لماذا لم تأخذ مجرِّبة في قضايا الجنس والفراش؟؟ هكذا يحلو لبعض الزوجات الرد على أزواج يطالبون بشيء من التغيير والإبداع في الفراش، فهي حجّة دامغة للمرأة المحافظة ضد زوج كثير المتطلبات.
لكن تصوروا لو طالبْنَ ببعض الرومانسية والتفهّم فأجابهم أزواجهنّ بالمنطق نفسه: "لماذا لم تأخذي زير نساء!" هنا تبرُز تفاهة هذا المنطق وأنّه مجرّد عُذر لعدم بذل جُهد أو أنّه تحقير رغبات الآخر.
ثم أليست 3 أو 5 أو 10 سنوات من الزواج عبارة عن تجارب هي أيضا؟ فلماذا من الضروري أن تُسكت الزوج بحجة أنّها كانت "عفيفة فاضلة" قبل الزواج !!
إنّ هذه الحجّة مبنيّة على نظرة مدنّسة للجنس من قبل "النساء المحافظات" اللاتي لا يتركن فرصة ولا حيلة دفاعية إلا واستخدمنها للعب دور "القدّيسة" ووصف الجنس بالحيوانية والرجال بالشهوانية المفرغة من كل رومانسية وروحانية.
وفي الحقيقة، المرأة المحافظة مكبّلة Bridée بتصورات متراكمة تدور حول جسدها وحول دور الضحية المستغلّة من قبل الرجال، وحول الجنس والمتع الجسدية... وتجد صعوبة كبيرة في الخروج من هذا السجن السيكولوجي، وتتسربل بالفضيلة والعفّة والوقار والورع.
لذا تجد الفتاة غير متصالحة مع أنوثتها وجسدها ومفهوم الجنس، إلا أنها لا تعي ذلك ما دامت غير متزوجة وتصبّر نفسها على العفة والفضيلة والطاعة، وتقمع خاطرها تقرّبا إلى الله، فالاتساق هنا لا يكشف الخلل، لكنّ عندما تُرفع موانع التحريم وتُفتح أبواب الإباحة، تكتشف أنها لم تكُن متصالحة مع كل ذلك، وأن الورع والفضيلة قد سَهُلا عليها بسبب نزوع نفسية قسرية، ومتى أرادت رفع "الحظر" خرجت لها عُقدها وكوابحها الدفينة، واكتشفت أنّها عاجزة على الاسترسال في خواطر وخيالات جنسية مع "حلالها" دون تأنيب ضمير واشمئزاز.. وكل المبررات والآيات والأحاديث تتلاشى أمام الحقيقة النفسية بعد أن رفُع ستار التحريم.
وهذا مثل الرجال الذي يصدّعون رؤوسنا بآيات وأحاديث العفة والفضيلة ومقت الزّنا والنفور من الزانية، فيظهرون متسقين مع ما يقدمون من حُجج، لكن منطقهم النفسي يتعرّى أمام المرأة المطلقة الشريفة، فيجد نفسه أمام عائق نفسي يرفض به أيّ امرأة لمسَها رجل قبله! وما كانت قناعاتُه الدّينية إلا تلك اللّبنة على رأس جبل من التفضيلات والمبادئ النفسية.
واقرأ أيضاً:
المقصد ضد التعصب / بخصوص الانتحار والدّين / الوعظ والتنمية، أية علاقة؟ الجزء الأول