والد صدام (حسين عبد المجيد) كان رجلاً فقيراً عاش يتيم الأبوين وكان يعمل حارساً، تزوج من إحدى قريباته وتدعى "صبحه" وأنجبا طفلاً مات بعد أربعة شهور من ولادته بسبب المرض ثم حملت بعد ذلك بصدام وأثناء حملها أصيب زوجها بكسر في أسفل ظهره لقفزه من فوق سطح منزله إلى الأرض للانقضاض على أحد الأشقياء كان يحاول التحرش بزوجة جاره ثم مات حسين المجيد قبل ولادة صدام بثلاثة شهور.
هذه الظروف تجعلنا نتوقع أن يستقبل هذا الطفل المولود استقبالاً خاصاً فالأم فقدت ابنها الأول بسبب المرض وفقدت زوجها بعد ذلك؛ وبالتالي تتجه بكل مشاعرها نحو المولود الجديد فيصبح هو محور حياتها ومركز الكون بالنسبة لها تعطيه كل ما عندها وتلبي له كل ما يطلب، وربما تكون هذه الفترة من حياة صدام في هذه الظروف هي التي صنعت حالة النرجسية الواضحة في حياته لاحقاً والتي تبدت في صورة تماثيله المنتشرة في كل مكان في أرض العراق لا يفصلها عن بعضها إلا صوره الجدارية العملاقة وصوره المعلقة في كل بيت وفي كل إدارة حكومية أو خاصة.
وعندما بلغ صدام من العمر سنتين مات جده لأمه فانتقلت به أمه ليعيشا في كنف خاله ببغداد، ثم حدث التحول الأهم بعد ذلك في حياة صدام والذي كان له أكبر الأثر في تكوين شخصيته فيما بعد، وذلك أن أمه قد تزوجت من شخص يدعى إبراهيم الحسن (أبو إخوة صدام غير الأشقاء برزان ووطفان وسبعاوي) وقد تركت شخصية إبراهيم الحسن (زوج أم صدام) أثاراً هائلة في شخصيته، فالذين عرفوا إبراهيم الحسن يصفونه (كما ذكر صلاح عمر العلي أحد قادة حزب البعث السابقين) بأنه كان صاحب شخصية شريرة لا حدود لمشاعر القسوة فيها وأنه لم يحمل أي مشاعر ود لصدام وقد عامله بعداء مفرط وكان يضربه بلا رحمةٍ على الرغم من صغر سنه.
وكان إبراهيم الحسن يصر على أن يتعلم صدام كل فنون الزراعة والرعي وهو في سن صغير جداً وحين كانت تحاول أم صدام أن تحميه من بطش زوجها كان ينهرها ويعنفها فقد كان يرى أن الأسلوب الأفضل في تربيته هو الشدة والقسوة حتى يصير رجلاً.
هذا التحول الهائل في حياة صدام الطفل من الحب والتدليل وقمة الاهتمام (من أمه وجده) إلى القسوة والشدة من زوج أمه إبراهيم الحسن وضع بذوراً للسمات الزورانية (البارانوية) والسمات السيكوباتية (المستهينة بالمجتمع) في شخصيته فلكي يتكيف طفل مع رجل كهذا لابد وأن تحدث تحولات وتحورات في شخصيته لتواجه هذا الطوفان من الغلظة والعدوان.
ولم يتوقف الأمر على ذلك بل إن إبراهيم الحسن قد منع صدام من دخول المدرسة رغم أن صدام كان تواقاً لذلك ليكون مثل باقي الأطفال من ناحية وليهرب من قسوة زوج أمه من ناحية أخرى. وقد ترك هذا الأمر في نفسه أثراً كبيراً. باختصار فإن صدام قد عاش فترة حب نرجسية استمرت ثلاث سنوات وضعت فيها بذور نرجسيته الهائلة ثم عاش بعد ذلك فترة (من الثالثة حتى التاسعة) انتهكت فيها طفولته بكل ألوان القسوة والغلظة والرفض والحرمان، تلك الفترة التي وضعت فيها بذور سماته الزورانية والسيكوباتيه والطفل حين يواجه شخصية عدوانية مثل إبراهيم الحسن فإنه لكي لا يكون ضحية له إنه يتقمصه بكل عدوانه بل ربما يصبح أكثر عدوانية منه وهذا ما يسمى في علم النفس "التعين مع المعتدي" (Identification with the aggressor) وعلى الرغم من عدوانيته وشكه واحتقاره للآخرين إلا أنه يقف أمام المعتدي الأكبر (زوج أمه وأمريكا فيما بعد) وقفه سيكوباتية تتسم بالموالاة أحياناً وبالكره أحياناً وبالتهديد غالباً ولكنه عند المواجهة الحقيقية مع المعتدي الأقوى يخضع ويخنس لأنه بسكوباتيته يعلم انه لا قبل له بمواجهته ويفضل الاستمرار في الحياة حتى ولو كانت مهينة على المواجهة التي ربما تؤدي إلى هلاكه.
