يحتفل العرب والمسلمون بمولد النبي الكريم، في أجواء بهجة وفخر وشعور بالرجاء والعزة والكرامة، وهم يستعيدون مسيرته ويقتدون بسنته، ويؤمنون برسالته المنيرة الساطعة في آفاق السرمد والخلود. وهم يعرفون أن الخالق سبحانه قد خاطبه بالقول "وأنك لعلى خٌلقٍ عظيم"، ويعرفون أنه رسول تفاؤل ورحمة وبشرى، ففي أحلك الظروف كان يبث روح الأمل في نفوس أصحابه، ومنها أنه في معركة الخندق كان يبشر أصحابه بفتح بلاد فارس، فهو المبشر الميّسر الواعد بالرحمة والرأفة والقوة والعلاء والنماء والتقدم والعطاء.
نبي بشارة وشرح صدور وتيسير أمور، وسماحة وعدل وإخاء، واعتصام بالأخوة الإنسانية والمحبة العبقة الجماء. نبيٌّ إيجابي التطلعات والرؤى والتصورات، وما يقوله يبعث في الأعماق الطاقات المسوغة للنجاح والفلاح والصلاح، وما أخبرتنا سيرته وسنته عن اليأس والقنوط والإحباط، وعدم الإيمان بأن النصر سيتحقق وقريب، والتغلب على التحديات والمصدات والعقبات والتداعيات ممكن ومضمون. نبيٌّ يكنز طاقات الكينونة الكبرى والأمجاد العظمى، ويتوثب بإرادة الصادقين المؤمنين بالقدرة على الوصول إلى الهدف وإنجاز الغاية وتأكيد الرسالة وحفظ الأمانة.
وقد تجسد ذلك في بدرٍ وأُحد وما قبلهما وما بعدهما من مواجهات وتحديات، ومضى يحمل شعلة التفاؤل والأمل إلى آخر أيامه في الدنيا، وما يئس ولا استكان أو عرف الانكسار والانتكاس والخمود والخمول والكسل.
نبيٌّ متوهج الذهن والنفس والروح والفكر، ينطق الحكمة ويمثل القدوة الخالدة المعبرة عن جوهر الدين، فهو القرآن الذي سعى فوق التراب. فكيف يُعقل أن تنسب إليه أحاديث وأقوال مفعمة باليأس والحزن والمرارة، والحث على التراخي والاستسلام والإذعان والجمود؟
وكيف يصح ذلك في الأفهام؟
فالواقع المتكسر يزدحم بأحاديث منسوبة للنبي الكريم تسوّغ ما هو سلبي، وتعزز الانهزام والانعدام، وكأنه رسول حزن لا فرح، وضياع وإهلاك، وذلك يتنافى مع المأثور والمنقول والمعقول، مما يعني أن هذه الأقوال والأحاديث المنسوبة إليه مختلقة، إذ تتقاطع وجوهر دعوته، وما جاهد في سبيله وانطلق يحمل راياته للعالمين.
فهل يعُقل أن النبي الكريم يحث على الخذلان وتسويغ ديمومة الفواجع والأحزان؟
وهل يُعقل أن يشجع أمته على الموت والتناحر والفرقة والخسران؟
وهل يُعقل أن يُبرَرَ ما تمر به الأمة الآن بما ينسب إليه من أقوال منافية للمنطق والبديهية والإيمان؟
وهو الذي يريد أن يباهي بأمته باقي الأمم، ويحث على التفاؤل بالخير، لأن التفاؤل طاقة تتحقق وتكون، ويدعو إلى المحبة والأخوة ويؤكد ما تنزل من الآيات في القرآن.
فكيف للعمائم أن تسوّغ في خطاباتها التنيئيسية والتحبيطية ما لا يتوافق مع مسيرته ودعوته وإرادته وجوهر ما جاء في الكتاب الحكيم؟ لا بد للمسلم أن يستيقظ ويُعمل عقله ويتدبّر ويتفكر، ويكون مسؤولا وواعيا بدينه الذي أصبح مطية للمتاجرين بالدين والبشر، من الأفّاكين والمرائين والدجالين المعممين بالشرور والسوء والبغضاء والعدوان على النبي والدين.
إن النبي رسول تفاؤل وأمل ومحبة ونور دين فهو البشير، فكيف عليه تكذبون وتفترون؟
"لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة..." الأحزاب: 21
"فإنّ مع العُسر يُسرا . إن مع العسر يُسرا" الشرح: 4،5
فهل أنتم في غفلتكم تعمهون؟!!
واقرأ أيضاً:
التأخر مذهبنا!! / هل أن العرب أجهل المسلمين بالإسلام!! / عزيز عليه ما عَنِتُّم !! / املئوا البطون لأنهم جائعون!!