ماذا حصد العرب من تفاعلات التعادي مع الحكومات منذ تأسيس دولهم وحتى اليوم؟
ولماذا هذه النزعة التخاصمية ما بين الحكومات والشعب؟
ولماذا نحسب كل مشكلة سببها الحكومة والشعب منها بريئ؟!!
تساؤولات تستحق وقفة وتأمل، لأن سلوك التعادي مع الحكومات الذي ورثته الأجيال قد تسبب بتداعيات مروعة وخسائر فادحة، وما استطاع جيل أن يخرج من دائرة التفاعل السلبي مع الحكومة أيا كان نوعها ومنهجها.
هل أن هذه النزعة قد تأسست في النفوس العربية مع إنشاء دولهم؟
ولماذا تم تعزيزها وتطويرها والاستثمار فيها؟
لو نظرنا إلى حكومات الدول المتقدمة، لتبين أن شعوبها تتفاعل بإيجابية معها، وتخاصمها بأساليب لا تضر بالبلاد والعباد، وإنما توجه لها الانتقادات البناءة، وتعارضها في الاجتهاد بتقديم الأفضل للوطن والمواطنين، وترشدها، وتشارك معها بصناعة الحياة الأرقى. أما في مجتمعاتنا فإن التعارض والانتقاد يكون حاميا ودمويا، وتصارعيا على السلطة، فكل حكومة تأتي تصبح تحت ضغط التهديد بزوالها وفقدانها للحكم، وبهذا تعيش في حالة من الخوف والشك والحذر والتوجس، وتستنفد طاقاتها بكيفيات البقاء في الحكم ومنع الآخرين من أخذ السلطة منها، وعلى ذلك تترتب سلوكيات تبدو وكأنها لتأمين أو ضمان الحكم والسلطة، لكنها تنتهي بزوالهما معا.
وهذه الدوامة التفاعلية التدميرية تعصف في الوجود العربي من أقصاه إلى أقصاه، فمعارضاتنا عدوان وتقاتل، وإنتقاداتنا هجومات إمحاقية اجتثاثية حارقة، حتى لتجدنا لا نؤمن بأنفسنا، ونكره بعضنا لأننا قد تسببنا بمتواليات سلبية متمكنة منا.
والمطلوب أن نغير رؤانا وتصوراتنا ونبني سلوكا وطنيا قويما، خلاصته أن نبتكر آليات تعاون مع الحكومة، ومساعدتها على إداء مهماتها وإنجاز أعمالها بطمأنينة وتكاتف أمين، فالتعاون أنفع للطرفين. ذلك أن آليات التعادي مع الحكومة تدفع بها إلى الاستعانة بالقوى الإقليمية والعالمية للبقاء في الحكم، بينما لو أعانها الشعب على ذلك وتضامن معها بما يحقق الأماني والمصالح المشتركة، فإنها ستكون أكثر كفاءة في الخدمة والجد والاجتهاد، ويمكنها أن تنتصر على الفساد بتعاونه معها.
فهل سنعيد النظر بعلاقتنا مع الحكومة، أم سنبقى ننسج بذات المنوال العدائي الفتاك؟!!
واقرأ أيضاً:
لكل مختَرعٍ غايتان!! / انقلابات واضطرابات!! / جمال ومآل!! / خليج أو حليج؟!! / التدوين الآثم!! / التراجعية!! / الأجنبي ربما يعرف القرآن أكثر من المسلم!!