بودابشت .. باريس .. تايلاند مجانين !3
صباح الخميس 16 نوفمبر 2017 استيقظت في السابعة لأحدث مجانين قبل نزولي للمجموعة ... بدأنا إفطارنا في الثامنة صباحا وكنا جاهزين في العاشرة لننطلق في جولة في المدينة تنتهي بزيارة حديقة أو قرية نونج نووش Nong Nooch Village وتنطق بالتايلاندي "نَـمّْ نووم" وهي بمثابة حديقة حيوانات صناعية مفتوحة... كان ثقل حبات المطر التي داهمتنا بالأمس ونحن في غابة الأفيال... كافيا لأن يجعلني مضطرا لأخذ مظلة معي للاحتماء من المطر إن هطل، علي أحفظ ثيابي من البلل... وكان غريبا من الفندق أن يطلب منا وضع مبلغ 600 بات كرهن للمظلة مع أننا مقيمون لنا غرف بالفندق ! يبدو أنهم اعتادوا على تحصيل بعض المكاسب ممن يضيعون مظلاتهم... اكتشفت بعد ذلك أنني تقريبا كنت الوحيد الذي اصطحب مظلة معه... ومعظم الزملاء كانوا عقلاء.
انطلقنا ولم يفِ محمد المرشد السياحي بوعده أن يوقف الحافلة لآخذ صورة مع الأسلاك المعقدة ... لكنني لاحظت أنها موجودة تقريبا في كل الشوارع والتقاطعات بما فيها تلك القريبة من الفندق .... وكانت الجولة كافية لبيان المساحة الهائلة لتلك المدينة الساحلية وكم الفنادق الضخمة والبنايات الشاهقة التي تعتبر بمثابة مدينة بطايا Pataya الجديدة ... ثورة عمرانية واضحة وإشارة إلى براعة جذب الاستثمار والثقة في المستقبل رغم أنها كانت في مصب تسونامي الرهيب... مشينا أكثر من ساعة داخل المدينة لنصل أخيرا إلى القرية الصناعية "نَـمّْ نووم" والتي تشمل فضلا عن أشكال الأشجار والزهور والنباتات وشتى تماثيل الحيوانات ما لا يعد لا يحصى وفضلا عن ذلك مسرحا كبيرا وقاعة ضخمة لاستعراض الأفيال .... وكانت منذ المناظر الأولى جديرة بالإعجاب ... فقد تميزت بالإتقان والإحسان والاهتمام المذهل بالتفاصيل حتى بدت صورنا فيها وكأنها صور في غابة حقيقية .... ويظهر معي في الصورتين أدناه كل من د. عبد الناصر مراد ود. نبيل العجوز من جامعة بنها وفي الأخرى د. لطفي الشربيني ود. إيهاب ملوخية من الإسكندرية.
اضغط الصورة لرؤية نسخة أكبر |
المشكلة كانت الحر الشديد والشمس الساخنة التي كانت كفيلة بجعل الجميع يتصببون عرقا ...وأما أنا وأنا رجل غزير العرق فكنت الوحيد الذي يعصر قميصه عرقا ! ولم تمنع المظلة ملابسي من البلل، وكذلك كان الوقوف قبالة الشمس لأخذ الصور مهمة صعبة ... عرفت لحظتها أن أخذ قبعة كان سيكون أجدى من المظلة التي أخذتها معي من الحافلة تحسبا للمطر ... خاصة وأن شدة الحر في هذا البلد لا تعني استبعاد هطول المطر، ..... ذهبنا في رحلة بحافلة داخلية خاصة بالحديقة وكان المفترض أن نمر على ثلاثة أماكن تتميز بجمالها خاصة للتصوير، لكن الواضح أننا لسبب أو لآخر اقتصرت الرحلة على مكان واحد قيل أنه مجمع !
تجد حديقة للديناصورات وحديقة للحمار الوحشي وللغزلان ووحيد القرن وحدائق لشتى أنواع الحيوانات والطيور الكبيرة المنقرضة والموجودة حتى اليوم ... المكان مجهز حتى بشبكة واي فاي تأكدت منها أنا ورفيقي د. أشرف عبده ودخلناها في حديقة الديناصورات لنتبادل الصور كان المكان ساحرا ومبهرا وإن لم ننس كونه صناعيا إلا أننا كلنا أعجبنا بدقة إتقان محاكاة الطبيعي.
اضغط الصورة لرؤية نسخة أكبر |
بعدها رجعنا لتناول الغذاء الذي كان في مكان اتضح أنه المطعم الرسمي للقرية ... الشيء الوحيد الذي صدمني كان أن الغذاء اليوم هو طعام تايلاندي وحقيقة لم يرق لي طعمه، فإما أن تجد صنف تفترض طعمه لتفاجأ بأنه كأنما منزوع الطعم أو تجد آخر مثلا نوع خضار معروف لتفاجأ به منقوعا في الحار ولا تدري حتى هل الحار فلفل ؟ أم كاري ؟ أم شيء لا تعرفه من قبل !
