على الرغم من أن قلق الامتحانات ظاهرة عامة تصيب كل الناس تقريباً بدرجات مختلفة، وربما يعتبر القلق بدرجاته المعقولة حافزاً للدراسة والإجادة، فنجد بعض الطلاب المتميزين يضعف أداؤهم إلا انه في بعض الأحيان يتجاوز هذه الحدود المفيدة والمحفزة ويصبح عائقاً أمام عملية التعلم ويؤثر تأثيراً شديداً على الأداء في الامتحانات في الامتحانات بسبب هذا القلق رغم أنهم يكونون قد بذلوا جهوداً هائلة في المذاكرة طوال العام . والقلق ليس قاصراً على الطلاب فقط بل يشمل أيضاً الآباء والأمهات وربما يكون الأخيرين هم أحد مصادر القلق الهامة لدى أبنائهم دون أن يدروا، فما الذي يجب أن نفعله تجاه هذا القلق؟ ليس هدفنا إزالة قلق الامتحانات، فقد ثبت أنه مفيد في درجاته المعقولة، ولكن الهدف هو تخفيض حدته وتعلم مهارات السيطرة عليه حين يتجاوز حدوده المفيدة.
فالقلق يمكن أن يكون أحد احتمالين:
1 - إشارة تحذير لكي نقوم بفعل أشياء يتوجب علينا فعلها أو حل مشاكل تتطلب المواجهة
2 - تشويش للعقل وتعطيل لملكاته .
ما هي أعراض قلق الامتحانات ؟
تنقسم الأعراض إلى ثلاث مجموعات رئيسية:
1 - أعراض نفسية: مثل التوتر، الانزعاج لأسباب بسيطة، أفكار سلبية حول الذات ( الشعور بالدونية وعدم القدرة على تحقيق النتائج)، توقعات سيئة للمستقبل، الشعور بعدم الارتياح، الشعور بالخوف والترقب، الشعور بزيادة الضغوط وتراكم المسئوليات وعدم القدرة على الاحتمال، سرعة الاستثارة، العصبية، الرغبة في الصراخ، الشعور بأن العقل في حالة تسارع متزايد أو في حالة تجمد وانحسار.
2 - أعراض جسمانية: مثل الشعور بالتعب والإرهاق، الصداع، شد في العضلات، اضطرابات في البطن، غثيان، قيء، الرغبة في التبول والتبرز مرات كثيرة، الدوخة، سرعة التنفس، الإحساس بالاختناق، سرعة ضربات القلب، رعشة وبرودة في الأطراف، زيادة إفراز العرق، الإحساس بالسخونة أو البرودة الزائدة .
3 - أعراض تفادي وسلوكيات تعويض: مثل عدم الذهاب للمدرسة، الاعتذار عن مواعيد الدروس الخصوصية أو التهرب منها، الخوف من المواجهة، الخوف من دخول الامتحانات والرغبة في تأجيلها، كثرة النوم ليلاً ونهاراً، محاولة الانشغال بأشياء أخرى (مشاهدة التليفزيون، قراءة القصص والمجلات، الخروج مع الأصدقاء) .
ما هو تأثير القلق على العمليات العقلية ؟
1 - التأثير على الذاكرة: تنقسم الذاكرة إلى ثلاث عمليات رئيسية هي الاستقبال والتخزين والاسترجاع Recall ، والقلق هنا يؤثر على كفاءة العمليات الثلاث، لذلك حين نكون قلقين نشعر بأننا لا نستطيع التركيز ولا نستطيع الاحتفاظ بالمعلومات الواردة للمخ، ولا نستطيع استعادة المعلومات المختزنة
2 - التأثير على التفكير : بما أن التفكير عملية معقدة تحتاج لقدرات عقلية متعددة فإن القلق يؤثر كثيراً في القدرة على التفكير السليم ، لذلك يمكن أن تحدث حالة تسارع للتفكير (Racing) دون سيطرة، أو تحدث حالة انغلاق وتوقف (Black out ) .
3 - ظاهرة فراغ العقل: بعض الطلاب يبذلون جهداً كافياً في المذاكرة، ولكنهم في بعض الأوقات وخاصة قبل الامتحان بأيام قليلة أو أثناء الامتحان يشعرون وكأن عقلهم أصبح فارغاً تماماً من المعلومات، وهذا يؤدي إلى حالة من الانزعاج وأحياناً تصل إلى درجة الهلع، وبعضهم ينظر إلى ورقة الأسئلة وكأنها مكتوبة بلغة لا يفهمها أو أنها بيضاء تماماً أو سوداء تماماً، وتحدث حالة من فقد الذاكرة المؤقت وانغلاق التفكير هذه الحالة هي نتيجة لدرجة عالية من القلق، وهي شعور كاذب بفقد الذاكرة وفقد القدرة على التفكير، ويكفي الشخص أن يجلس لبعض الوقت ويحاول استعادة هدوئه وسوف يجد أن باب الذاكرة ينفتح بالتدريج وأنه أصبح قادراً على قراءة بعض الأسئلة، وأصبح قادراً على استرجاع المعلومات الخاصة بها شيئاً فشيئاً، فالأسئلة نفسها تعتبر مفاتيح للذاكرة المختزنة .
