ثم تأخرت التأشيرة وهي زيارة حكومية.. أو أرسلت ولم تصل... حتى أصبح التاريخ الجمعة 17 فبراير ... حيث قابلني د. أحمد الهادي على هامش يوم علمي في دبي وسألني ترى وصلتك التأشيرة ؟ قلت لا قال سأصعد غرفتي وأرسلها لك .. وفعل واستلمتها على البريد الإليكتروني وأنا في دبي... لكنني لم أدقق في أي شيء .... حتى كان يوم 19 فبراير حيث اكتشفت أنها مرسلة باسم وائل محمد أحمد أبو هندي ... وأبو هندي ليست موجودة في جواز السفر ... إذن ضاعت المشاركة ... كل من سألتهم حولي قالوا لي لا تحاول تأشيرات السعودية صعبة.... وتذكرت ساعتها أن أحمد الهادي قال لي تابع معي مسار وضع التأشيرة على الجواز في مصر ... سريعا مساء الأحد كتبت له على الواتس أن اسمي في الجواز وائل محمد أحمد إبراهيم ولا توجد أبو هندي لأنها غير مضافة في الأوراق الرسمية، وجاء رده هادئا غدا أتواصل معهم وندبر الأمر ... قلت يا رب... وبالفعل وصلتني تأشيرة الزيارة الحكومية باسمي الصحيح وائل محمد أحمد إبراهيم مساء الاثنين 20 فبراير وكان هذا مجال الانشغال الثاني.
وأصبح علي الوصول إلى القنصلية السعودية لنقل التأشيرة على الجواز .... فتواصلت صباح الثلاثاء مع مكتب سياحة بالزقازيق متوقعا أن بإمكانهم إنجاز المهمة ... وعرفت أنه من طريق واحد تقبل القنصلية طلبات التأشيرة وهي شركة تساهيل ... وأخذت من المكتب بطاقة تسمى إنجاز قاموا بإعدادها لي وكان علي بعدها أن أتواصل مع الرقم الخاص بتساهيل ... في المساء اتصلت ففاجأني الموظف بأن أوراقي ناقصة وأنه لابد مع الزيارة الحكومية من تقديم تعهد مسجل بالشهر العقاري بعدم إلقاء محاضرات بالمملكة !!!! كانت هذه صدمة معرفية كبيرة بالنسبة لي ! كيف يكون هذا وأنا ذاهب إلى المملكة كمتحدث مدعو ليشارك في مؤتمر يلقي فيه الناس محاضرات علمية على الملأ ؟؟ فكان رد الموظف التساهيلي –سامحه الله- يا دكتور هذه هي الشروط مكتوبة أمامي وليس فيها استثناءات! وكان علي أن أحدد معه موعدا بعدما أعطيته رقم إنجاز .... خفت أن آخذ موعدا الأربعاء 22 ثم أتأخر في الشهر العقاري لسبب أو لآخر وجعلت الموعد الخميس يعني يوم 23 فبراير (والسفر 28 فبراير) ...
اضغط لتشاهد نسخة أكبر |
كان من حقي من بعد عبور الجوازات مسافرا في مطار القاهرة أن أتمتع بمزايا درجة رجال الأعمال ... وهي المرة الأولى لي على الخطوط السعودية، وكنت سافرت على الخطوط السعودية منذ سنوات طويلة ولكن على الدرجة السياحية أو الاقتصادية كما يجب أن تسمى ... ووصلت بالفعل لأنتظر الطائرة في قاعة الفرسان ... لكنني كنت مشغولا بمراجعة محاضرة تصنيف الأعراض الدينية للوسواس القهري وهي المحاضرة الجديدة التي أعددتها خصيصا لهذا المؤتمر، وفعلت حتى نبهتني الموظفة إلى موعد التوجه إلى بوابة السفر لأنها ستكون بعيدة، وبالفعل كانت البوابة بعيدة حتى شعرت أن إدارة مطار القاهرة تعاقب المسافرين على غير مصر للطيران!
وصلت الرياض أخيرا في الموعد المقر وكان كل شيء في المطار يوحي بالفخامة والعراقة والتحضر، كانت هذه هي المرة الأولى لي التي أزور فيها الرياض فرغم أنني زرت السعودية ربما عشرين مرة إلا أنني لم أزر غير جدة ومكة والطائف، وقبل الخروج من المطار وجدت سائقا ينتظرني وقد حمل لافتة لا أذكر الآن هل كان عليها اسمي أم اسم الفندق Marriot لكنني عرفته وعرفني وطلب مني الانتظار "واحد دقيقة" حتى يحضر السيارة من المرآب... وخرجنا إلى شوارع المدينة وكان الانطباع الذي تشكل لدي هو أن الرياض أكثر تنظيما من جدة... حيث تبدو مدينة جدة وكأن أغلب ما فيها تم تشييده باستعجال على عكس الرياض التي تظهر فيها علامات التخطيط الجيد قبل أي عمل...
