سطوة "لكن"!!
لكن: حرف عطف واستدراك يُثبت لما بعده حكما مخالفا لما قبله، ويليه جملة فعلية أو اسمية، وتأتي مقترنة بالواو أو غير مقترنة.
"لكن" تتكرر كثيرا في خطاباتنا وتعليقاتنا وكتاباتنا، وهي الأقوى حضورا وتأثيرا في الواقع السلوكي العربي.
ويمكن القول بأننا ربما نستعملها أكثر من شعوب الدنيا قاطبة، والتي معظمها أهملتها وتجاوزتها إلى فضاءات الإرادة الفاعلة والكينونة الحاضرة، وما عادت تعرف إقران ما تريد بلكن.
ويبدو أن نسبة استخدام لكن تتناسب طرديا مع التأخر والتخلف، فكلما كبرت فإنها تشير إلى ارتفاع درجة التأخر القائمة في المجتمع. وفي جوهر ما تهدف إليه وتعنيه، أن الأقوال تنفيها الأفعال، وأن الفعل قول وحسب.
فلو استمعنا لخطاب لمسؤول بأية درجة، لتبين طغيان "لكن" في ما يتحدث به، فهو يقول:
الحلول كذا وكذا وكذا ....ولكن...
المشكلة كذا وكذا.....ولكن
نحن لا نريد الحرب....ولكن
وقس على ذلك العديد من الأمثلة التي تحصل يوميا وبتكرارية مقصودة، لبناء النفس اليائسة القانطة التابعة المنكسرة.
وبعد "ولكن" تأتيك التبريرات والتسويغات التي لا يمكن حصرها، وغايتها أن المسؤول أو الحكومة بريئة، ولا نقاقة ولا جمل لها أو له بما يحصل.
تلك حقيقة استلابية تضليلية تدميرية فاعلة في الواقع، وتتضوّر من ويلاتها وتداعياتها الأجيال المتواكبة إلى ميادين الإبلاس والتعجيز وسلب الإرادة والمصير.
ولابد من وقفة واعية إزاء "لكن" وواوها المقرونة بها، التي تمحق ما قبلها وتجرده من المعنى والقيمة، وتضعه على رفوف الصمت والسكون الأبيد، الذي تتراكم عليها أتربة العجز والاستكانة والانطمار بغياب الإقدام والجرأة وانتفاء الحلول.
فهل من قدرة على تحدي سطوة "لكن"؟
وهل من إرادة عملية إنجازية تسبق القول، وتحررنا من أصفاد "لكن"؟!!
واقرأ أيضاً:
ضع وطنك أولا ستكون أولا!! / الباليات والعاديات!! / لن ينتصر الشر إذا انتصر الأشرار!!