ترتبط الأمراض النفسية عند الكثيرين بالجنون والتخلف العقلي، ولوسائل الإعلام دور كبير ويؤدي هذا إلى التردد عند زيارة الطبيب النفسي، والخجل من ذلك، بل ربما الامتناع عن الإقدام عليه أصلاً، رغم الحاجة الشديدة إليه. ويتأخر الناس في إحضار مريضهم حتى يستفحل فيه المرض جداً، مما قد يجعل من الصعب علاجه، كما أنه سيحتاج لفترة أطول من العلاج.وذلك لمجموعة من الأسباب منها:
- اعتقاد المجتمع أن الأدوية النفسية ليست سوى مخدرات، ولذلك فإنها تؤدي إلى الإدمان.
- عدم شفاء بعض المرضى رغم استخدامهم للدواء؛ فهم يرونها مجرد مسكنات أو منومات،
- اعتقاد بعض الناس بأنه لا يمكن للعقاقير الدوائية المادية المحسوسة أن تعالج المعاناة النفسية غير المحسوسة
- اعتقاد بعض الناس بأن الأمراض النفسية لا شفاء منها، يعتقد بعض الناس أن العلاج النفسي مجرد كلام، والواقع هو أن العلاج النفسي لا يغير مريضا دونما تعب خصوصا في مجال السلوك الاجتماعي أو الفردي الواعي، أي في مجال العلاج السلوكي الذي يتطلب من المريض عملاً مع الطبيب، وفي حياته لكي يتحقق التغيير! وأستشهد بالآية الكريمة {إِنَّ اللّهَ لاَ يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُواْ مَا بِأَنْفُسِهِمْ}.
- الأعراض النفسية هي رد فعل طبيعي لظروف الحياة ولا فائدة من علاجها دون حل للمشكلات الحياتية!
من أهم هذه المفاهيم ارتباط الأمراض النفسية بالجنون: يعتقد الكثير من الناس بأن كل زوار العيادة النفسية هم من المجانين. إن هذه الاعتقادات تؤدي إلى التردد عند زيارة الطبيب النفسي والخجل من ذلك بل ربما الامتناع عن الإقدام عليه رغم الحاجة الشديدة إلى ذلك، هذه الأفكار الخاطئة أوجدت الاتجاهات السلبية للمرض النفسي من قبل العائلة في حالة إصابة أحد أفرادها به: فإذا أجرينا مقارنة متعلقة بموقف الأهل في حالة الإصابة بالمرض العضوي والإصابة بمرض نفسي نجد أن الأهل في الحالة الأولى يستدعون الطبيب بشكل فوري، وينفذون تعليماته بدقة، ويعطونه ثقة كبيرة، ويقبلون بتشخيصه، ويكون المرض مناسبة اجتماعية للزيارات، وتسود الأجواء مشاعر التعاطف مع المريض ورغبة في متابعة علاجه حتى الشفاء التام.
أما في حالة المرض النفسي فنجد الأهل يترددون كثيرا قبل مراجعة الطبيب، ويحاولون التهرب من تنفيذ تعليماته، ويفضلون مراجعة أكثر من طبيب، ويحيطون التشخيص بالتشكيك، ويحملون عدائية غير ظاهرة للمعالج، كما أنهم يحاولون أخفاء أنباء المرض حتى عن المقربين، ومحاولة إنهاء العلاج بأقصى سرعة ممكنة (حتى قبل أوانه)، كما يحملون مشاعر هجومية نحو المريض ويوجهون انتقادات مكثفة إليه.
من العوامل التي ساهمت في ترسيخ المفاهيم الخاطئة هي وسائل الإعلام: لقد تعودنا من الأفلام السينمائية والمسلسلات التلفزيونية والرواية العربية تقديم صورة مشوهة عن العلاج والمعالج النفسي مما جعل هذه المفاهيم تتغلغل في وجدان الناس، ولكي نتخلص من موروث سنوات طويلة من المفاهيم والمعتقدات الخاطئة عن الطب النفسي، على وسائل الأعلام والعاملين في مجال الصحة النفسية أن يقوموا بدورهم لتحسين الصورة المشوهة عن الطب النفسي، والمساعدة في توصيل المعلومات الصحيحة عن الأمراض النفسية وطرق العلاج النفسي، ونحن نتوق إلى ذلك اليوم الذي تصبح فيه زيارة العيادة النفسية أمرا عاديا وان نتخلص من الخوف والخجل والوصمة السلبية.
إن الهدف الذي نسعى إليه هو الارتفاع بمستوى قدرات الفرد ليعيش حياة أفضل ويساهم في بناء المجتمع بأقصى طاقاته. ولتحقيق هذا الهدف على الفرد داخل المجتمع العربي أن يتخلص من هذه المفاهيم وأن يبني قناعاته على أسس علمية ثابتة وليس على الخرافات والشائعات.
واقرأ أيضاً:
الإعلام والإساءة للطب النفسي / حقوق المريض النفسي بين الرعاية والوصاية / كيف نعالج مرضانا؟؟ / إدمان الأدوية النفسية / الطبيب النفسي سيدخلك في الدوامة! فاحذرْ منه!! ××
التعليق: السلام عليكم
في الحقيقة أنا مختصة نفسية وأعلم كل ما تقدم ذكره لكن المرض النفسي هو من يغذي هذه الأحكام المغلوطة
فأنا أعاني من مرض نفسي ولم أذهب للطبيب خوفا من الإدمان والنوم والسمنة وجميع مخاوف الأميين والجهال
وشكرا