بعد حوالي نصف ساعة وصلنا إلى الفندق وبينما أعطي جوازي لموظف الاستقبال قابلني د. عبد الله الشهري نائبا عن اللجنة المنظمة وأبلغني بأن هناك جولة تبدأ في الرابعة عصرا للتعرف على المدينة وزيارة الدرعية ... ولما كنت درست في السعودية سنوات المرحلة المتوسطة ونهائي المرحلة الثانوية فقد كنت على علم بتاريخ المملكة والدرعية هي العاصمة الأولى للسعودية، صعدت إلى غرفتي ولم يكن أمامي إلا حوالي 40 دقيقة لأكون في استقبال الفندق انتظارا للسيارة التي ستأخذنا إلى الدرعية (الصورة أعلاه)... وعمليا كان الوقت كافيا فقط لأنقل ملابسي من الحقيبة إلى الدولاب وأصلي الظهر والعصر.
اضغط لتشاهد نسخة أكبر |
في الرابعة إلا دقائق خمس كنت في بهو الفندق حيث وجدت ثلاثة جالسين أجنبي هو البرفيسور إدوارد شورتر Edward Shorter من كندا وعربيان اتضح أنهما من الكويت هما أ.د راشد السهل وأ.د عثمان الخضر وكلاهما أستاذ في علم النفس من جامعة الكويت، وبدأت الجولة بعد أن توزعنا على سيارتين فارهتين يقود كلا منهما زميل من الأطباء النفسانيين، وانطلقنا إلى الدرعية وكنت مقارنة بزميلي الكويتيين أمتلك معلومات عن نشأة المملكة، مما جعلني أكثر قدرة على التعليق والرد على تساؤلاتهم بعد أن شاهدنا العرض التسجيلي الذي افتتحت به زيارتنا للمدينة التاريخية وقد تم تجديدها بأحدث الطرق العلمية للحفاظ على المباني التاريخية، وقمنا بعد ذلك بجولة في المدينة وكان فيها كثير من الرواد أسرا وأفرادا وقد اختلط التاريخي التراثي بالحديث والمعاصر، ... أخذنا بعض الصور سويا ثم صلينا المغرب واخترنا واحدا من المقاهي لنشرب الشاي والقهوة وبقينا في انتظار د. أحمد الهادي الذي عرفنا أنه سيكون معنا في العشاء.
اضغط لتشاهد نسخة أكبر |
كان اختيار المطعم الذي تناولنا فيه عشاءنا موفقا إلى حد كبير على الأقل بالنسبة لي فقد عشت فترة في سنوات رشدي المبكر في قرية سعودية صغيرة على الحد بين الحجاز ونجد هي قرية المويه الجديد على بعد 200 كم من مدينة الطائف وحوالي 700 كم من الرياض، وكانت لدي ذكريات مع بعض الأكلات البدوية فكانت سعادتي غامرة عندما وجدتها توضع أمامي وذكرني مذاقها بأيام خلت منذ .... منذ عقود أربعة .... ولم تكن سعادة الرفاق على هذا العشاء أقل من سعادتي، وكانت الجلسة عربية كما هي العادة في المجالس البدوية الأصيلة، ثم كان من طيب الحظ أن أخذني د. أحمد الهادي في سيارته وأوصلني إلى الفندق وتحاورنا في كثير من الأمور الخاصة بتعريب الطب النفسي وأحوال الناس في مصر وفي السعودية حتى وصلنا إلى الفندق وقد بقيت ساعات على افتتاح المؤتمر، وكانت لي محاضرة يوم الأربعاء بالإنجليزية عن التواكب المرضي بين الوسواس القهري والرهاب الاجتماعي ..... ومن عادتي أن أطالع محاضرة الغد قبل أن أنام... وفعلت على عجل حريصا على النوم لكي أكون جاهزا في الافتتاح.
ويتبع >>>>>>>: الرياض مؤتمر الصحة النفسية للجميع الثالث2
واقرأ أيضًا:
سارة وأخواتها في المؤتمر، ما شاء الله / مؤتمر حوار الحضارات / المؤتمر الثالث لقسم طب نفسي الزقازيق