الفن للفن أم الفن للمجتمع (2)
3- مذكرات مراهقة:
انه أكثر خطورة في رسائله لأنه بداية من عنوانه ومرورًا بأحداثه يخاطب المراهقين أو قل المراهقات وهو يخاطبهم بمنطق شباك التذاكر ولذلك فلا مانع في سبيل ذلك أن يدغدغ مشاعر المراهقات ويلعب بعواطفهم وهو يدري أو لا يدري أنه يلعب في المنطقة الخطرة التي لا يصلح فيها الهزل.. فالبطلة فتاة في الثانوي تحلم بفتى أحلامها.. فيتجسد أمامها حقيقة..
الرسالة.. "احلمي وأمعني في الأحلام فستجسد فتاك أمامك" وكان المراهقات يحتجن المزيد من الغرق في الخيال والبعد عن الواقع ترى فتاة الثانوي الشاب الذي رأته في الحلم فتندفع بكل قوة للحديث معه وعمل علاقة عاطفية حميمة يتم تبادل القبل فيها خلال ساعات ـ الرسالة ـ إذا رأيت الفتي الذي يعجبك فتقدمي إليه وفاتحيه وأعرض حبك عليه وابدئي علاقتك الحميمة معه على الفور ـ ليدعوها إلى كوخه وسط الشلالات ويعرض عليها بسرعة أن تلبس ملابس أمنا " حواء" وتمانع في هذه المرة ولكن في المرة القادمة وبعد أن أعطتها زميلتها النصيحة وهي ليست لها فقط بل لكل البنات.. بأن تعطيه ما يريد حتى تورطه ويتزوجها.. وتذهب إليه هذه المرة في كوخه "مزيد من الخيال والإمعان في دغدغة مشاعر المراهقات" حيث يكون نائمًا وهو عار فيفتح عينه ويراها أمامه...
ليعلن أن هذه الليلة يجب أن تشهد ميلاد الحب... وعندما تقول لا بد من الزواج يتزوجا مثلما تزوج آدم وحواء.. وينزلا الشلالات ويستحما سويًا ويتبادلا القبل والأحضان.. وبذلك ضمن أصحاب الفيلم أن الصالة قد اشتعلت وأن الفتيات سيشاهدن الفيلم أكثر من مرة، وسيدعون زميلاتهن للحضور والمشاهدة.. هذه الإطالة في مشاهد العلاقة العاطفية.. تجعل الرسالة هي أن الاستمتاع بهذه اللحظات يهون أمامه كل ألم بعد ذلك...
الفتاة تستدعيها ناظرة المدرسة وتواجها بشريط الفيديو... وتطلب منها الكشف الطبي... لا تنهار الفتاة بل ترد على النظارة بكل وقاحة.. أن جميع الفتيات في المدرسة يجب أن يخضعن للكشف الطبي مثلها "الرسالة الجميع مثلي.. والرسالة للفتيات.. الجميع يفعل ذلك فلا تقلقي" والتأكيد ذلك فالفتاة الصعيدية ذهبت لعمل عملية رتق غشاء البكارة وخدعت الجميع ونزل الدم منها عندما ذبحوها على حد تعبير زميلتها.. الرسالة.. حتى في الصعيد لم يستطيعوا اكتشاف العملية..
الفتاة تكتشف حملها وتسعد بذلك وتعلن رغبتها في الاحتفاظ به.. هي تدافع عن ثمرة الحب.. وهو الموقف الثابت في الفيلم.. فهو تواجه الجميع حتى الأب بأنها تحب وأنها فعلت ذلك لأنها تحب.. وأن الحب مبرر كاف وقوى لكل ما فعلته وأنها لا تريد تكرار خطأ الأب الذي ضحى بحبحه والرجل لم يجد ما يدافع به غير أن الرجل لا يحمل ولكن المرأة تحمل... هذا هو الخطأ فقط... ويسمح الأب والأم للبنت بالذهاب لإحضار حبيبها العائد لإصلاح الخطأ... وهو الحمل والفضيحة ولكن لأن هذا العصر ليس عصر الحب.. فهي رومانسية في عصر لا يعرف الرومانسية.. خطؤها أنها لم تكن مثل زميلتها التي سألها زميلها كم عرفت من الرجال... قالت كثير ولكن لم يلمسني أحد ولن أسمح لأحد أن يلمسني.. إذا فمشكلة البطلة أنها لم تكن فاجرة ومجرمة مثل زميلتها التي ارتكبت كل الجرائم في الفيلم ولم يشر لأي عقاب قد وقع عليها...
