تتميز الشعوب العربية عن غيرها من شعوب كوكب الأرض بعدم دراستها للتاريخ بصورة علمية، وتكتفي بتسطير أمجادها، وإثبات ذلك عن طريق الاستناد على نصوص تاريخية. تخلق المعتقد الذي يتناسب مع هواها وتبحث عن الدليل وإن لم يوجد تتخلق ذلك أيضاً.
في يوم ٧ إبريل من ذاك العام اشتبك سلاح الجو الإسرائيلي مع القوة الجوية السورية وأسقط ستة طائرات وقعت واحدة فوق دمشق. كانت هذه الحادثة إهانة عسكرية تضاف إلى سلسلة الإهانات الموجهة للقوات العربية على حدودها مع إسرائيل منذ عام ١٩٤٨. لم يتغير الحال إلى الْيَوْمَ ولا يزال طيران سلاح الجو الإسرائيلي يقصف مواقع عسكرية سورية إلى يومنا هذا. لكن هناك فرقا بسيطا بين ١٩٦٧ و٢٠١٧. الإعلام العربي هذه الأيام لا يشير إلى هذه الضربات، ولا يستنكرها أحد لأن جيش النظام السوري الآن ليس عدو إسرائيل فحسب وإنما معظم الدول العربية والإسلامية والغربية.
الْيَوْمَ الثاني للنكبة
بعد أن نام الشعب العربي على أحلام أكاذيب المؤسسة العربية السياسية بتدمير إسرائيل، بدأت المناوشات عبر الخط الفاصل بين إسرائيل والاْردن في القدس. أنذرت إسرائيل الملك حسين بعدم التدخل، ولكن القوات الأردنية لم تتوقف عن القتال وانتهت أول معركة في القدس الساعة 0430 صباحاً بعد إنزال مظلي إسرائيلي. قُتل ٧١ أردنيا و٥٣ إسرائيليا في تلك المعركة.
الْيَوْمَ الرابع
انتهى أمر مصر والاْردن ووصلت القوات الإسرائيلية إلى القنال. اجتمع أشكول بقيادة جيش الدفاع الإسرائيلي لمناقشة وقف الحرب بعد تهديد السوفييت. كان رأي دايان وقف العمليات، وهناك من قرر أن يكتفي باحتلال هضبة الجولان لأهميتها العسكرية.
الْيَوْمَ الخامس
أصدر دايان الأوامر للجيش باحتلال الجولان بدون إعلام رئيس وزرائه بل العكس قرر الهجوم على دمشق. أثار هذا القرار غضب ليفي أيشكول ولا أحد يستطيع أن يفهم سبب تغيير دايان لرأيه، ولولا الأزمة السياسية داخل الوزارة الإسرائيلية وتهديد السوفييت لاحتل جيش الدفاع الإسرائيلي دمشق.
الْيَوْمَ السادس
انتهت الحرب وتوقفت إسرائيل على بعد ٣١ ميلا عن عمان، ٣٨ ميلاً عن دمشق، و٦٩ ميلاً عن القاهرة. خسرت إسرائيل ما يقارب من ألف جندي في هذه الحرب.
عرب الْيَوْمَ
تغيرت القيادات العربية تدريجياً بعد جيل النكبة ووصل إلى الحكم جيل ثاني لا ترقى كفائته على كفاءة جيل الهزيمة. أصبح مفهوم المواطنة العربية مفهوما هشاً وتم استبداله بمفهوم المواطنة الإسلامية والقُطرية.
تغيرت القيادات العربية، ووصل الجيل الثالث إلى الحكم، وتاريخ ولادتهم بعد عام النكبة. هناك ثلاثة زعماء عرب أعمارهم دون ٤٠ عاماً يتحكمون في أمور العالم العربي أو الأصح العالم الإسلامي في أرض العرب لأن مفهوم العروبة ينبذه الكثير.
الجميع يقبل سراً بوجود إسرائيل والبعض منهم علانية. هناك تحالفات عربية إسرائيلية الآن ولا أحد يتكلم عن العدو الإسرائيلي بل عن العدو الإيراني والعدو الشيعي. لا يزال دونالد ترامب يأمل في قيام حلف عربي إسرائيلي لمواجهة ما يُسمى الخطر الإيراني الشيعي على البشرية والعالم العربي. لكن هذه الموافقة تتطلب إقناع الإنسان العربي الذي لم يفقد عقله بعد.
حروب الجيل الثالث أشد ضراوةً من حروب الجيل الأول والثاني منذ قيام دولة إسرائيل وضياع فلسطين. قتل الأقليات وسفك دماء الأبرياء من الأكثرية في بلاد العرب نفسها لا نهاية له، ولا يزال الجميع في انتظار ولادة دولة فلسطين.
تحدثنا في الماضي عن دويلة إسرائيل ولكن ما نأمل به ولادة دويلة فلسطين.
كخطوة أولى ربما على العرب بداية دراسة تاريخهم بصورة موضوعية.
واقرأ أيضًا:
في مصطلحات القضية الفلسطينية عشية ذكرى النكبة!/ بيان إلى الأمة في الذكرى الستين للنكبة/ نكبة أم تطهير عرقي؟/ ذكرى النكبة: النكبة نكبات تتجدد يومياً/ في ذكرى النكبة انهزم العرب فانتكب الفلسطينيون/ نكبة النكبات/ في رحاب النكبة !/ الفلسطينيون في ذكرى نكبتهم
التعليق: أخي دكتور سداد أحييك على هذا المقال الخاطف الخفيف النافذ الصارخ المخيف ! عرفت منه ما لم أكن أعرف واختلفت فيه معك في بعض النقاط لعل أشير لها أو لبعضها في مدونة قريبا ... لكن أشد ما يؤلمني هو أن تجيء ذكرى النكسة كما نسميها في مصر مع ذكرى العاشر من رمضان ... وهو ما لم ينبه له كثيرون ... فهل هي صدفة ؟ أم شر البلية ما يضحك ؟