منذ العقد الأخير من القرن العشرين وحتى اليوم الدنيا تمضي على إيقاع إتحاد الأقوياء وتشرذم الضعفاء وإمعانهم بالإستضعاف والذل والهوان، حتى تخربت ديارهم وتشرد بشرهم، واشتعلت النيران في مرابعهم، حتى تحولت إلى عصف مأكول وأكثر. فأول ما حصل أن القوى القوية اتحدت لافتراس العراق، وأعادت الكَرّة في المرة الثانية، وجرى نفس السلوك في ليبيا وكذلك اليمن وغيرها من الدول المنكوبة أو المفترسة بالقوى المتحدة الصائلة على وجودها والمُستهدفة لمصيرها.
ويبدو أن الإدارة الجديدة في البيت الأقوى قد وعت أن حقيقة القلاقل والاضطرابات العاصفة في الدنيا، سببه هذا الاتحاد الشرس ما بين القوى القوية ضد الآخرين الضعفاء، الموضوعين في صناديق الأوطان ومستنقعات الحرمان والقهر والعدوان. وربما فيما تقوم به خير للبشرية وخصوصا المنطقة العربية التي ارتضت أن تكون سوحا للويلات والتفاعلات الدامية المفروضة عليها من قبل اتحاد القِوى المفترسة، فالمشكلة التي حلت بالبشرية أن معظم الدول القوية ترقص على أنغام وإيقاعات الدولة الأقوى، فتجدها ملبية ومشاركة بكل ما تدعو إليه من المخاطر والحروب والمواجهات، وتحسب ذلك دورا وتعبيرا عن الصداقة والعلاقة المتينة بينها وبين الدولة الأقوى.
رأينا ذلك من رئيس وزراء بريطانيا الأسبق، ومن مسؤولين عديدين في المنطقة والعالم، كما أن عددا من الدول العربية رقصت على ذات الأنغام ولا تزال في ذروة رقصها. وقد يتحقق ما لم يكن في الحسبان، إذا تم ردع الدول القوية من قبل الدولة الأقوى، وإيقاظها من غفلتها وهوس اندفاعها خلفها، فلربما سيتحقق بعض الاستقرار في المنطقة العربية، ويؤمن العالم بالعولمة والوحدة الإنسانية والعمل الجاد على رفع المستوى المعيشي للبشر واحترام قيمة الإنسان وحقوقه.
أو لا يُعرف ماذا سيكون عليه الحال إذا انفردت القوة الأقوى بقراراتها وخطواتها، لكن ابتعاد القِوى القوية عن بعضها يكون حتما لصالح الضعفاء، لأنهم حتى ولو تلقوا ضربات من الدول القوية فإنها ستكون فردية وليست جماعية، وستترافق مع حملات رفض وشجب من بعضها ضد البعض الآخر. وإن حصل هذا فإن على الضعفاء أن يتحدوا لكي يكونوا أصحاب قوة وشأن، ويُحسب لهم حساب عندما يُراد الإقدام على ضربهم أو الاعتداء عليهم.
كما أن على الضعفاء أن يشقوا صفوف الأقوياء لكي يعيشوا بسلام وأمان.
فالقوة وحش مفترس، وإذا اجتمعت الوحوش فالويل لأكلة الحشيش!!
واقرأ أيضاً:
التاه - ريخ؟!! / الحريق والطريق!! / العقل والدين!! / الجاهلية الأولى تحيا بأوطاني!!