اكتفيت ببعض الفاكهة التي هي أيضا على اختلاف أشكالها المتاحة وقتها في المطعم كانت أصنافا جديدة علينا وإن رأينا بعضها من قبل في الفنادق في الإمارات وذقنا بعضها ... إلا أن المتاح كان أنواعا تشعر بأنها بلا طعم ولا تدري وأنت تأكلها كفاكهة أم نوع من الخضروات؟؟؟.... كنت قد جالست د. لطفي الشربيني الذي استطيب قليلا من الأصناف .. وأما أنا فاكتفيت ببعض ذي الطعم وعديمه من الفواكه، وأكملت بالآيس كريم الأبيض الذي كان متاحا بكثرة ... وحلوا بلا كثرة ... حتى ظننت الحليب الذي استخدم لصنعه خفف كثيرا بالماء !
أغلبهم شربوا الشاي وأما أنا فلا أشربه ولو كنت أشربه لما كانت بي حاجة له، سألت عن الواي فاي وتصفحت مجانين قليلا من محمولي حتى انتهوا .... وقمنا لنسير إلى مكان العرض الثقافي من وسط القرية على شريط كوبري حديدي بين أجزاء كأنها زراعية وجنان صناعية للطيور ... كانت رحلة تهنا فيها كثيرا على أقدامنا وفي منتهى الحر والرطوبة والشمس القوية كان تحركنا وكنت "عَرَقي مَرَقي" ...... لكنني أكملت المسير واقتصدت في التصوير، لكن وربما بسبب انشغالنا بالمناظر الخلابة في طريقنا على اليمين واليسار ووقوف أغلبنا مرات لالتقاط الصور فقدنا بعضنا وفقدنا مرشدنا واتضح أخيرا أن الطريق إلى مكان العرض الثقافي أقصر بكثير مما سرناه فقد نسينا قراءة اللافتات الإرشادية وانطلقنا في اتجاه الحمير والماعز والخرفان والتيوس والأحصنة والقرود... أخيرا ومن هذا الاتجاه علينا جميعا أن نتجمع عند باب المسارح .....
اضغط الصورة لرؤية نسخة أكبر |
كان العرض الفلكولوري غنيا بالمعلومات وكاشفا عن بعض الخصوصيات الثقافية لأهل تايلاند التي تبدو غريبة بالنسبة لغيرهم من الشعوب ... في البداية كانت كلمة ألقتها امرأة تايلاندية بدت وكأنها تعريف رسمي بتايلاند ثم تلا ذلك العديد من العروض الفلكولورية التي برز فيها الإيحاء الجنسي وكأنه لغة يستخدمها التايلانديون بعفوية واقتدار كوميدي في نفس الوقت، بعض زملائي اهتموا بتسجيل العروض لكنني اكتفيت بمتابعتها وتأملها.
قمنا بعد ذلك من ترك المسرح الضخم الذي كان فيه العرض متجهين إلى جزء آخر في نفس المبنى فيه صالة تقديم عروض الأفيال وهي صالة أشبه بالصالات الرياضية المغلقة ومنذ دخلتها وحتى انتهى العرض لم أصعد إلى مدرجات الجلوس وحين اضطررت جلست فقط لأقل من دقيقة على الدرجة السفلى لمدرج الجلوس وفي البداية كنت أحاول أن يلتقط لي أحد الزملاء صورة والفيل من خلفي ... لكن هذا لم ينجح لا أدري بسبب سرعة حركات الأفيال !! أم بطء من يصورني أم دهاء مدرب الفيل الذي يراني أريد أخذ الصور مجانا ! .... رأيت فيلين يحملان سائحة أوروبية بين خرطوميهما والمدرب يأخذ لها الصور.. فسألت كيف يمكنني فعل مثل هذا واكتشف أنها فقط 100 بات أي حوالي 50 جنيه مصري يعني يا بلاش ... وعندما أعطيت المدرب النقود طلب مني الانتظار حتى ينتهي العرض وبالتالي طبعا لم يطلب أحد مني الجلوس على المدرجات بعد ذلك وبقيت طوال العرض على مقربة من الفيلة حتى حان موعد التصوير مع الفيل الذي رفعني بخرطومه والفيلين اللذين حملاني معا على خرطوميهما !
