في ظل حالة التوقف الجبري لبرنامج "صناع الحياة" الذي كان يقدمه الأستاذ "عمرو خالد" محاولا فيه أن يصيغ أدوارا لآحاد الناس ومجموعاتهم بالتعاون مع حكوماتهم ومع المؤسسات الدولية، ورغم ذلك فقد ضاق به البعض ذرعا في ظل حالة من الضغط والاحتقان والاستبداد السياسي تعيشها مصر خاصة والأمة العربية عامة، وفي ظل مطالبات الإصلاح التي تعلي من شأن السياسي وتغفل التنموي، وذلك في ظل حالة من تدهور تنموي وحضاري نتجت عنها حالة من التبعية..
في ظل كل ذلك أحاول أن أستكمل المسيرة والرسالة التي أراد البرنامج أن يقولها وذلك بأن أقدم "روشتة" موجزة أضع بها إطارا عاما يحدد مجال الرؤية لعملية صناعة الحياة في مجتمعاتنا لمن أراد أن يستمر في يستمر في أداء دوره في صناعة الحياة:
صناعة الحياة..هي التنمية
• صناعة الحياة ليست أعمال متناثرة لا تربطها منظومة ما، بل هي عملية مترابطة و متواصلة ما استمر الإنسان على ظهر هذه الحياة، وهي -فيما أرى- العملية التي تعارف الناس على تسميتها بالتنمية.
• والتنمية هي عملية ناتجة عن تفاعل الإنسان في مجتمعه مع المكان في إطار الزمان بهدف تحصيل احتياجاته.
• احتياجات الإنسان في مجتمعه ذات مراتب متدرجة من الأهمية لحياة الإنسان، أولها الضروريات والتي يرتبط بها بقاؤه أو فناؤه وجودا أو عدما، وثانيها الحاجيات التي تحدث النماء في حياته، وثالثها التحسينيات التي تحقق له السبق.
صناعة الحياة.. مراتب
• تتدرج مراتب عملية صناعة الحياة (التنمية) من حيث الأهمية بتدرج الاحتياجات الإنسانية، فتأتي تنمية البقاء في المرتبة الأولى، وتنمية النماء في مرتبة تالية، وتنمية السبق في مرتبة ثالثة.
• لا يجوز تقديم مرتبة من مراتب عملية التنمية في مجتمع قبل استيفاء المرتبة السابقة لجميع أعضائه.
• ولا يجوز التأثير سلبا على تحقيق مصلحة ضرورية لقطاع أو شريحة من المجتمع من أجل تحقيق مصالح حاجية أو تحسينية لقطاع أو شريحة أخرى.
صناعة الحياة..عناصر وبيئات
• عناصر عملية صناعة الحياة الرئيسية ثلاث هي: الإنسان الفاعل في مجتمعه الحي، و المكان ونعني به الموارد الطبيعية (الأرض وما عليها من نبات وحيوان وماء وما فوقها من هواء)، والزمان.
• لصناعة الحياة بيئة تعيش فيها إذا صلحت، وتموت أو تمرض أو تشوه فيها إذا فسدت. عناصر هذه البيئة تنقسم إلى عناصر مادية، وعناصر غير مادية، يدعم كل منها الآخر ويقويه إذا أحسن إليها ويضعفه إذا أسيء إليها.
• عناصر البيئة المادية لصناعة الحياة هي نفسها عناصر البيئة الطبيعية وهي الأرض وتربتها، وما تحويه في باطنها من ثروات أو نذر كوارث، وما تحمله فوقها من ماء وما يعيش عليها من كائنات، وما يحيط بها من هواء.
• عناصر البيئة غير المادية تشمل: التعليم وكافة طرق التدريب والتربية وتمثل قاعدة لعملية التنمية، والمنظومة الأخلاقية وتمثل غلافا جويا لها، ثم نظام التدافع السلمي في إطار المجتمع (المحلي، والقومي والدولي) كطبقة تالية إلى الداخل، ثم كفالة أمان الإنسان في جماعته البشرية كألصق طبقات ذلك الغلاف الجوي بعملية صناعة الحياة.
• يمثل تأمين حاجات الإنسان الأساسية قلب عملية صناعة الحياة (أو التنمية) بمراتبها الثلاث:تنمية البقاء وتنمية النماء وتنمية السبق.