وهذا ربما يفسر سلوكه بعد ذلك أمام المعتدي الأمريكي فقد والاه فترة من الزمن ثم حاول التحايل عليه واقتناص فرصة ليأخذ فيها شيئاً لحسابه (الكويت) وظل يهدد ويتوعد ويستعرض ولكن عند لحظة المواجهة الحقيقية بالقوة القاهرة خضع وانسحب وقبل الهزيمة والإذلال. وتكرر ذلك في موضوع التفتيش عن الأسلحة فقد أرغى وأزبد وتوعد وطرد المفتشين، ولكن عند اللحظات الحاسمة وتأكده من جدية التهديد المقابل من المعتدي الأمريكي (رمز إبراهيم الحسن في حياته) فإنه كان يقبل بالتفتيش المذل والمهين. وهذا ما حدث أيضاً في معركة احتلال العراق حيث ظل يهدد ويتوعد بنفسه وعلى لسان الصحاف وغيره بشكل يوحي بأنه سيشعل الدنيا كلها ناراً، ولكن كعادته حين أصبحت المواجهة مع المعتدي الأمريكي (إبراهيم الحسن سابقاً) حقيقية انهارت كل دفاعه وسقطت كل دعاواه وفر محاولا الحفاظ على حياته التي يقدسها بناءاً على سماته النرجسية التي اكتسبها في سنوات عمره الثلاث الأولى.
ويظل أيضاً يرغي ويزيد في تصريحاته الصوتية بما يوحي لمن لا يعرفه بأنه على وشك استعادة العراق من يد المعتدي الأمريكي ولكنه في لحظة يسقط مستسلماً في حفرة انكمش فيها على نفسه ولم يقاوم (كما قاوم ولداه عدي وقصي حتى الموت) بل كان وديعاً هادئاً لدرجة جعلت من رآه يشك في أنه هو أو أنه كان مخدراً، ولكن الحقيقة هي أن التركيبة النفسية لشخصية صدام تفي بهذا السلوك فهو نرجسي محب لذاته ويعتبرها مركزاً للكون وبالتالي يجب الحفاظ عليها وتضخيمها كلما سنحت الفرصة لذلك وهو بارانوي يكره من حوله ويشك فيهم ويحتقرهم ويقتلهم إذا كانت الفرصة مواتية، وهو سيكوباتي يبحث عن اللذة بأي ثمن ويقع كثيرا في الأخطاء ولا يتعلم منها ولا يشعر بالخزي أو الندم أو الألم.
وعلى الرغم من وجود دلالات كثيرة على عوامل خطورة في شخصية صدام حسين مبنية على مشكلات نفسية واضطرابات سلوكية إلا أنه لا توجد آليات تمنع وصول مثل هذه الشخصيات إلى سدة الحكم والمسئولية خاصة في العالم الثالث الذي تؤدي ظروفه المضطربة وغياب آليات الديمقراطية والشورى فيه إلى قفز الشخصيات العدوانية أو المندفعة إلى السلطة ثم الاستبداد بها ولا يتركونها حتى يخلفوا وراءهم ركاما من الضحايا والكوارث.
وهنا نرى أن التركيبة النفسية لصدام تتلخص في شخصية نرجسية ملوثة بسمات بارانوية وسمات سيكوباتية، وفيما يلي تفصيل لجذور ودلالات تلك السمات:
جذور ودلالات السمات النرجسية في شخصية صدام
النرجسية هي حب الشخص لذاته وتمجيده لها وشعوره بأنه مركز الكون وإعطائه أهمية خاصة لنفسه فهو (في نظره) شخص ليس له نظير وهو ملهم وعظيم وخالد.
وكما ذكرنا فإن بذور النرجسية في شخصيته قد تم وضعها في ظروف نشأته المبكرة بعد وفاة أخيه الأكبر ووفاة أبيه قبل ولادته بثلاث شهور وإحساس من حوله بيتمه وانكبابهم عليه بالحب والشفقة والعطف.
