدوانية التي تتسبب بزيغان البصر.
فهل لدينا قادة بهذه المواصفات لكي تتقدم مجتمعاتنا ؟!!
واقرأ أيضاً:
اشتريت تذكرة المونديال من مالي الخاص!! / مَن يغتصب إرادة الحياة تنال منه الحياة!! / أمية الأجيال / تصير لهم ﭽارة لو ما تصير؟!!