الأمة فيها خير كامن وجوهرها ضامن، وعلتها غياب قدرات الاستثمار فيها، فأبناؤها يحوّلون خيرها إلى نقمة، وجوهرها إلى عتمة، وبهذا يساهمون بتقديمها سهلة للطامع فيها.
فالمشكلة في الأبناء إذ أكّدوا عجزهم وقصورهم عن الوصول إلى حقيقتها ودورها وإرادتها في مسيرة الإنسانية، ويُعزى ذلك إلى اضطراب الفكر وغياب المنهج وانعدام الغاية، فالأمة كالسفينة التائهة في مياه الوجود العاتية، لا تمتلك ربّانا أمينا ولا بوصلة إرشاد ولا أطواق نجاة تكفي للوقاية من الغرق.
إنها أمة عائمة بلا خارطة مسير ولا قدرة على استبيان المسار الذي يأخذها إلى مرافئ الاقتدار المكين. فمكنونها ثمين وجوهرها مبين، وأبناؤها في تصارع وتناحر وانحدار إلى ما هو مهين، بعيدا عن الوعي والدراية بما تكنز وما تريد من الخير والتعامل الصادق الأمين.
هذه الأمة تريد أن تكون أو تصر على أن تكون، والأجيال لا تلبي نداءها وتميل إلى غيرها، وتمضي في دروب التبعية والخسران المشين.
ولكي تتحقق يجب أن تنسجم إرادة وروح أبنائها مع تطلعاتها ومراميها العلياء. فهي أمة حية، وتعبر عن الحياة ومنطلقاتها وما فيها من براعم وجود وتفتح ونماء، وإن لم يبادر أبناؤها فإنها عازمة على التحقق بغيرهم، مثلما فعلتها في سوابق الأزمان. فالأمم إرادات حية تأبى أن تموت وتؤكد وجودها وفقا لمعطيات مكانها وزمانها.
وإن الأمم تكون رغما عن أبنائها الذين يعادونها بجهلهم لها وباستحضار أسباب هوانها وانكسارها، فالأمم ترفع رايات الحياة وتتمسك بها، وتعلن أن لا بد من التعبير عن جوهرها وإطلاق مكنونها. وإن لم يتمكن أبناؤها من القيام بدورهم المطلوب فإنها ستتأكد وفقا لمقتضيات الوجوب.
فالأمة كانت بالعرب وبغيرهم، وستكون كما تريد رغم المعادين لإرادتها من العرب وغيرهم. إنها سِنة وجود وفرض كون ولود، وسلطان عرش ودود.
فهل للأمة من غيارى يحملون روح وعزيمة الجدود؟!!
واقرأ أيضاً:
وأمرهم شورى بينهم!! / حقوق الإنسان يا أمة الإنسان!! / النظام والدولة والجيش!!