وقد تبدت نرجسية صدام في إحساسه بنسبه فقد كان يدعى أن والده حسين المجيد ينتمي إلى عائلة حسينية الأصل يمتد جذورها إلى سيدنا الحسين بن علي (كرم الله وجهيهما) وأن والده كان يلقب بالحسن الصغير وأن جد والده كان رجلاً مباركاً له كرامات بحيث أن من كانت تتعثر في ولادتها تستخدم حزامه ليسهل لها الولادة (جريدة الأهرام 15/12/2003) وقد ربط صدام حسين (كأي نرجسي) نشأة والده ونشأته بتطور الأحداث والحياة في العراق وكأنها كانت إرهاصات تتراكم من أجل التمهيد لميلاد صدام الذي تتغير معه الحياة.
كان صدام يشعر في قرارة نفسه أنه زعيم ملهم قادته الأقدار وهيأت له الظروف لكي تتحقق على يديه المعجزات ولم لا وهو سليل بيت النبوة ( كما يرى هو ) وولد في العراق أرض النبوات ومركز الخلافة ورعي الغنم في صغره وتعلم السباحة والرماية وركوب الخيل ومات أبوه قبل مولده ومات جده وهو في الثانية من عمره.
وقد حمل صدام الكثير من الألقاب التي تجسد هذه السمات النرجسية ومنها: الرئيس المهيب، الفارس، الرفيق المغوار، المناضل، بطل التحرير، المجاهد، القدوة، باني العراق، صانع النصر، بطل السلام، الساجد، السامر، المؤمن.. إلخ.
وتأكيداً لهذا الشعور النرجسي الذي قهره زوج أمه (إبراهيم الحسن) وقهره المعتدي الأمريكي بعد ذلك فقد أقام ضريحاً فخماً في تكريت لوالده حسين المجيد قالت عنه وسائل الإعلام العراقية: "أنه شمخ في سماء تكريت صرح إيماني جديد أعاد إلى الذاكرة مجد الصروح التاريخية التي دفن فيها حسب المصادر الحكومية نفسها 40 صحابياً" (عن جريدة الأهرام 15/12/2003)
وكعادة النرجسيين كان صدام يرى في أفعاله بطولات وفتوحات عظيمة ويخلع عليها التسميات المناسبة لها في نظره، فقد أطلق على حرب الخليج الأولى مع إيران لقب (قادسية صدام) وأطلق على حرب الخليج الثانية لقب (أم المعارك) وأطلق على المعركة الأخيرة مع أمريكا (أم الحواسم) وكان واضحاً جدا استخدام صدام للرموز الدينية والأحداث التاريخية الإسلامية لتأكيد نرجسيته على الرغم من أنه لم يكن في سلوكه اليومي متديناً حسب رواية المقربين منه ويبدو أن أفكار صدام النرجسية عن نفسه قد تضخمت بفعل احتياجه الشخصي لها (دفاعاً ضد قهر ابراهيم الحسن ثم بوش بعد ذلك) وبفعل وسائل الإعلام العراقية المسخرة لتمجيده ليل نهار وبفعل العزلة التي حدثت بسبب الحصار السياسي والاقتصادي والثقافي تلك العزلة التي ساعدت على الابتعاد عن الواقع وتنامي المعتقدات المرضية الوهمية التي يعتقدها صدام حسين ويعتقدها من بعده الكثير من العوام والخواص بفعل القهر والخوف والاحتياج.
وربما يكون الأمر قد وصل إلى نوع من ضلال العظمة ( Delusion of Grandeur ) عند صدام، وانتقل بعده إلى طوائف من الشعب العراقي وهو ما يطلق عليه في الطب النفسي "الضلال المشترك" ( Shared Delusion ) وهذا ما حدث لهتلر والشعب الألماني إبان الحرب العالمية الثانية.
جذور ودلالات السمات الزورانية (البارانوية)
الزورانيه هي نوع من السمات الشخصية تتسم بالشك في الآخرين وعدم الثقة بهم وتوقع العدوان منهم والحذر وسوء التأويل والرغبة في قهر الآخرين والسيطرة عليهم.
