نريد الكفوئين، والكفوء هو الذي يتقلد المنصب، وعلينا أن نهتم بالكفاءة، ولا يمكننا أن نتقدم إذا لم نضع الكفوء في المكان المناسب، والكثير من الخطابات والكتابات التي تشير إلى أهمية الكفاءة في تولي المسؤولية والمنصب، ولكن لن تجد عبارة واحدة تشير إلى معنى الكفاءة وما المقصود بالكفوء!!
وهذا الطرح يتكرر منذ عقود وعقود وبنمطية واحدة وكلمات راكدة، فلا المتحدث يعرف معنى الكفاءة ولا الكفوء يعرف نفسه، ويمضي المجتمع في دوامة التصريحات الطوباوية التي تزيد الأوجاع وجيعا والفساد فسادا، والظلم ظلما والقهر قهرا والحرمان حرمانا.
والكفوء: هو الذي يعمل بإخلاص وتأثير إيجابي للوصول إلى هدف مرسوم، بلا خسائر أو أضرار، وهو الحريص على إتمام العمل بإتقان وقدرة على التواصل في العطاء النزيه النافع للذين ضمن مسؤوليته الوظيفية والقيادية.
وفي اللغة الكفوء تعني النظير، المثيل، أو المناسب، أي الشخص الذي يكون متوافقا مع المنصب الذي يتولاه، بمعنى أنه يستوفي شروط الموقع الذي يكون فيه.
ومنكفئ: منهزم، متراجع، منصرف، أو متخلي عن المسؤولية ولا يمتلك مبررات ومؤهلات القيام بعمله المتفق مع الموقع الذي وُضع فيه، ولهذا ينصرف إلى غير ما نُصّب من أجله، لجهله وعجزه وضعفه الذي سيغطيه بما يسيء واقعه ويفسد أحواله.
والمجتمعات المتقدمة لديها معايير واضحة للكفاءة، وعندما يتم الإعلان عن شاغر يتقدم العديد من الأشخاص لإشغاله، وتكون المفاضلة بينهم على أساس الكفاءة المبينة بتأريخ عملي إنجازي واضح، وتقييم موضوعي من خلال مقابلات ذات معايير مدروسة ومحسوبة، لكي يكون الأكثر كفاءة في الوظيفة الشاغرة.
فالكفاءة لها مقاييس عملية وتأريخ سلوكي يوضحها، وخبرات ومهارات تشير إليها، وتصفح عن مديات الاستثمار فيها وتطويرها والوصول بالواقع المستهدف إلى ما هو أفضل، وبهذا يكون الذين يتمتعون بكفاءة متقدمة في الأماكن المناسبة للتعبير عن كفاءاتهم ومنطلقاتهم التطويرية والتأهيلية لمراحل أرقى وأقدر.
وفي الصين يتقدم الأشخاص في سلالم الوظائف والمسؤوليات بناء على ما تمكنوا من إنجازه في المراحل السابقة والحالية، ووفقا لما يتحقق تكون خطوات التسلق الوظيفي والارتقاء، فالإنجاز العملي هو المقياس الأول والقابلية على الاستثمار بالموارد المتاحة بأنواعها، هما بويضة الوصول إلى قمة الهرم الوظيفي والقيادي في المجتمع الصيني، فكل مسؤول عليه أن يتكلم بلسان إنجازاته، فالكلام بلا معنى والفعل أبلغ منه وأقوى.
تُرى هل تساءلنا عن معايير ومقاييس الكفاءة أم أنها كلمات وعبارات وخطابات وتصورات، والواقع العملي يشير إلى عدم وجودها في معظم المواقع التي تتصل بمصالح البلاد والعباد؟
ويبدو أن من المشاكل الجوهرية في معظم المجتمعات العربية هو ضبابية معنى الكفاءة والشخص الكفوء، وانعدام المعايير والمقاييس التي تحددها وتقرنها بالمسؤولية المناطة بالأشحاص، وهي في الغالب تتصل بالمحسوبية والتحزبية والطائفية والمناطقية وغيرها من التوصيفات البدائية المنقرضة، التي تجاوزتها الشعوب القائدة لمسيرة الحياة والمتطلعة نحو آفاق مستقبلية أسْطع وأنْوَر.
فعلينا أن لا نتحدث بجهل عن الكفاءة، ولنترك للأفعال والأعمال والإنجازت التعبير عنها، وبهذا نكون ونتحقق، وما أكثر الأكفّاء في مجتمعاتنا لكن المنكفئين هم السائدون!!
فهل من كُفئٍ وكفوءٍ ؟!!
واقرأ أيضاً:
نفس الموقف عبر ثلث قرن!! فما لزوم الكتابة؟ / القائد والقاعد!! / العربية أغنى اللغات!! / الكتابة مضيعة للوقت!! / برانويا الكراسي!