• درء المفسدة التي تضر بعناصر عملية صناعة الحياة ومراتبها ومتطلبات تحقيقها، مقدم على جلب المنفعة فيما يخص كل تلك الأمور.
• الحفاظ على تنمية "بيئة التنمية" بعنصريها (المادي وغير المادي) يضمن تواصل عملية التنمية للأجيال الحاضرة والمستقبلة من البشرية.
دورك في التنمية..كيف تحدده؟
• الإنسان الفاعل: يستطيع أن يحدد دوره في صناعة الحياة من خلال عمليتين:
- الأولى: التعرف على الذات: والذي يعين الإنسان عليه أن يجيب بنفسه على نفسه الأسئلة التالية: ما هي مقومات ذاته تلك؟ أي ما هي خصائصها؟ ما جوانب الضعف فيها وجوانب القوة؟ وبالتالي ماذا تتيح له جوانب القوة من فرص، وما تفرضه جوانب الضعف من معوقات؟ وهل جوانب الضعف والقوة تلك يمكن أن تتغير، بأن يصبح الضعف قوة والقوة ضعفا؟ ماذا يملك من معارف ومهارات وماذا يمكنه أن يكتسب منها؟ وماذا تتيح له تلك المعارف والمهارات من فرص للفعل؛
وفي المقابل أيضا ماذا يفتقد من معارف ومهارات، وما الذي لا يستطيع تحصيله منها؟ وماذا تفرضه تلك المعارف والمهارات المفتقدة من معوقات على حركته؟ وقبل ذلك وبعده ماذا يحب وماذا يكره؟ فإذا كان لا يحب ما يفعل، فليفعل ما يحب.
- الثانية: التعرف على المحيط: ويشمل: محيط العلاقات: الأسرة والقرابة، والجيرة والصداقة، والمصالح المشتركة أو المتبادلة، والمحيط الجغرافي: ويشمل دوائر متدرجة الاتساع من الحي (أو القرية)، إلى المدينة إلى القطر، الإقليم، والمحيط الدولي. والتعرف على المحيط يتحقق بإجابة تلك الأسئلة: ما هي خصائص ذلك المحيط؟ وما هي تأثيراته بسلبياتها وإيجابياتها؟ وما هي احتياجاته؟ ما هي مشكلاته؟ وما هي المعوقات التي يفرضها، والمخاطر التي تأتي من جهته؟ وما هي الفرص التي يتيحها.
عناصر المجتمع الحي
• المجتمع الحي: هو ذلك المجتمع الذي يتمتع بالتعددية في ظل وجود أسس للتدافع السلمي، والتعددية الاجتماعية تتحقق من خلال:
- مجموعات فئوية: مثل اتحادات الطلاب، ونقابات العمال، وطوائف الحرف والأرزقية، والنقابات المهنية، وتعاونيات المزارعين.
- مجموعات عصبية: كالعائلات والعشائر والقبائل.
- مجموعات جهوية: ويحققها نظام بلديات منتخب وحقيقي يضمن لسكان جهة ما (قرية أو حي) تحقيق مصالحهم اليومية، في إطار من استثمار مواردهم المحلية.
- أطر مصلحية: كالمؤسسات الحرة للأوقاف الخيرية، والتعاونيات، والشركات.
- أطر لدرء المفسدة: مثل جماعات حماية المستهلك، وجماعات حماية البيئة، وجماعات الدفاع عن حقوق المستضعفين في الأرض، واسترداد حقوق المظلومين، ومقاومة الفساد المالي والإداري.
- مجموعات تخصصية: ونعني بها الجمعيات العلمية المتخصصة والتي تعنى بتقدم أهل كل تخصص في تخصصهم، وبنشر أبحاثهم ونقدها، والتي تضمها أطر أوسع لجمعيات علمية لأصحاب كل تخصص مهني كالجمعية الطبية والهندسية والجغرافية والتاريخية.
وأخيرا لعلي أكون قد وفقت في وضع إطار عام موجز وواضح المعالم يحدد مجال الرؤية للأفراد ومؤسسات المجتمع الأهلي وكل المهتمين بالتنمية من أجل صناعة الحياة لأمتنا ومجتمعاتنا، فإن وفقت فمن الله وإن أخفقت فمن نفسي.
اقرأ أيضاً على مجانين:
روسيا 93..أعراض ما بعد الانهيار / الأسس الغائبة عن مطالب الإصلاح