وقد وضع إبراهيم الحسن (زوج أم صدام) البذور الأولى للسمات البارانويه في شخصية صدام بمعاملته القاسية وحرمانه له من الذهاب للمدرسة كباقي الأطفال وانتهاك طفولته المبكرة بالاعتداء الجسدي وتكليفه بأعمال لا يتحملها عادة الأطفال في مثل هذا السن (من الثالثة إلى التاسعة) إضافة إلى غياب الحب والحنان من جانبه، وضعف الأم وعدم قدرتها على حمايته من بطش زوجها.
وحين يهرب صدام من قسوة زوج أمه ويذهب ليعيش في كنف خاله خير الله طلفاح في بغداد يشعر بالرفض والانكماش من جانب ساجده بنت خاله (وزوجته فيما بعد) وأخيها عدنان ولكنه يحاول التكيف مع هذا الموقف رغم اختزانه له في نفسه ليخرج عدواناً على بعض أفراد عائلة خير الله بعد ذلك وصل إلى درجة القتل.
ويحدث رفض آخر قاس لصدام حسين حين يتقدم للحاق بالكلية العسكرية فيرفض نظراً لنقص وزنه ثلاثة كيلو جرامات، ويرفض معه عدنان خير الله ابن خاله نظراً لضعف في نظره، ولكن عدنان يدخل الكلية العسكرية لاحقاً بتسهيل من القوميين والبعثيين كما قال صدام.
ومن الناحية النفسية نجد أن صدام عانى من تغير من يرعاه من وقت لآخر في حياته فهو قد حرم من حنان الأب، ثم حرم بعد ذلك من حنان الجد الذي رعاه لمدة سنتين، ثم عاش تحت قسوة إبراهيم الحسن، ثم انتقل للعيش عند خاله.
هذه النقلات التربوية تجعله لا يشعر بالانتماء لمربي ولا يشعر بالولاء لأحد وهذا يفسر الكثير من تصرفاته نحو أقرب الناس إليه فقد قتل الكثير من أقاربه وأصهاره دون أن يشعر بالندم بالإضافة إلى عدوانه على جيرانه دون اعتبار لرابطة العروبة أو الإسلام فهو لا ينتمي لشيء إلا لنفسه ولا يثق في استمرار أية علاقة إنسانية.
ثم تضيف القسوة والرفض اللذين عانا منهما كثيراً أبعاداً أخرى في شخصيته تتسم بالمرارة والكره والغضب والتوجس من الآخرين، وهذا يفسر طبيعة علاقة صدام بالآخرين وبالحياة من حوله فقد كانت حياته عبارة عن صدامات متكررة مع كل من حوله وكانت هذه الصدامات تصل إلى مستويات دموية على المستوي الفردي والدولي فكان على المستوى الفردي حين يحتد النقاش بينه وبين أحد يقوم هو بإنهائه بمسدسه حتى قيل أنه قتل في بغداد وحدها (بشكل مباشر أو غير مباشر) ما يصل إلى 41 ألف شخص.
أما على المستوى الدولي فقد اتسمت علاقاته بالصراع والصدام حتى وصل إلى حالة من العزلة الدولية التامة وهو يعتقد اعتقاداً جازماً غير قابل للمناقشة والتعديل أنه على حق وأن الآخرين يسببون له المشاكل، وأصبح لا يرى الواقع كما هو وإنما كما تصوره له معتقداته الخاطئة، ولذلك كانت حساباته دائماً خاطئة، وقد تسبب من خلال صراعاته الدولية في موت ما يقرب من مليون شخص في الحروب الخاسرة التي خاضها.
جذور ودلالات السمات السيكوباتية
الشخصية السيكوباتية هي شخصية تسير دائماً في اتجاهات غير تكيفية فهي لا تحمل ولاءاً لأحد بل تبحث دائماً عن اللذة الشخصية دون مراعاة مشاعر أو احتياجات الآخرين، وهي شخصية لا تحترم النظم والقوانين وتخترقها إذا سنحت الفرصة لذلك، وصاحب هذه الشخصية لا يتعلم من أخطائه ولا يشعر بالذنب ولذلك يعاود ارتكاب الأخطاء مرة بعد أخرى دون أن يستفيد منها، وهو شخصية قاسية لا يشعر بآلام الآخرين ومعاناتهم ويسخر كل شيء لخدمة أهدافه ومصالحة الشخصية.
