سن الوالدين والطب النفسي
هناك حقيقة يدركها الجميع وهي أن عمر الأب والأم مع إنجابهم لأول طفل بدأ يرتفع في العالم. هذا الارتفاع يتناسب طرديا مع رفاهية المجتمع وتطوره الثقافي والعلمي وزيادة التحديات التي تواجه الوالدين وطموحهم في الاستقرار وتوفير الظروف الملائمة لأبنائهم. عمر أكثر من نصف الآباء والأمهات مع إنجاب أول طفل يتجاوز الثلاثين الآن.
كان عمر الأم سابقاً يثير اهتمام العلم أكثر من عمر الأب واحتمال ولادة طفل مع عيب في الكروموسومات يزاد تدريجيا بعد عمر ٣٠ عاما وبسبب ذلك ولد الطب الجنيني Foetal Medicine الذي يساعد في الكشف عن عيوب في الجنين قبل ولادته والتعامل معه حسب إرشادات طبية.وصل الأمر الآن إلى عمل عمليات جراحية على الجنين للتخلص من عيوب خلقيةمثل السنسنة المشقوقة Spina Bifida.
من جانب آخر فإن الظروف البيئية الغير صحية تلعب دورها في صحة الجنين والطفل بعد الولادة وهذه الظروف البيئية أكثر انتشاراً مع صغر الأب والأم. هذه الظروف البيئية السببية تؤثر على فعالية الجينات وحيويتها. لذلك يجب توخي الحذر حين قراءة الإحصائيات والمقالات والأهم من ذلك محاولة استيعاب ما تعنيه النتائج الإحصائية التي يتم نشرها في الإعلام العام.
الإحصائيات
1) هناك الحمل والعديد من الدراسات تشير احتمال حدوث الحمل هو ٢٥٪ شهريا لأزواج في منتصف العقد الثالث من العمر. ينخفض الرقم إلى ١٠٪ في منتصف الثلاثينيات من العمر وإلى ٥٪ في بداية الأربعين.
2) عمر الأب والفصام في الأبناء: عمر الأب آثار انتباه البحوث في مسألة الفصام والذي ينتشر في أي مجتمع بنسبة تقارب ١٪ ولكن لا تزيد على ذلك. الدراسات الإحصائية المختلفة تشير إلى احتمال إصابة الطفل في المستقبل بالفصام يتضاعف مع كل عشرة أعوام بعد عمر ٢٥ عاماً ولا يتوقف تأثير هذا العامل في أي عمر. ولكن الغريب هو أن عمر الأم لا علاقة له بإصابة الطفل يوماً ما بالفصام. ولكن هناك ملاحظة أخرى وهيأن احتمال إصابة الطفل في المستقبل بالفصام يرتفع أيضاً إذا كان الأب دون عمر ٢٠ عاماً.
3) عمر الأب وإصابة الابن أو البنت باضطراب الثناقطبي: هذه الدراسات الجديدة أقل قوة من دراسات الفصام لسببين أولها: عددها أقل من دراسات الفصام وثانياً الارتباك في تعريف اضطراب الثناقطبي نفسه وتمييزه عن اضطرابات نفسية أخرى. الدراسات تشير إلى أن احتمال إصابة الطفل في المستقبل بهذا الاضطراب الوجداني ترتفع بنسبة ١.٣٪مع تجاوزه ٥٥عاماً. لو وضعت هذه الدراسات تحت المجهر فهي أقل قوة من دراسات الفصام.
4) عمر الأب والتوحد: احتمال إصابة الطفل بالتوحد لأب عمره ٤٥ عاما عند ولادة الطفل هي خمسة أضعاف أب عمره ٢٥ عاماً. هنا أيضا تكمن مشكلة تعريف الاضطراب وتمييزه عن الاضطرابات العصبية التطورية المختلفة.
5) عمر الأب والقزامة أو الودانة Achondroplasia or Dwarfism .هناك حقيقة لا تقبل الشك بأن هذا الاضطراب تراه ٨ أضعاف في ابن يولد لأب تجاوز الخمسين من العمر.
التفسير
الجينات والحمض النووي في الأب والأم هو أشبه ببرمجيات تنتقل إلى الأطفال. هذه البرمجيات ربما تصبح أقل كفاءة مع تقدم العمر وعرضة للعطل تماما كما تضع البرمجيات في الكمبيوتر فالقديم منها لا يصلح لجهاز جديد.
أما الإحصائيات فيجب توخي الحذر حين تقرأ الرقم. حين نقول بأن هناك زيادة ٥٪ لحدوث ظاهرة مافذلك يعني ٥٪ من الرقم الأصلي لنسبة حدوث شيء ما ولا يعني زيادة من ١ إلى ٥٪ وإنما ٥٪ من الرقم الأصلي.
النصيحة
ربما يستحسن الحديث مع أخصائي حول صحة الجنين والتفكير بالإنجاب بعد عمر ٣٥ للمرأة و٤٥ للرجل.
واقرأ أيضًا:
متلازمة مونشهاوزن Munchausen Syndrome / استعمال جديد لعقار الضعف الجنسي / حاسة الشم والطب النفسي