الانتحار منذ بداية العقد الأخير من القرن العشرين وحتى اليوم ومختبرات إنتاج المصطلحات التفريقية لأمة العرب والمسلمين في ذروة إبداعها، وماكنتها الإعلامية تروّج بضائعها التي تتفنن بتعليبها وإخراجها لتكون ذات إقبال واستهلاك مربح. ويقوم الكُتاب بتوجيه أو بغيره بالتسويق الفائق لبضائع المصطلحات، وقد بلغت هذه التجارة غايتها في الزمن الذي يسمونه ديمقراطي، وما هو إلا عدواني وتدميري وتخريبي وإتلافي لكل ما يمت بصلة لأمة العرب.
وقد طغت على وسائل التواصل الاجتماعي البيانات والتصريحات والمنشورات المعززة للفرقة، والمؤججة للضغينة والكراهية وتنمية الأحقاد والتصارعات الدامية ما بين أبناء البيت الواحد. والعجيب في الأمر أن هذه الأساليب تؤثر وتصنع سلوكا متفقا معها، لأنها ذات شحنات انفعالية وجرعات تأجيج عاطفية لا تقاوَم، مما يؤكد أنها من إنتاج مختبرات متخصصة ببرمجة السلوك البشري وتحويله نحو الغاية المطلوبة.
ومن المعروف في المجتمعات الديمقراطية أن أي كلمة أو عبارة لبث الفرقة والخصام ما بين أبناء المجتمع لا يمكن السماح بها ويُعاقب عليها صاحبها، وقد شهدنا العديد من الإعلاميين الذين طردوا من المحطات التلفازية والصحف لزلة لسان فيها روح التفرقة، أو لعبارة أو تصريح صدر عنهم عن قصد أو غيره، لأن الدعوة للفرقة والتخاصم في المجتمعات الديمقراطية من الخطوط الحمراء التي لا يُسمح بالاقتراب منها، ويترتب عليها نتائج فورية قاسية.
بينما في مجتمعاتنا نجد تكرار التصريحات السلبية الضارة بكل شيء على لسان المسؤولين والإعلاميين والكتاب والمعممين وغيرهم من الذين لهم تأثير في المجتمع.
وهذا يعني أن المجتمع لا يعيش حالة ديمقراطية، وإنما عدوانية، ولا يمكنه تحقيق الحياة الحرة الكريمة المعاصرة دون قوانين صارمة تجاه أي سلوك تفريقي أيا كان نوعه وتوجهه، وأن يكون للوطن قيمة عليا وللمواطنة حقوق مصانة بإجراءات قانونية واضحة.
فاستيقظوا من غفلتكم واستعينوا برشدكم!!
واقرأ أيضاً:
وباء الأغاني!! / أرضنا والأديان!! / إعمال العقل في النص القرآني!! / أخٌ من الإسبان بنا حيران!! / الكفر والتكفير!!/ قول الحقيقة لا ينفع!! / الانتحار والاندحار!!*