ونظراً لتقلبات حياة صدام بين رعاية أمه وجده ثم قسوة وبطش زوج أمه ثم حياته في بيت خاله، فقد أصبح عديم الولاء للناس لأنهم في نظره يهجرون ويغدرون ولا يعتمد عليهم في شيء، ولكنه في نفس الوقت يشعر بالحاجة إليهم لكي يعيش، ومن هنا يتعلم المناورة والخداع والكذب لكي يعيش في هذا الجو المضطرب والمتقلب، ويتعلم التحايل على القساة منهم والقسوة على ضعفيهم وإرهابهم إذا لزم الأمر.
وما دام لا يشعر بالحب والولاء لهم، وفي نفس الوقت يشعر بالحب النرجس الشديد لذاته، لذلك فسوف نراه يكرس كل شيء لمصلحته ولا يراعي مصالح الآخرين ولا يحترم قانوناً أو نظاماً لأنه يرى أن كل هذه الأشياء لم تحمه في طفولته بالإضافة إلى أنها تمثل السلطة التي يمقتها لأنها تذكرة بإبراهيم الحسن زوج أمه.
وكان صدام دائماً في صراع مع رموز السلطة فحاول اغتيال عبد الكريم قاسم، وبعد ذلك أزاح أحمد حسن البكر من طريقه، ودخل في صراع مع ريادة مصر للأمة العربية وكون ما سُميَ بمجموعة "الصمود والتصدي" بهدف عزل مصر، ودخل في صراع بعد ذلك مع أمريكا كرمز للسلطة والقهر والعدوان يجدد لديه جرحه القديم مع إبراهيم الحسن زوج أمه العدواني القاسي ومن هنا كان اشتباك صدام الدائم مع السلطة بكل أشكالها ورموزها وخروجه على النظام العام وعلى الأعراف والتقاليد العربية والدولية.
وكأي شخصية سيكوباتية فإنه حين يواجه بقوة حقيقة فإنه يرغي ويزبد ويستعرض نفسه طالما أن المواجهة لم تصبح حاسمة ولكن ما أن يكتشف أن المواجهة أصبحت حاسمة فإنه يخضع ويذل لأنه حريص على مصالحة الشخصية وعلى حياته وليست له مبادئ سامية يتمسك بها ويشعر بشرف الموت من أجلها وهذا يفسر الكثير من سلوك صدام حسين الذي يتسم بالعنجهية والاستعراض لفترة ثم بالخضوع والاستسلام حين يجد الجد، ويفسر أيضاً بقاء صدام حسين على قيد الحياة حتى الآن، فهو لا يحمل قيماً عالية تدفعه للقتال والموت من أجلها ولكن يحمل قيماً نفعيه نرجسية تجعله يستميت للحفاظ على حياته.
حتى لا تلدغ الإنسانية من جحر مرة أخرى
لقد عانت البشرية كثيراً من صدام وهتلر ونيرون وغيرهم كثير من الزعماء المرضى أو مضطربي الشخصية ومات الملايين بسبب سلوكهم المضرب، فهل نمر على تلك الأحداث دون استفادة ومراجعة حتى نفاجأ من وقت لآخر بزعيم مضطرب يشقى به الملايين إلى أن يتم السيطرة عليه.
هذا يعيدنا إلى اقتراح هام أثير في الجمعية العالمية للطب النفسي أخيراً يقضي بأن تكون هناك رقابة طبية ونفسية على زعماء العالم من قبل هيئة طبية دولية تتبع الأمم المتحدة وتكون وظيفتها الاكتشاف المبكر للسلوكيات المرضية لدى من بيدهم مقاليد الأمور وذلك للتدخل في الوقت المناسب لمنع تفعيل الأفكار المرضية أو الاتجاهات المضطربة إلى سلوكيات خطره يدفع العالم كله ثمنها وإذا كان من يطلب التصريح برخصته سلاح يتم عرضه على طبيب نفساني للتأكد من سلامته النفسية (وهو لن يحمل أكثر من مسدس أو بندقية) فمن باب أولى أن يتم التأكد من السلامة النفسية لمن يملكون مفاتيح ترسانات الأسلحة التقليدية والنووية خاصة في الدول التي يتسم فيها الحكم بالفردية.
فهل يا ترى يمكن تطبيق هذه الفكرة حتى يعيش العالم في سلام؟
واقرأ أيضاً:
في تحليل شخصية صدام حسين / مجانين تنعي صدام حسين مشاركات2 / مذكرات صدام تكشف مفاجآت مثيرة / الحكّام أم الشعوب.. مرضى نفسيا؟!