أردت يوما ما أن أشرح لفتاة أن رؤية الرجال لها، من الذين تريد أن ترتبط بهم أو تقبل أن يرتبطوا بها.. ضروري غاية في الأهمّية، فتاة تختبئ وراء الشاشات، لكنّها لا تتحدث إلا مع من يروق لها شكلا وأخلاقا!
لم تقتنع بالفكرة أبدا، وتقول بكل بساطة: لما سأرتاح له (تتعلق به تقصد) آنذاك يُمكنه أن يرى أيّ أنواع البنات والبني أدمين أنا... حاولت أن أدفعها لتخيّل اليوم الذي ستقرر هي (سعادتُها) يوم يراها ذاك الشاب الذي تعلّقت به وظنّت أنها ضمنتْه... إذا رآها ولم تُعجبه.. ما سيكون ردّ فعلها ؟! لم تستطع أن تستوعب هذه الحيثية البسيطة الخفيفة ! كأن عقلها معطّل تماما عن إدراك هذه اللحظة الحاسمة والخطيرة.
تعتقد أنها لو أظهرت جانبها الإنساني والأنثوي العفوي، سيكون كافيا لإكمال قصة حبّ... واضح أنّ هذا إغراق في المثالية. والمثاليون سقطاتُهم مدويّة مؤلمة.
قد نفسّر هذا التعنّت الغريب لدرجة الغباء في فهم شيء واضح جدا، بتخوّف من الحُكم على شكلها وتقييمها على أساسه، لذلك يخترع الذهن دفاعات من هذا القبيل: "المهم هو الأخلاق" "لو كان يريدني ويحبني فسيقبل بي كيفما كنت".. "أنا التي سأختاره ثم سيقبل بي مضطرا لأنني اخترتُه ! (يال فرحته)
الاختباء وراء مثاليات مثل هاته تُخفي تخوّفا كبيرا من النبذ أو الرفض، إن لم تتعامل معه الفتاة بشكل موضوعي وواقعي ستزيد حالتَها سوء وستتدهور ثقتها بنفسها أكثر فأكثر.. لأنها لم تضع معايير صحيحة لعلاقاتها العاطفية ولم تسِر بنفسها في أوساط تقبل بها.
فحتى المحافظة لا يُمكن أن تفسّر فكرة مغلوطة ووهما مثل الذي شاهدتُه عند هاته الفتاة.. الأمر أكثر من مجرّد محافظة، هو عمى من إدراك واقع محتّم.
إن كنتِ لا تُطيقين الرفض والنبذ والتقييم بسبب جمالك وشكلك، فمن الأفضل أن يأتي من أحد لا يعني لك شيئا، بدَل أن يأتي من أحد تعلّقتِ به وصار لرأيه قيمة وكأنه رأي العالم.. ستكتشفين حقيقة مرّة وتُصدمين بذوقه المخالف لما فيك، لكن بتكاليف باهظة جدا ومتداخلة مع مشاعر الفقد والاحتقار والغدر والضياع.. فالأفضل أن تعرفي فقط وببساطة أنك "لست من النوع الذي يفضّل"... وفي أذواق الرجال سعة والحمد لله.
واقرأ أيضاً:
الجنس وأزمة عقلنة الأخلاق / كانت تجمعنا علاقة حبّ ثم تركني... الحقير / الرجل الشرقي واختباراته لطُهر البنات