رأيتُ فيما يرى النائم

 رأيتُ فيما يرى النائم**
رأيتُ فيما يرى النائمُ أن الناس كلها تمشي بالعرض وأنا الوحيد الذي يمشي بالطول، فقلت لهم: يا قوم لماذا تمشونها بالتعريض فرد عليّ أحد المعرضين وقال : البس العمّة واتبعنا وسوف تجد من الخير الكثير، فما كان مني إلا أن تبغددت وقلت له: أنا أعيش بالحلال والصح والإنسان يأكلها بدقة ولا يربط رزقه بالتنازل عن أخلاقه..فأشار لي بحركة بزيئة بكلتا يديه ومضى بالعرض في لمح البصر مع جموع المعرضين.
 
قلت في نفسي كلها أشكال هندسية لزوم أكل المهلبية وما المانع في اتباع الجموع هو أنا هعمل فيها موضوع وحاولت ثم حاولت لكن في كل مرة كانت تبوء محاولاتي بالفشل..فقلت في اليوم التالي أخطف رجلي إلى كبير المعرضين كي أتعلم منه. وعندما دخلت عليه وجدت عنده ما لذ وطاب من متاع الدنيا ولكن الغريب الغريب أنه كان ممتلئ الجسم عليه آثار النعمة ولكن رأسه رأس عصفور!
 
قلت له السلام عليكم يا كبير فرد السلام بصوصوه ونظر لي بخبث شديد وقال: مرحبا بك يا أبو حميد تريد تعلم الفهلوة لزوم أكل العيش عرفتك من دخلتك وأنت قادم إلي من بعيد هزيل الجسد حيران وآدي آخر المشي في الحلال..سوف أعلمك أصول الصنعة بشرط ألا تنافس في منطقتنا وتذهب كي تشق طريقك بعيدا عن جموع العصافير..فالعش صغير ولا يحتمل.
 
وبالفعل بدأنا تمارين لتكبير الودان وتمارين أخرى لتزويق الكلام..وتمارين لادعاء الخوف على من نعصفر لهم وتمارين اللعب على كل الأطراف وتمارين إخفاء المعلومة لاستخدامها عند اللزوم والكثير من التمارين بخصوص المشي بالعرض والتعريض وبينما نحن على هذا الحال مرّ علينا شيطان ماسك رمح وله أذنان طويلتان وجهه أحمر وله ذيل ..شكله مخيف مثلما نراه في الأفلام وقال : ازيكم يا جماعتنا عاملين إيه، فاضطربت وتبرجلت دقات قلبي وقلت للعصفور الذي يعلمني مين الأخ شكله غريب هو رايح السيرك القومي ولا إيه؟!
فقال لي: بل انظر في المرآة يا بيه ووجدت ملامحي تشبه ملامح الشيطان غير أني لابس بدلة وقفطان فوقع قلبي في رجلي وملأت الكون بالصريخ.. ووجدتني أقوم من النوم على صوت المنبه اللعين وأم العيال تشدني كي أجرر قدمي وأقوم كي أذهب للعمل رغم أنني مخصوم مني عشرين يوم !

** محمد ماهر العرفي- كاتب وروائي مصري، صدرت له العديد من الأعمال الأدبية منها (حديث جانبي- كلام الليل)
 واقرأ أيضاً:
 أكل العيش / في كل شوك وردة! / أحزان هذا المساء / النداهة / تغيّرنا ! / على رأسي فانوس ! / الذي لابد منه / أنا شخصٌ جميل لا يشبهني!