وأحد أسباب هذه الظاهرة أيضاً هو أن الطالب يحاول قبل الامتحان بأيام أن يتذكر المادة أو المواد التي درسها دفعة واحدة فيعجز العقل عن ذلك (ومثال لذلك إذا حاول شخص يجلس أمام الكمبيوتر أن يفتح كل النوافذ وكل البرامج دفعة واحدة )، فالعقل لا يستطيع أن يعمل بهذا الشكل (وكذلك الكمبيوتر)، ولكنه قادر على التعامل مع مفاتيح معينة بشكل مبسط ومحدد، ولذلك فالطالب الذي كان يشعر بفقد كل المعلومات قبل الامتحان بأيام قليلة يصبح قادراً على التذكر حين يجلس في لجنة الامتحان ويتناول ورقة الأسئلة، حيث تعتبر الأسئلة هنا مفاتيح نوعية لأبواب الذاكرة المختزنة .
والسبب الأخير هو أن بعض الطلاب حين يقرؤون موضوعاً يعتقدون أنهم قد فهموا المقصود من هذا الموضوع ، ولكن هذا الفهم وحده غير كاف لتذكر الموضوع وكتابته في الامتحان لذلك لابد من محاولة الاسترجاع ( التسميع ) أثناء المذاكرة وذلك بإغلاق الكتاب ومحاولة استعادة النقاط الأساسية في الموضوع واستعادة التفاصيل المتضمنة في هذه النقاط، وبذلك نتأكد أن الموضوع قد تم حفظه في الذاكرة فعلاً (والمثال المقابل لذلك هو الشخص الذي يجلس أمام الكمبيوتر لساعات طويلة يقرأ ويشاهد أشياء كثيرة، ولكن لن يتبقى على الكمبيوتر بعد إغلاقه إلا ما قد تم إعطاء الأمر بحفظه).
كيف نعدل أفكارنا واتجاهاتنا نحو القلق ؟
حين تشعر بالقلق أو زيادة الضغوط حاول أن تتبنى أو تمارس النقاط التالية :
1 - إنه من المتوقع أن أشعر بالقلق في هذه الظروف، لذلك فأنا لا اشعر بالفزع تجاه قلقى الحادث الآن .
2 - أريد أن أمر بهذه الخبرة وأواجه أعراض القلق لكي أتعلم كيف أتعامل مع هذه الأعراض، وليس هناك حاجة للخوف من كل ذلك .
3 - إن تعاملي مع الموقف الحالي هو مجرد تجربة (بروفة) لتعاملي مع مواقف أخرى، ونجاحي في هذه التجربة يعطيني ثقة في نفسي وفي مستقبلي، وعدم نجاحي يحفزني لمحاولات أخرى أكثر فاعلية .
4 - إنه من المهم أن أحاول وأن أبذل جهداً، وسوف أستمر - بعون الله - في المحاولة والتعلم منها ومن أخطائي .
5 - أنا أستطيع التحكم في بذل الجهد ولا أستطيع في كل الأحوال التحكم في النتائج .
كيف نتغلب على قلق الامتحانات ؟
ربما يكون هذا هو السؤال الأهم في هذا الموضوع وسوف نوجزه في النقاط المحددة التالية
1 - اهتم بإعداد نفسك جيداً للامتحان من أول السنة الدراسية .
2 - تعامل مع الامتحان بثقة وانظر إليه على أنه فرصة لإظهار جهدك وتعبك طوال العام .
3 - مارس عملية الاختبار الذاتي من خلال الإجابة على أسئلة أو حل امتحانات .
4- حافظ على نمط حياة صحي بأن تأخذ قسطاً كافياً من النوم، وتتناول غذاءً متكاملاً وتمارس الرياضة البدنية، وتمارس بعض الهوايات الشخصية المحببة، وتحتفظ بقدر معقول من العلاقات الاجتماعية .
5 - تعود على ممارسة وقف التفكير السلبي خاصة حين تجد أفكاراً انهزامية تقتحم عقلك مثل: " الامتحانات ستكون صعبة جداً هذا العام .. أنا سأكون أقل من زملائي .. أنا فهمي بطيء وقدرتي على التفكير ليست مثل بقية زملائي .. أسرتي سوف تلومني على تقصيري .. حين تظهر النتيجة سينظر إلي الجميع باحتقار ... " .
6 - تعود على التفكير الإيجابي كأن تقول : " لقد أديت ما في استطاعتي وذاكرت بشكل جيد وسيكون أدائي جيداً في الامتحان .. هذا ليس أول امتحان ولا آخره ، دائماً هناك فرصة للتعويض " .
