الأقلام ألسنة الضمائر، وأصوات الحقائق، وأسلحة الحق بوجه الباطل، وسيوف العدل أمام الظلم، وإرادات الناس في ميادين الكفاح، وهي التي تعبّد دروب النجاح، وتنير أروقة الصلاح والفلاح.
الأقلام رايات إفهام وأعلام أفهام!!
الأقلام تكتب وبما تكتبه يتوجب عليها أن تصدق ولا تكذب، وأن تستحضر ما هو نافع وطيب، ولابد لها أن تؤمن برسالتها الإنسانية السامية وبمبادئها النبيلة العالية، وبأن الكتابة مسؤولية ومهمة إنسانية. الأقلام عليها أن تترفع عن الوضاعة والدناءة والسماجة، وتنكر ما يخل بشرف الكلمة ويزعزع ضمير الحق، ويدوس على جوهر القيم والأخلاق والمعايير الصافية الراقية المحتوى.
والأقلام تحمل مكنونات الأعماق ومخزونات النفوس، وفيها من هدير العواطف والانفعالات ونوازع الرغبات ما لا يمكنها أن تلجم جماحها في أحيان كثيرة، فيتهاوى بعضها في ميادين المزادات الخسيسة، وتتحول إلى بضاعة تباع وتشترى وتكون بلا معايير ثابتة وأخلاق واضحة، فتضيع في مزايدات الكراسي والتحزبيات والفئويات، ويكون أصحابها من ذوي التسويغات والتبريرات لكل فعلة مخلة بشرف الحياة، لأن الهدف تحول من الإنسانية إلى الأنانية، ومن التسامي إلى التهاوي المشين، ومن الفضيلة إلى الرذيلة.
وفي هذه الأحوال تصير الأقلام عبارة عن أدوات للإيجار، يمكن تأجيرها من قبل الآخرين للتعبير عن نوازعهم ومنطلقاتهم المناهضة للقيم والمبادئ، لكن الأقلام المؤجرة تُظهرها على أنها ذات مميزات وخواص راقية ويتوجب اتباعها لكي تكون الحياة. والأقلام المؤجرة تدين بالتبعية والخنوعية وتعبر بسلوكها عن الوفاء المطلق لسيدها الذي يطعمها ويحميها. والمجتمعات التي تسود فيها الأقلام المؤجرة تنحدر إلى قيعان الضياع والخسران، وينتشر فيها الفساد وتتمزق قدراتها وتعجز على الخطو في طريق مستقيم، لأن هذه الأقلام تجيد نثر العثرات في جميع الطرقات.
وعليه فإن المجتمعات الحية ذات نباهة عالية تجاه الأقلام المؤجرة، ولا تسمح لها بالحياة في الصحف والمواقع ووسائل الإعلام، لأن الأقلام الصادقة النزيهة العفيفة تتصدى لها وتخمد أنفاسها في الحال، كما أن المجتمعات الحية لديها حاسة وطنية وإنسانية لا توفر الأرضية اللازمة لترعرعها وانتشارها، كما يحصل في المجتمعات المفجوعة بآليات حكم تتسم بالتبعية والعدوانية على الذات الوطنية والهوية.
ولكي تكون المجتمعات وتتحقق أهدافها وتتجسد تطلعاتها عليها أن تنتبه للأقلام المؤجرة، وأن تساند الأقلام الحرة الهادفة لإظهار الحق والحقيقة.
فهل من أقلام ذات ضمير إنساني سليم؟!!
واقرأ أيضاً:
طالبوا أنفسكم أولا يا عرب!! / أموال مهدورة وعقول مكدورة!! / السودان والبركان!! / أين " الله أعلم"؟!! / هل أن الأمة في أرذل العمر؟!!