الشعوب والأمم بحاجة لقيادة معبّرة عن إرادتها، وبدون القيادة لا يمكن للشعب أن يتحقق ويكون، والقيادة تتمثل بقائد مستوعب لتأريخ شعبه وما يختلج في أعماقه من رؤى وتصورات وتطلعات حضارية ونوازع إنسانية، وعليه أن يتمتع بقدرات ومواهب قيادية وكريزما مؤثرة في الناس ومتوافقة مع ما فيهم من انطلاقات وتوثبات وقدرات.
وبفقدان القائد الحيوي، تتردى الشعوب وتتهاوى في متاهات الخسران والضياع، وتتحول إلى فرائس سهلة على موائد الطامعين بها. ولهذا تجد القِوى المفترسة تستهدف القادة وتدمرهم أولا، لكي يكون سهلا عليها تدمير الشعب وتمزيقه إربا إربا، ولا يمكنها أن تسمح بوجود قائد يتميز بمواصفات ذات قيمة إنجازية وطنية عالية، لأن في ذلك تعطيل لمصالحها ومفردات استحواذها على الثروات ومصادر الطاقة والاقتدار.
فالدول تعتاش على بعضها، أو تتطفل على بعضها، ولا يمكنها أن تؤمن بالتكافلية والتفاعلية المتوازنة، لأن قوانين الغاب تفرض سطوتها على السلوك القائم بين الدول. وفي الواقع العربي تميَّعَ مفهوم ومعنى القيادة وفقا لدعوات الديمقراطية الوهمية، وتحقق القضاء على أي قائد تتوسم فيه الشعوب قدرة لصناعة الحاضر والمستقبل، بل وتم إذلال كل قائد له أثر ودور في الحياة العربية، وأصبح الهدف طرح ما يسمون بالقادة المعطلين المجردين من أية سمة ذات قيمة إنجازية وإلهامية، وأصبحت بعض القيادات محط استخفاف واستهزاء وإذلال، للتعبير عن واقع الأمة وأحوال الشعوب.
فالقائد رمز الشعب وما يصيبه يصيب الشعب، وعندما يُهان القائد فإن الشعب يُهان، ولهذا تجد الواقع متناسبا مع ما حصل لقادته بأنواعهم. واليوم يعيش العرب أزمة قيادة، وحالة تردي وانهيار شامل، لتفريغ مفاصل الحياة من القادة الحقيقيين، وحشوها بالمزيفين الذين يمتهنون الفساد ويؤمنون بالإفساد، وخصوصا مَن يدّعون تمثيل الدين، فهم من أفسد الفاسدين، وأبشع المتاجرين بدين.
وهكذا فعندما تعجز الشعوب عن ولادة قادتها القادرين على استنهاض قدراتها، فإنها تبرُك وتنام وتدوسها الأقدام، ولن تتحرك إلى الأمام، وعليها أن تستيقظ وتدرك قيمة القيادة والإقدام!!
واقرأ أيضاً:
ألف دينٍ وكرسي!! / التصديق الأعمى!! / الكلام الخائب والصائب!! / الإرادة العربية الغائبة والإرادة الدولية الحاضرة!! / الأنظمة الوطنية المجهولة!!