الحبّ في المسلسلات التُّركية مثل تراجيديا إغريقية ! هذا يحب هذه وهي تحب آخرا، وهو يتزوج من ثالثة ليُغيظها، والثالث يضطر للزواج ممّن حملتْ منه سفاحا مع أنّه يحب أخرى ويدمع لفراقها.. والأم تتزوج من صعلوك، والصعلوك يضحك على ابنتها.. والسائق يتحرّش بربّة البيت، وربة البيت لا تخبر زوجها لأنها تحب السائق.. والرابعة تزوجت لمجرد الزواج برجل لا تحبّه لأن زوجها فقد الذاكرة، وهي دائما تتذكره وتأمل أن تراه مجددا، وما زوجها إلا "لهّاية" مؤقّتة وسند في دوامة الحياة.. المهم لحريرة بالكرافس (من التكرفيس)
الخطير في مثل هذه الدراما، هو عدم صناعة وعْي وحصانة اتجاه السلوكات الخاطئة والمدمّرة، بدعوى وصف الواقع أو الحبكة الدراميّة. وغياب شبه تام لمهارات أو نصائح لإصلاح العلاقة الزوجية بعيدا عن "رفرفات القلب" المتعددة! فهي أو هو إن ضجر ولم يعد يشعر بدفئ الحبّ على نمط "شهر العسل"، يسارعان في إيجاد بديل كي يحيي ذلك الإحساس من جديد وذلك بكلّ الطّرق المتاحة، سواء بالقتل أو الكذب أو الفاحشة أو الابتزاز أو الظلم...
ربما يُخيّل لنا نحن من بلغنا نضجا وسنّا معيّنا أن انتقاد تلك الخزعبلات يكون بديهيا، فلا يمكن أن تسكتَ امرأة مثلا عن تحرّش السائق حتى إن كان بينهما حب وإعجاب، إلا أن الأطفال والمراهقين، وكثيرا من البالغين أيضا لا يحسنون أبسط من هذا، فينشؤون مع هذه التصورات المغلوطة، خصوصا أنّ تلقين مبدأ "لذّة العذاب وعذاب اللذّة" هو الغالب على هذه المسلسلات.. يتلذذون بتلك العلاقة المتقلّبة غير المملّة، وذلك الحبّ الموؤود الذي يصارع من أجل البقاء ويصارع معه المشاهدون من أجل بقائه أيضا! والويل لمن أراد أن يكفكف دموع المتعاطفين وينتقد قلبين محترقين لا ذنب لهما إلا "الحبّ" !
وهكذا يصوّرون التخبّط والألَم والعشوائية واللامنطقية على أنها "فتوحات قبّانيّة" وبطولات في سبيل "الحبّ المقدّس" لا ينبغي محاربتها أو تركها على الأقلّ
وعدد الاستشارات والرسائل التي توضّح الهُزال المنطقي والمعرفي في معالجة قضايا "الحبّ" بالخصوص كافية لدقّ ناقوس الخطر !
واقرأ أيضًا:
هل الفقهاء سبب تخلف الأمة ! /ميلاد الموقع الرابع عشر / تحليل لفلم Emily Rose 2005 عن المس / المقارنات السطحية للتحرش العربي والغربي