خلاصة الرسالة لكل فتة مراهقة... إذا رأيت فتكي أحلامك فأذهبي إليه وأقيمي معه علاقة ولكن كوني حريصة حتى لا ينكشف أمرك.. افعلي كل شيء فيجب ألا تكوني رومانسية أو ساذجة فما أوقع البطلة في المشاكل هو سذاجتها وسيأتي الحبيب ويعود إليك ويتقدم لأبويك.. لا تخافي ولا تقلقي فإنه سيحافظ على العهد الذي قطعه على نفسه وهو يعاشرك جنسيًا لمجرد كلمات قالها لك فتتزوجيه مثلما تزوج أبوك آدم وأمك حواء إن بطلة الفيلم ظروفا فقط لم تكن مواتية...
ولكن الحب يستحق التضحية بكل شيء ولكن العيب في الزمن الذي لا يعترف بالحب أو يفهمه... إن أخطر ما أواجهه في حواري مع فتيات المدارس الثانوية حول العلاقة مع الجنس الآخر... هو ما يقدمه هذا الفيلم.. أننا يجب أن نحب ونستمتع بهذا الحب ونضحي مهما كان سنه صغيرًا فهو يحبنا أيضًا وسيتوج الحب بالنهاية السعيدة... لن نكرر ما نقوله لبناتنا حول الشعور الفطري بالميل نحو الجنس الآخر ووقته المناسب والحب وللارتباط فهذا قدمناه ونحن نناقش فيلم " فيلم ثقافي"
ولكن ما أردنا أن نضيفه هنا هو ضرورة اليقظة ونحن نكتب أو نصنع فيما نجعل عنوانه جاذبًا للمراهقات ثم ندغدغ مشاعرهم.. نعم إن شباك التذاكر قد يكون أحد الأهداف لصناع الأفلام ولكن ياليتهم يبتعدوا عن اللعب في هذه المرحلة الخطرة وتوصيل الرسائل الملغومة عن قصدًا أو غير قصد... إن فيلما يمكن أن يفسد جيلا ويضيع مستقبل أمة.. جرأة أن نتناول قضايانا بصراحة ولكن الأهل ألا يفلت زمام الأمر نشجع الإدمان من حيث أن نريد أن نحار به أو نشيع الفاحشة من حيث ندعي أننا ضدها.
في نهاية هذا الاستعراض لما أسميناه الرسائل التي تحملها الأفلام الجديد.. نود أن نوجز ما أردنا أن نوصله نحن من رسائل فنقول...
إن الفن بصورة عامة.. والفن السينمائي بصورة خاصة يحمل رسالة تصل للمتلقي.. أدرك ذلك صاحب العمل أو لم يدرك... شاء أم أبي.. وتلك هي مصيبة الأفلام المصرية الجديدة.. أن الكثيرين فعلا لا يدركون أو لا يقصدون ما توصله أفلامهم من رسائل... لأنه تحت ادعاء رصد الواقع أو التفاعل معه.. يقدمونا الواقع كما هو في بعض الأحيان وربما لبعض المبالغة السينمائية في أحيان أخرى..
ولكن دون أي رؤية أو تصور لما يحدثه هذا لع رض من أثار في نفوس المتلقين أو فكر يناقش هذا الواقع أو يحاول أن يغريه حيث تكون الرسائل السلبية أو قل الملغومة هي المحتوى الحقيقي لهذه الأفلام.. وصاحبها لا يدري.. خاصة إذا كان يتعرض لمشاكل فئة خطيرة مثل الشباب والمراهقين والعلاقة بين الجنسين..
والحب أو الجنس في حياة هؤلاء.. وهي قضايا تحتاج إلى حرص كبير عند تناولها ولابد لمن يتناولها أن يكون لديه رؤية لما يريد أن يقول أو يوصله.. لأن رصد المشكلة وحده ليس كافيًا خاصة في العمل السينمائي.. لأنه في هذه الحالة سيكون دوره في تكريس الواقع أخطر من علاجه أو محاولة التنبيه لخطورة ما يحدث.. لأن المشهد التمثيلي المصور..
إذا لم يكتب ويخرج بحرفية وحساسية تضع في الاعتبار خطورة ما يحمل من رسالة.. وطبيعة المتلقي فإن الأمور تختلط بصورة لا نتخيلها خاصة وإذا كان المتلقين هم جمهور الشباب المراهقين الذين هم أصلا لفي حالة حيرة وقلق واضطراب.
إذا لم يكن لدينا ما نقوله بحق ورؤية لما نريد توصيله من أفكار ومعان وقيم فلنصمت حتى يكون لدينا ما نقوله لأننا عندما نقول ما لا ندرك أو نفهم فإننا نضر أكثر مما ننفع
واقرأ أيضا:
هل الفصام ..... هو ازدواج الشخصية ؟!!! / ضحايا الاعتقال المنسيين / ماذا نريد من جمعيتنا المصرية للطب النفسي؟1