بودابشت .. باريس .. تايلاند مجانين !5
كانت الرحلة مؤرخة في مطوية سلمتها لنا الشركة المنظمة من 7 – 10 أغسطس 2018 .... ولم نكن نعرف شيئا عن التأشيرات التي اشترطوا في السفارة أن تكون لمهمة علمية في بوخاريست ولا عن بطاقات السفر لأنها ظلت في سفارة رومانيا حتى صباح الاثنين 6 أغسطس.... وحين عرفت أن أحدا لم ترفض تأشيرة دخوله الأراضي الرومانية كان ظهر الاثنين يولي، المزعج في هذه الرحلة كان توقيت السفر حيث كان على أعضاء الفوج أن يتواجدوا في مطار القاهرة يوم الاثنين في الثانية عشرة منتصف الليل ليبدأ يوم الرحلة بالطيران من القاهرة على الخطوط الجوية التركية في الثالثة إلا عشرين ديقيقة من صباح الثلاثاء .. ثم التوقف أو العبور في استانبول لتغيير الطائرة التي ستطير بنا إلى بوخاريست في السابعة وعشر دقائق صباحا...... يعني باختصار ننام واقفين أو جالسين ... وأنا لا أستطيع النوم في وسائل المواصلات إلا ما ندر ... ويؤلمني ذلك جدا ... ولولا ما عرفت في السفر من فوائد ما جازفت بمثل هذا السفر، ....
في مطار القاهرة التقيت الصديق د. ياسر عبد القوي ثم د. أسامة الخولي من الإسكندرية، ود. محمد الحديدي ود. محمود الوصيفي من المنصورة ... وأخيرا صديقي العزيز وأخي الكبير د. لطفي الشربيني من الإسكندرية، ...... لكن أكثر من تحادثت معه قبل صعود الطائرة كان د. هاني منتصر من بورسعيد .... ورغم أننا كثيرا ما كنا نلتقي في مثل هذه السفرات إلا أننا لم نتحاور كثيرا كما حدث هذه المرة ربما لأنه عادة ما يصحب معه زوجته... اكتشفت هذه المرة كما كبيرا من التشابه الفكري بيننا ... وأتوقع أن قريبا نلتقي لنستكمل ما بدأناه.
قبل الإعلان عن بدء تعبئة الطائرة بعشر دقائق سمعت محمود الوصيفي يدعو الله أن لا تتأخر الرحلة ... وعرفت منه ما معناه أن الخطوط الجوية التركية رغم فخامتها وتوغلها عالميا إلا أن مواقيتها سيئة جدا ! أو (يُك ! بالتركي) فكثيرا ما تتأخر الرحلات وتضيع على ركاب العبور رحلات ... قلتُ يا وصيفي تفاءل الله يهديك .... دعوت الله في صدري كثيرا أن يكون المقعد المجاور لي فارغا ... وانتظرت حتى أغلقت الطائرة أبوابها حتى أيقنت أن ربي بي خبير ... فبالفعل كان المقعد فارغا وضعت عليك حقيبة حاسوبي .. وكنا في لحظة الطيران قد تأخرنا حوالي 40 دقيقة عن الموعد وهو ما يختزل وقت عبور استانبول إلى نصفه تقريبا..... قلت الله سيلطف بنا .... وأمضيت أغلب وقت الطيران أجيب نصيبي من استشارات مجانين على ذاك الحاسوب ....
كان مفترضا أن تصل الطائرة مطار استانبول في السادسة إلا عشر دقائق لكنها وصلت في السادسة والنصف .. ولذلك وجدنا مضيفة تستلمنا من بعد صعود أول سلم بعد الهبوط من الطائرة وقد حملت في يدها لافتة أظنها علامة الخطوط الجوية التركية وحدها أو تحتها To Bucharest أي إلى بوخاريست ... كانت وجبة الإفطار شهية مثلما كان عشان الأمس على طائرة الصباح من مصر... ووصلنا بوخاريست ولم أكن مقاوما للنوم ربما لما بين عشر وعشرين من الدقائق على مرتين... وكنت على علم مسبق بأننا في بوخاريست سنذهب لجولة في المدينة حتى ينتصف النهار ثم نذهب للفندق لا لننام .. إنما لنحضر الجلسة العلمية التي سيحاضر فيها ثلاثٌ الأولى عن الصرع وقدمها أ.د أيمن ناصف والثانية عن اضطراب نقص الانتباه وفرط الحركة إ.ن.ف.ح في الأطفال وقدمها الصديق النشيط والأخ الأصغر أ.د محمود الوصيفي من طب المنصورة، والثالثة عن الأرق في المرضى النفسيين وتقدمها الزميلة أ.د حنان الشناوي من طب القاهرة .... وكنت رئيس جلسة من الزقازيق.... ومعي د. محمد الحديدي من المنصورة ود. أمل توفيق من المنيا ....
