مَكرة غادرون جائرون وبالظلم يكابرون، وبالثراء الفاحش يتنعمون، وبخطبهم يكذبون، وبألسنتهم يخدعون، ودينهم التضليل والتخنيع والتكفير، ومذهبهم جيوبهم، وربهم الدينار، وعقيدتهم الامتهان، وتجارتهم الدين الذي بواسطته يغنمون العباد ويمتصونهم، فيأخذون أموالهم ويعززون افتقارهم وبؤسهم وحرمانهم باسم الدين الذي به يتدجلون. يراؤون ويتمظهرون بدين، وينافقون فأعمالهم السيئة تدحض أقوالهم وما يدّعون، وما يجري عندهم وحولهم ينكر ما يتمنطقون به من الكلام المنمق والخطب المؤدلجة، الحاثة على استنهاض العواطف وتأجيج المشاعر وإذهاب الألباب، وتعطيل العقول ونفي الأسباب، فهم جوهر الفساد.
يقول قائلهم ما ليس فيهم، فهم يحثون الناس على الخنوع والتبعية والاستسلام، واستلطاف الظلم والمذلة والمسكنة والحرمان من أبسط حقوق الإنسان، بذريعة أنهم سيكسبون جنات الخلد والنعيم المقيم، فيمعنون بتخدير الناس وتضليلهم وتنويمهم بالأقوال والادعاءات المنافقة، ويكررون ويقرنون ويهددون ويتوعدون، ولديهم طوابير مسلحة وعصابات متمرسة تنفذ ما يرون ويتصورون، وأي مخالف لرؤاهم السوداوية المقيتة ينال جزاءه الفوري فيغيب عن الأنظار.
فهم يزهقون الأرواح ويرتكبون الخطايا والآثام، وينهبون المال العام، ويعيثون في الأرض فسادا ودمارا وخرابا، ولا يأبهون إلا إلى ما سيجمعونه من المال كل يوم، فالذي يستحوذون عليه رزق من ربهم الذي يعبدون، وهو الذي يرزقهم بغير حساب، ويرون أنهم على حق لأن أموال المساكين والفقراء تنهمر عليهم، وتدفنهم بالسحت الحرام. ولكل منهم قطيع من التابعين الخاضعين لمشيئته وإرادته الداعية إلى تعزيز القوة وتنمية الثراء، والإصرار على أن الدنيا لهم والآخرة للمحرومين المنكوبين بوجودهم وبسلوكهم الجائر اللئيم.
إنهم وإنهم وما أدراك ما أنهم، فلن يُرتجى خير منهم، ما داموا هم الذين يأمرون وينهون ويسيّرون الأمور على هواهم، بلا خبرات ولا مهارات، وإنما وفقا لقوانين وأنظمة العصابات، المتوشحة بدين لا قويم. ولهذا فإن المكر والغدر والجور شعارهم المبين، ومنه تنطلق آليات سلوكهم المشين، الذي يُظهرونه بمظهر نبيل، فيحققون نفاقا مريرا ويكسبون بموجبه مالا وجاها وقدرة على التمكن من طوابير البشر، المسيّر وفقا لمناهج البهتان المتمترس في أقبية العواطف والانفعالات المسعورة الشديدة النيران.
فهم يحرقون ودخانهم يُعمي العيون، ونوازعهم تطفح بالمجون، فدينهم من وحي الشيطان الرجيم، وكتابهم مؤلفه ميكافيلي العظيم، وأنهم يؤمنون بأنه هو الرحمن الرحيم، ومَن يناهضه منبوذ ذميم، فلماذا بدين الله يتبجحون؟
ولماذا عن جوهرهم لا يفصحون، وقد تبين الخيط الأبيض من الخيط الأسود؟
فهل أن حبل الكذب طويلٌ طويل؟!!
واقرأ أيضاً:
خدعة الأمية!! / هل أن الفقر من الإيمان؟!! / الهمجية البشرية!! / فحوى الخطابات!! / المُصلصلات التلفازية!!