التغييرات المصيرية والحضارية بحاجة إلى جرأة ووضوح ومباشرة صارخة ودامغةـ لا تعرف الخوف والتردد والتلاعب بالألفاظ والاعتصام بالرموز.
فالمجتمعات لم تحقق مرتقاها بآليات غامضة وألفاظ رامزة ومحايلات واندساسات وراء الكلمات والعبارات.
المجتمعات ارتقت بجرأتها العقلية ومفاهيمها الدقيقة الواضحة الساطعةـ التي تفاعلت مع الإرادة الجماهيرية وصنعت تيارا حضاريا واعيا متوثباـ ومنطلقا في مسارات التقدم والتحدي والإيمان بصناعة المستقبل الأفضلـ بل إن الجماهير الواعية قد استحضرت مستقبلها وجسدته فحولت حاضرها إلى ورشة عمل إبداعي أصيل ومتواصل. وفي مجتمعاتنا انطلقت الجماهير واندفعت تريد حياة أفضل وعصرا زاهراـ لكنها افتقدت الرؤية والقيادة الثقافية الواعية الجريئة الواضحة.
فتحولت إلى هدف للقوى الغاشمة النائمة المتمترسة بأفكار ضلالية وتصورات بهتانيةـ تنسف العصر وتزيح الحاضر والمستقبل وتؤسس لويلات الغابراتـ فدخلت الجماهير في متاهات واضطرابات وتفاعلات غير مجديةـ ترافقت بخسائر متنوعة باهظة في أغلب الأحيان. وتسيّدت في بعض الدول العربية قوى ظلاميةـ أفزعت الناس وهيمنت على مصيرهم وصادرت إرادتهم باسم المتاجرة بالدين فتنامى الخوفـ وشاع القتل والتكفير والمحق السريع لكل دعوة تنويرية وتوجه لإعمال العقل والتفكير العلمي والتفاعل المعاصر المبينـ لأن فيه تهديد لمصالح التجارة الدينيةـ ومنافسة معها على الأرباح الهائلة التي تجنيها من هذا التدجين والتركيع للبشر.
ولهذا ماتت الجرأة الفكرية والثقافية وتحولت معظم الأقلام إلى المحاباة والمداهنةـ والانغماس بالرمزية الغثيثة والترفع عن الجماهير والاندساس في صوامع نخبويةـ فتحقق الانقطاع ما بين عقول المجتمعات وإرادة الجماهيرـ التي هي الأخرى أسلمت أمرها للمتاجرين بوجودها الأليمـ لكن الأمة تتمثل في صور رائعة معاصرة بين آونة وأخرى كما فعلت في تونسـ وما بعدها وها هي اليوم تتألق في الجزائر والسودانـ وهذا يعني أن الأصوليات والظلاميات تدافع عن نفسهاـ وتتداعى في مهاوي الانهزام الأكيد وهي في رمقها الأخير.
واقرأ أيضاً:
العجينة البشرية!! / الثورات العفوية لا تغيّر!! / الأجيال النائمة والقائمة والقادمة!! / إذا قال الكومبيوتر فصدقوه!! / لكلٍّ منا دينه ولنا مواطنتنا!! / التظاهرات والتطورات!!