معنى هذا أن عليّ الاستعانة بالله على النعاس حتى يتيسر وكنت مصرا على عدم شرب منبه مخافة أن أعجز عنه حين يتاح لي النوم، وصلنا إلى بوخاريست وكان الانطباع الأول عن المطار أنه صغير أو لنقل صالة الاستقبال وكذا فراغ الهبوط المحيط به ... لكننا من داخل مبنى الاستقبال هذا أدخلنا إلى توسيعات كأنها مطار خلف الأول لكنه على الطراز الذي أيقنت هذه المرة أنه عولمي وكأن شركة واحدة هي التي تحدث المطارات على مستوى العالم فما تراه في مصر تراه في الأردن وتراه في الرياض ومطارات الإمارات وتايلاند وماليزيا وروسيا....إلخ.. وهو يغزو كذلك مطاراتٍ عريقة كشارل ديجول وهيثرو... كنت محظوظا لم تتأخر حقيبتي على بساط الحقائب المسير.... وانطلقنا أخيرا إلى الحافلة التي لم تأخذنا لجولة في المدينة كما كان مقررا وإنما اتفق بعضنا (لا أعرفهم) مع المنظمين ومرشدة السياحة الرومانية على الذهاب إلى أحد الأسواق المولية يعني إلى مول نسيت اسمه وحفزتنا لتغيير عملاتنا هناك...
في الطريق حكت لنا مقدمة عن رومانيا ونوعية السكان ودياناتهم المختلفة فالغالبية من المسيحيين الأرثوذوكس (يعني حبايبنا كالمصريين) ولم أكن أعرف أن للمصريين كنيسة مستقلة ... لأنني حتى تلك اللحظة كنت أظن كل الأرثوذوكس في العالم -وأغلبهم في أوروبا الشرقية- يتبعون الكنيسة القبطية المصرية، وعرفت أن تغييرات حدثت يبدو أن الرد عليها كان أن تخصص كنيسة قبطية للأرثوذوكس المصريين... كذلك كان مفاجئا لي أنهم ينطقون بوخاريست بوكاريست وليس كما ننطقها نحن، كما قصت علينا بعضا من قصة الثورة الرومانية التي أطاحت بالزعيم الديكتاتور نيكولاي تشاوسيسكو الذي أعدمه جيشه مساء يوم الثورة.. وكيف تطورت الأحوال في البلاد وكيف تعثرت واستعادت توازنها على مدار ما يناهز ثلاثة عقود ... لكن الأحوال الآن ما تزال تحتاج كثيرا من العمل حتى تصبح رومانيا مؤهلة للدخول كعضو كامل في الاتحاد الأوروبي فهم ما زالوا يتعاملون بالليو والذي يعادل الآن ما يقارب 5 جنيهات مصرية.... أي كأننا في الخليج حيث أصبح الشراء صعبا لأنك ببساطة تضرب السعر في خمسة فتجد الثمن باهظا.
اضغط الصورة لرؤية نسخة أكبر
رغم ذلك انطلق الزملاء يمينا ويسارا وانتشروا بين الطابق الأعلى والأدنى وقليل منهم من عاد إلى الحافلة فارغ اليدين ... وأما أنا وصديقي د. محمد التلاوي من المنيا فقد اكتفينا بتغيير بعض العملة إلى الليو ... ثم بدأنا نتجول في المكان وكان مكونا من طابقين ... وكنا غالبا نتفرج على المحلات من الخارج إلا حسين يصر التلاوي على الدخول لأحدها ليقارن الأسعار .... وكان غالبا يخرج بنفس النتيجة السعر مثل أسعار مصر أو أرخص قليلا ... وأمضينا الوقت ماشين أو واقفين أو جالسين لكننا نجحنا ألا نشتري وهذا أحيانا يكون تحديا كبيرا .... وأخيرا حان موعد التجمع في الحافلة، ثم انطلقنا إلى الفندق ..... وعند الوصول إلى بوابة الفندق فاجأنا وجود مصور خاص مسؤول عن تصوير المجموعة أثناء الرحلة ... وكان تقليدا رائعا رغم أنه مهمل من أغلب معدي الرحلات هذه الأيام اكتفاء بما يحمله الناس من كاميرات .. إلا أن مقارنة الصور التي يلتقطها المصور المحترف بغيرها دائما ما توضح صدق المثل الشعبي المصري "أعط العيش لخبازه ولو سيأكل نصفه" بدأ التقاط الصور ونحن ما نزال بتراب السفر والسهر. كما يظهر في الصورتين أعلاه.
اضغط الصورة لرؤية نسخة أكبر
وفي بهو الفندق تجمعنا مرة أخرى وأخرجت من حقيبتي الجاكت الأبيض ورباط العنق ولم أحصل على مفتاح الغرفة وكان واضحا أن أحدا لن يحصل عليه قبل انتهاء الجلسة العلمية فاتجهت إلى دورة المياه بحثا عن مرآة، وخرجت لأجد الزملاء يصعدون إلى الطابق الأول فتبعتهم إلى قاعة كبيرة وفيها بدأت الجلسة العلمية وجلست إلى جواري د. محمد الحديدي ود. أمل توفيق... وكنت مخولا بتقديم المحاضرة الثالثة لد. حنان الشناوي .... ودارت مناقشات لم تكن متوقعة من مجموعة لم ينم أغلبهم طوال الليل وهو ما لم يكن له تفسير إلا أن مواد المحاضرات كانت مشوقة ومثيرة للأسئلة وللتعليقات.
