الأحداث والتطورات تجري في منطقة الشرق الأوسط وفقا لمرتكزات أساسية ثلاثة لا غير، وهي الهيمنة الاقتدارية لقوة عظمى، والحفاظ على أمن دولة إقليمية، وضمان انسيابية النفظ في الأسواق العالمية وبيعه بالدولار.
ووفقا لذلك تنبثق الأحداث وتتطور وتتوالد، لخدمتها وتأكيدها والحفاظ عليها، وأي أمر آخر لا معنى له ولا قيمة. فليكن نظام الحكم استبداديا قمعيا يقتل عشرات المئات أو الآلاف من المواطنين، ما دامت المنطلقات لم تتأثر، أما إذا تأثر أيا منها فإن ردة الفعل ستكون كبيرة.
وما جرى للعراق وليبيا أدلة واضحة على زعزعتها وتحديها، ولهذا هبّت القوى الكبرى وتحالفت وتحشدت وغزت ودمرت، وفتكت بالبلاد والعباد من أجل تأمينها للمصالح التي تنطلق منها في تفاعلاتها الدولية.
هكذا باختصار ديناميكيات الأحداث والتطورات، وأي تحليل غير ذلك يدور حولها أو يحاول التعتيم عليها، وتبرير مواصلة تأمين سلامتها ودورها الكبير في صناعة الواقع المطلوب. وعليه فإن الأحداث التي تؤمّنها تستمر وتتطور، والتي تتحداها تضمحل وتهلك، ويمكن تجنيد الطوابير المؤلفة من البشر وفقا لذرائع وتسويغات متنوعة للحفاظ عليها.
وقد تبين أن في الدين أفضل الوسائل الكفيلة ببناء الجدران العالية الحامية للمرتكزات وتفعيلها بما يحقق المعطيات المرجوة. ولهذا تجدنا أمام مدّ ديني بتشكيلات متنوعة، فئوية طائفية تحزبية وغيرها من الأشكال الضامنة لسلامة المرتكزات، والدافعة بالشعب إلى التلهي بما يبعد أنظاره واهتمامه عن الأهداف المرسومة.
وبما أن الحالة الفوضوية تؤمّن الكثير من الفرص الاستلابية والاستحواذية في المنطقة، فإنها ستتواصل وتتعاظم، تحت مسميات براقة كالثورة والديمقراطية والتحرر من الظلم والفساد وغيرها، وبهذا يتحقق ضمان عافية المنطلقات الأساسية.
فهل لنا أن نستوعب اللعبة ونرى الرقعة؟!!
واقرأ أيضاً:
النظام والدولة والجيش!! / خير كامن وجوهر ضامن!! / سلوك الارتهان!!