7 - حين تشعر قبل الامتحان بأيام قليلة أن رأسك خالية تماماً من المعلومات التي ذاكرتها ، لا تنزعج فهذا شعور غير حقيقي (كما قلنا من قبل) وهو يدل على أن درجة القلق لديك عالية، وكل ما تحتاجه هو أن تهدئ نفسك وسوف ينفتح باب الذاكرة في الوقت المناسب ، وتذكر أن هذا الشعور يساور الكثير من الطلاب وعلاجه هو مواصلة المذاكرة مع محاولة استعادة الهدوء
8 - قبل الذهاب للسرير في الليلة السابقة للامتحان قم بجمع الأدوات التي سوف تحتاجها مثل القلم الجاف والقلم الرصاص والمسطرة والممحاة والآلة الحاسبة ......الخ .
9 - تأكد من وقت الامتحان ومكانه .
10 - اضبط المنبه ثم استلق في السرير واترك نفسك للنوم ولا تشغل نفسك بموعد دخولك في النوم بل دعه يأتي تلقائيا في أي وقت، وحتى لو تأخر بعض الوقت فيكفي أنك في حالة استرخاء على السرير. وكلما حاولت الأفكار والمخاوف أن تقتحم وعيك انشغل عنها بمزيد من الاسترخاء والتنفس الهادئ المنتظم وتخيل أنك تسدل ستارة بينك وبين هذه الأفكار والمخاوف .
11 - تجنب تناول أي منبهات في المساء ليلة الامتحان حتى تستطيع أن تحصل عل نوم هادئ . تجنب أيضاً تناول المهدئات والمنومات ( إلا باستشارة طبيب متخصص في الطب النفسي ) حيث أن بعض المنومات والمهدئات قد تؤثر على الذاكرة والتركيز .
12 - لا تذهب إلى الامتحان وبطنك خاوية، حاول تناول إفطار خفيف ومناسب. تذكر أن الخضروات والفواكه الطازجة تقلل من التوتر، في حين أن الأطعمة المحفوظة والمملحة والمخزونة، والمشويات والشيكولاتة، والمشروبات الغازية، والأطعمة المحتوية على شطة أو توابل كثيرة كلها تزيد من التوتر النفسي.
13 - اذهب للامتحان في وقت مناسب بحيث لا يكون مبكراً جداً ولا متأخراً جداً .
14 - لا تتحدث مع أصدقائك عن موضوعات الامتحان بل الأفضل قضاء اللحظات التي قبل الامتحان في أحاديث ودية مرحة وخفيفة .
15 - حين يتم توزيع ورقة الأسئلة حاول تهدئة نفسك بأخذ نفس هادئ وعميق ومنتظم مع قراءة بعض الأدعية الدينية تستجلب بها العون والتوفيق من الله .
16 - حين تتسلم ورقة الأسئلة اقرأ التعليمات جيداً واقرأ الأسئلة بإمعان، وركز في الامتحان فقط ولا تنشغل بما يدور حولك من كلام الزملاء أو حركاتهم، ولا تفكر في الامتحانات السابقة ولا في الأهداف المستقبلية، فقط ركز انتباهك في الامتحان .
17 - ربما تمر لحظات وأنت تشعر أن عقلك ممسوح تماماً وأنك غير قادر على تذكر أي شيء .. لا تقلق واحتفظ بهدوئك وسوف يعود نشاطك العقلي بعد قليل من الوقت .
18 - إذا شعرت بالتوتر أثناء الامتحان خذ راحة لبضع دقائق وحاول تهدئة نفسك . قم بشد يديك ورجليك للأمام ثم دعهما بعد ذلك يسترخيان، وكرر ذلك مرتين. خذ أنفاس هادئة وعميقة، وقم بترديد بعض العبارات الإيجابية داخل نفسك مثل: "أنا بحالة جيدة والحمد لله وسوف أقوم بحل الامتحان" . تذكر دائماً أنه كلما انخفض مستوى القلق ارتفع مستوى الذاكرة والتفكير .
19- إذا وجدت أن الامتحان أصعب مما توقعت، حاول فقط أن تركز وأن تبذل ما في وسعك في هذه اللحظات .
20- حين تنتهي من الامتحان تماماً عالج آثار القلق الذي أصابك أثناءه بأن تخرج في نزهة أو تقضي بعض الوقت مع الأصدقاء أو تمارس هواية محببة. أما إذا كانت هناك امتحانات تالية فيمكنك أخذ أوقات قصيرة تفعل فيها ذلك لتجديد نشاطك ثم تعود للمذاكرة مرة أخرى.
21 - تعتبر مهارات الاسترخاء شيئاً أساسياً للتعامل مع ضغوط المذاكرة والامتحانات ، فمن خلال الاسترخاء نتعلم كيفية التخلص من التوتر وكيفية تهدئة إيقاع النفس والجسم .
22 – إذا لم تفلح كل هذه المحاولات في تخفيض درجة القلق، ووجدت أنه يؤثر في ذاكرتك وقدرتك على التفكير فلا مانع من استشارة طبيب نفسي.
واقرأ أيضًا على مجانين:
استشارات عن الامتحانات / فن المذاكرة / استشارات عن المذاكرة