اضغط الصورة لرؤية نسخة أكبر
خرجنا بعد ذلك إلى غذاء خفيف تم إعداده ونحن في القاعة ... لم نكن جوعى للأكل قدر جوعنا للنوم فكان غذاء عمل خفيف ويستطيع من يريد أن يجعله ثقيلا كما نوعا ... المهم أخيرا صعدنا إلى غرفنا وكان وقت الصلاة .... صليت الظهر والعصر جمعا لم أكن أعرف تقديما للعصر أم تأخيرا للظهر لأنني سمعت أحدهم يقول أن غروب الشمس سيكون في الثامنة والنصف مساء في هذا البلد.... وكان لا بد أن أحدث مقالات يوم الثلاثاء لأني لم أتمكن من تحديثها في مطار القاهرة فلا توجد وايفاي مجانية كما في كل بلد بحجم مصر أو حتى أقل... نهايته قمت بالتحديث فعرضت قصيدة طاووس : جلمودُ صخرٍ ... وجهزت قصيدته : مُسَجَّلٌ خَطِرٌ !! ومقالة د. مصطفى يوسف اللدواي واجب القوى الفلسطينية تجاه غزة وأهلها للعرض صباح الأربعاء 8 أغسطس.
كان الجو حارا في ذلك البلد .. وجهاز التكييف في الغرفة لا يبدو أنه يعمل بصورة جيدة .... وضعت العوينات أمام عيني وذهبت أحاول ضبط التبريد وبالكاد أنجزت المهمة أو أقنعت نفسي بأن أنجزت ... وبعدها فكرت في تجهيز السرير... وعادة ما أحتاج تحت رأسي أكثر من وسادة متماسكة لا مفرطة المياصة كما هي دائما في الفنادق وكثيرا ما ألجأ للمناشف الكبيرة أستعين بها في وسادة رأسي ثم بعد ذلك أحتاج 4 وسادات أو ما يقوم مقامها لا تشترط صلابتها لأنقل عليها أطرافي أثناء النوم .... ربما هذا جواب سؤال لماذا لا أنام في الطائرة ؟!...... المهم جهزت السرير إلا وسادتين ليستا في الإمكان ثم ضبطت المحمول.... ثم أغلقت الستائر، عتمت الغرفة واستلمت السرير .... ربما نمت سويعة وربما لم أنم .... لكن ذهني بلا شك استراح ....بعد محاولة نصف ناجحة مع النوم قمت... فتحت ورقة الدخول إلى الإنترنت ودخلت إلى كهفي العنكبوتي مجانين وتمنيت أن أصلي المغرب والعشاء في الغرفة قبل النزول لكن للأسف .... كان موعد التجمع في بهو الفندق هو الثامنة والربع والغروب في الثامنة والنصف لكن ما تحركت بنا الحافلة إلا بعد ما دخل وقت المغرب ساعتها تمنيت لو تباطؤت في الغرفة حتى أصلي....
المهم أخيرا تحركت إلى مطعم الوادي اللبناني والموجود وسط أحد المولات التجارية وإن بدا منفصلا في الطابق الأرضي .... كان عشاء شهيا.... وكان الجوع قد استبد بأغلبنا ... ومعروفة طريقة المطاعم اللبنانية يقدمون لك من السلطات ما لذ وطاب وحين يصل الطبق الرئيس تكون على وشك الشبع إن لم يكن الامتلاء ...... تسامرت طويلا مع د. لطفي الشربيني ليلتها وكان واضحا أن أغلبنا أنعشته ساعات النوم التي نعم بها، ..... حتى أن بعضنا لم يتحرك من المطعم إلا وقد أغلق أبوابه إلا الأخير....
اضغط الصورة لرؤية نسخة أكبر
قرر بعضنا في الحافلة أن يصحو مبكرا ليصعد إلى القسم الرياضي الترفيهي بالفندق ... ولكني كما الأغلبية آثرت النوم .... وصلنا إلى الفندق ........ صليت المغرب والعشاء تأخيرا قصرا ...... ولم أستطع ألا أطالع مجانين .... وبعدها بحثت بشكل أفضل في الغرفة حتى وجدت وسادة في خزانة الملابس صارت لأطراف ثلاثة وسائد وتبقى واحدة... الحمد لله نستعيض عنها بالغطاء .... وهكذا ... أحكمت غلق الستائر وعتمت الغرفة إلا من بصيص خارج من الحمام وشاشة الجزيرة وإن هي إلا دقائق.... ورزقني الله النوم حتى الثامنة والنصف صباحا....
ويتبع>>>>>> : مجانين ... استانبول ... بوخاريست استانبووووووول2
واقرأ أيضًا:
الأردن مؤتمر الأطباء النفسانيين العرب الدولي(14)1 / لقاء في الأردن / حديث لندن وقت العصر / ثانية ألتقي سدادا .... جمعا في لندن