اضغط الصورة لرؤية نسخة أكبر |
بعد انتهاء هذا العرض خرجنا من الصالة وحتى الحديقة وصولا إلى الحافلة كان المغرب قد اقترب حيث عدنا للفندق حوالي الرابعة والنصف بدلا من الثالثة كما كان مقررا والمهم أنه لم يحدث لا مطر ولا عفر ولكن شاء الله أن أحمل المظلة السوداء مطوية في يدي طوال الرحلة، لم تعقني لكنها ظلت بين رجلي جالسا وفي يدي أو تحت إبطي واقفا أو سائرا .... أخيرا عدنا إلى الفندق وكانت بقية الليلة جولة حرة ... اتفقنا هذه المرة أنا ود. حسام الصاوي من طنطا ود. أسامة الخولي على التمتع بالجولة الحرة معا ..... صعدت إلى الغرفة وكنت قد نويت أن أجرب المساج التايلاندي وأن نتعرف أكثر على نواحي أخرى من المدينة ومن ضمنها أسواقها المفتوحة وأسواقها المغطاة أو المولات، ربما نشتري فقد كان مشهورا في أذهان المصريين أن تايلاند كانت من أرخص دول العالم قبل التعويم ... واختلفت الأقوال بعد ذلك في الحالة بعد التعويم وقلنا نجرب ونرى.... وعندما صعدت إلى الغرفة ونظرت إلى ما معي من قمصان وقد خلعت واحدا يعصر عرقا من جولة مساء الأربعاء في شوارع تايلاند الحمراء ! ... اكتشفت في تلك اللحظة أني سأضطر إلى غسل قميصي الغارقين عرقا ولو بالماء ... وفعلت وأخرجتهما إلى الشرفة فبسطتهما على كرسيين ليجفا... وهي أول مرة أغسل لنفسي في رحلة منذ ما يزيد على 30 عاما ... لكنني في الغرفة التي كانت بمثابة جناح واسع ذي وحدتين وشرفتين وشاشتي تلفاز ... لم أفلح في تشغيل الشاشة الخارجية في وحدة الاستقبال، وكان ذلك أفضل لأتفرغ لمجانين أو غيره من تطبيقات الإنترنت للتواصل مع الأهل والزملاء ... وهذا ما فعلت بعد عودتي الغرفة من حديقة الساونا التي عشتها في "نَـمّْ نووم".
بعد حوالي ساعة التقينا أنا وزميليّ وقلنا نتمشى في الشوارع المجاورة للفندق ثم نتجه إلى حيث الأسواق .. وما أن قطعنا الشارع الكبير واخترنا آخر عرضي هو المقابل الأقرب لشارع الفندق لنشق طريقنا إلى الشاطئ حيث الأسواق... اخترنا شارعا لا يوحي منظره بشيء من بعيد وما أن دخلنا حتى اكتشفنا أنه شارع أيضًا للبغاء .. لم نفكر في الرجوع وإنما سارعنا الاجتياز وبينما كنت متعبا جدا أقول لرفيقي رأيي أن نذهب لتجربة المساج أولا ... فيردان لا ليس إلا آخر الليل لنعود ننام ولما كنت في منتهى الإجهاد فقد لمحت ونحن لم ننتهي من اجتياز الشارع إياه محلا للمساج على شاكلة المحلات المنتشرة في كل الشوارع فأشرت نحوه وقلت هنا مساج وظننتهما سيبقيان معي لكنهما ذهبا وتركان...
دخلت المحل واخترت المساج التايلاندي لكل الجسد وسعره 200 بات (كمان يا بلاش) ولاحظت عدم وجود زبائن في المحل ... لكنهم عندما سألت الجالسات فيه أشرن إلى أعلى وفعلا تقدمتني واحدة منهن إلى الطابق العلوي وصعدت وجدت بعض الأسرة التي تشبه أسرة المرضى في عنابر المستشفيات الحكومية في مصر مع إضافة وجود ستارة حول كل سرير .... بعض الأسرة كانت ستائره مغلقة حوله وبعضها كانت ستائره مفتوحة ..... بعدما تجهزت للمساج فاجأني أنها سألتني هل تود الإضاءة أم أطفئها ؟؟!! بدأت أشعر بعدم الراحة وقلت لها بل دعيها فالإضاءة لا تزعجني... بدأت المساج ..... وكانت تسأل كل فترة عن شيء تضيفه فأقول لا وهي كانت لا تحسن الإنجليزية وأنا لا أفهم لغتها ولكن فهمت أن ما تطلب إضافته سيكون إضافة على المساج المتفق عليه وكنت أقول لا كل مرة .... وانتهت الخبرة الأولى لي مع مساج الجسد الكامل Total Body Massage وكنت فهمت أنه هو المساج التايلاندي.... ولم أشعر بالراحة لا للمحل ولا للمساج ولا بالراحة ولا الاسترخاء بعد المساج..... لكنني أخذت طريقي راجعا إلى الفندق الذي لم أكن ابتعدت كثيرا عنه وصعدت إلى الغرفة وبعد غُسْلٍ سريع ثم عشاء خفيف مما تمونت به من مصر من معلبات وشرائح جبز جاف بدأت العمل في تحرير بعض المدونات، وتصنيف بعض الاستشارات واختيار عناوين لمن لا يختار عنوانا لرده من المستشارين وهم الغالبية ... ليكون العمل المطلوب في الصباح هو فقط العرض لتحديث مجانين.
ويتبع >>>>>>: بودابشت .. باريس .. تايلاند مجانين !5
واقرأ أيضًا:
الأردن مؤتمر الأطباء النفسانيين العرب الدولي(14)1 / لقاء في الأردن / حديث لندن وقت العصر